من شرق السودان لغربه.. قتلى واشتباكات وقلق أممي
من شرقي السودان إلى غربه، كان البلد الأفريقي على موعد مع تطورات عدة، بينها إنهاء اعتصام، ومقتل العشرات في اشتباكات أثارت قلقا أمميا.
وإلى مدينة بورتسودان الساحلية في شرقي السودان، حيث المحتجون الذين أغلقوا الطرق المؤدية إلى موانئ البلاد الرئيسية، والذين أعلنوا إنهاء اعتصامهم بعدما تقدم والي البحر الأحمر باستقالته تلبية لمطالبهم.
وأغلق عشرات المحتجين في بورتسودان، الإثنين، طرقات رئيسية تقود إلى ميناء المدينة الرئيسي على البحر الأحمر، اعتراضا على اتفاق سلام وقعته الحكومة السودانية في جوبا مع عدد من الحركات المتمردة المسلحة عام 2020.
وأثار الجزء المتعلق بشرق السودان في الاتفاق غضبا لدى قبائل البجا التي تعتبر من السكان الأصليين في منطقة شرق السودان، بحجة أن من وقعوا اتفاق السلام من الشرق لا يمثلون الإقليم.
استقالة مسؤول محلي
وأمام إصرار المحتجين، على مطالبهم، أكد مكتب والي الولاية على عبد الله أدروب، أن الأخير قدم استقالته إلى رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان.
وبالتزامن مع استقالة المسؤول المحلي، أصدر مجلس قبائل البجا بشرق السودان، الثلاثاء، بيانًا قال فيه: "سنشرع في رفع اعتصام أمانة حكومة ولاية البحر الأحمر وكل الاعتصامات في شرق السودان، بعد أن تم تأكيد استقالة والي ولاية البحر الأحمر"، فيما لم يشر إلى أي مطالب أخرى.
تعطيل قبائل البجا حركة ميناء بورتسودان، ليست المرة الأولى؛ فسبق لها أن أغلقته في سبتمبر/أيلول الماضي لستة أسابيع، تعبيرا عن رفض شق الاتفاق المتعلق بشرق البلاد.
وكان لإغلاق منافذ البلاد البحرية تأثير حاد على توافر الوقود والقمح، وزاد الضغط على الحكومة الانتقالية السابقة برئاسة عبد الله حمدوك. ونهاية العام الماضي، علّق مجلس السيادة الحاكم في السودان الجزء المتعلق بشرق البلاد في اتفاق السلام، إلى حين توافق أهالي القبائل والمناطق هناك.
وفيما يشهد السودان اضطرابات سياسية واقتصادية، يخرج على إثرها للتظاهر بشكل منتظم آلاف السودانيين في العاصمة ومدن أخرى، دعت الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، ومنظمة إيغاد إلى حوار سياسي حتى لا ينهار السودان تماما "على الصعيدين السياسي والأمني".
مقتل العشرات
يأتي ذلك، فيما قتل 27 شخصا وجرح العشرات في اشتباكات قبلية وقعت، الإثنين وامتدت حتى الثلاثاء في ولايتي غرب دارفور وجنوب كردفان في غرب وجنوب البلاد، وفق قيادات محلية.
وتدور اشتباكات غرب دارفور في محلية كلبس التي تبعد حوالي 160 كليو متر شمال شرق مدينة الجنينة، عاصمة الولاية.
وقال قيادي في قبيلة القمر غير العربية بغرب دارفور لوكالة "فرانس برس" الثلاثاء:، إنه "منذ صباح اليوم وحتى منتصف النهار يشن العرب بسيارات وأسلحة نارية هجوما واسعا على قرى قبيلة القمر".
وأضاف القيادي الذي فضل عدم الكشف عن اسمه "بدأت الاشتباكات أمس (الاثنين) نتيجة اعتراض شخص من القبائل العربية مزارعًا يحضر أرضه للزراعة .. وعلى الفور قتل ثلاثة أشخاص وبعدها توسع الاشتباك فقتل خمسة آخرون وأُحرقت ثلاث قرى".
من جهته، أكد قيادي في قبيلة الرزيقات العربية وقوع الاشتباك نتيجة لخلاف حول ملكية الأرض وقال مفضلًا عدم الكشف عن اسمه "أراد أحد الأهالي إيقاف شخص من حرث أرضه، فتطور الأمر وقُتل منا ثمانية أشخاص، والآن الاشتباكات مستمرة ولم تصل قوات حكومية إلى المنطقة".
اشتباكات قبلية
وتكررت الاشتباكات القبلية في ولاية غرب دارفور، والتي كان آخرها في أبريل/نيسان الماضي، والتي أدت إلى مقتل 200 شخص في مواجهات بين قبائل عربية وقبيلة المساليت الإفريقية.
وتشهد المنطقة نوعًا من الفراغ الأمني خصوصا بعد إنهاء مهمة قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الإقليم إثر توقيع اتفاق سلام بين الفصائل المسلحة والحكومة المركزية عام 2020.
واندلع النزاع في دارفور في عام 2003 حمل خلاله أعضاء من الأقليات الإثنية السلاح ضدّ نظام الخرطوم، ما أدى إلى مقتل قرابة 300 ألف شخص ونزوح 2,5 مليون من قراهم، وفقا للأمم المتحدة.
السفارات تعلق
تلك الأحداث، دفعت سفارات كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وهولندا والنرويج وإسبانيا والسويد والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وبعثة الاتحاد الأوروبي في السودان، إلى الإعراب عن أسفها لخسارة أرواح السودانيين الذين قتلوا في هجمات وأعمال عنف واسعة النطاق في جميع أنحاء البلاد.
ودعت السفارات الـ12، في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، السلطات السودانية لاتخاذ مزيد من تدابير بناء الثقة مثل: ضمان إنهاء فعال لاستخدام القوة ضد المتظاهرين، وإلغاء القرارات المتعلقة بالطوارئ، وضمان التقدم في تحقيقات انتهاكات حقوق الإنسان الجارية، والإفراج عن الموقوفين بسبب آرائهم السياسية بموجب قانون الطوارئ.
هذه الإجراءات من شأنها أن تساعد في تنشيط البحث عن أرضية مشتركة وتسمح للمجتمع الدولي بالعودة إلى المشاركة الكاملة في مرافقة السودان في طريقه نحو الديمقراطية، بحسب البيان.
قلق أممي
من جهة أخرى، وفي منطقة أبو جبيهة التي تقع شرقي جنوب كردفان في جنوب البلاد، أشار أحد ناشطي المصالحات القبلية في المنطقة إلى مقتل 11 شخصا وجرح 35 في اشتباكات بين قبيلتي كنانة والحوازمة البدويتين.
وقال "بدأ الاشتباك نتيجة لخلاف بين شخصين أحدهما من كنانة والآخر من الحوازمة وانضم أفراد من القبيلتين وتطور الأمر واستخدمت الاسلحة النارية، و مساء أمس (الاثنين) عاد الهدوء إلى المنطقة بعد نشر قوات من الجيش".
وكتب فولكر برتيس، ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بالسودان، على حسابه على موقع "تويتر " ، اليوم الثلاثاء، قائلا: "يساورني قلق بالغ إزاء الاشتباكات بين المجتمعات المحليّة في أبو جبيهة بجنوب كردفان والتي أسفرت عن خسائر مؤسفة في الأرواح".
وأضاف "أدعو قوات الأمن إلى تأمين المنطقة وضمان حماية المدنيين وأحثّ الزعماء المحليين على بذل جهود للوساطة".
ومنذ 2011 تدور حرب بين الحكومة المركزية ومسلحين ينتمون إلى أقلية النوبة الإفريقية في منطقة جنوب كردفان تحت اسم "الحركة الشعبية-شمال السودان" التي تسيطر على بعض المناطق ورفضت الدخول في مفاوضات سلام مع الحكومة الانتقالية التي تولت السلطة عقب الاطاحة بالبشير 2019.
وتقدر الأمم المتحدة أن 20 مليونا من إجمالي 45 مليون سوداني، سيعانون بنهاية السنة من انعدام الأمن الغذائي، وأكثرهم معاناة 3,3 ملايين نازح يقيم معظمهم في دارفور.
aXA6IDEzLjU4LjQ1LjIzOCA=
جزيرة ام اند امز