اشتباكات طرابلس.. طائرات خاوية ومدارس مغلقة وأسر عالقة
طائرات خاوية ومدارس مغلقة، ورحلات مؤجلة، وأسر عالقة، صورة تبدو للوهلة الأولى أنها نتاج حرب اندلعت في بلد ما، قضت على كل مناحي الحياة فيه.
إلا أنها كانت نتاج مشهد كثيرًا ما يتكرر في العاصمة الليبية طرابلس، مع اندلاع للاشتباكات بين العناصر المسلحة، التي تختلف أسباب قتالها، إلا أن آثار تلك المشاحنات، تظل حاضرة على واجهات الشوارع وفي ممتلكات المواطنين، وفي مشهد يزداد سخونة وتعقيدًا بسبب تلك العناصر المسلحة.
وشهدت بعض مناطق طرابلس وضواحيها، فجر الثلاثاء، اشتباكات مسلحة بين اللواء 444 التابع لوزارة الدفاع في حكومة الدبيبة، وقوة الردع الخاصة التابعة للمجلس الرئاسي الليبي، إثر اعتقال الثانية، آمر اللواء 444، دون إيضاح أسباب تلك الخطوة، مما تسبب في تحشيدات من الطرفين.
كيف تأثر الشارع في طرابلس؟
تلك الاشتباكات التي استمرت لليوم الثاني على التوالي، بدت آثارها الوخيمة حاضرة على واجهات المباني وفي شوارع العاصمة الليبية؛ فوزارة التربية والتعليم بحكومة الوحدة الوطنية (منتهية الولاية) أعلنت تأجيل امتحانات الدور الثاني للشهادة الثانوية، ببلديتيْ سوق الجمعة وعين زارة بسبب الاشتباكات التي تشهدها مدينة طرابلس.
وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو على نطاق واسع تظهر اشتباكات في مناطق في الضواحي الجنوبية لطرابلس، كما أظهرت مقاطع أخرى انتشارا كثيفا لآليات عسكرية ثقيلة في طريق الشط المؤدي إلى مطار معيتيقة الدولي.
ووجهت عدد من العائلات العالقة في عمارات الطبي بطرابلس، نداءات استغاثة إلى الجهات المسؤولة لإخراجهم من محيط مناطق الاشتباكات.
وبعد تلقيه مكالمات عدة من الأسر العالقة في مناطق الاشتباكات، دعا الهلال الأحمر جميع الأطراف إلى التهدئة وتخفيف حدة التوتر، حتى يتسنى لفرق العمل، تقديم المساعدة للمدنيين العالقين في مناطق الاشتباكات بطرابلس، بعد مناشدتهم بضرورة توفير ممر آمن للخروج والحفاظ على حياتهم.
طائرات خاوية
وقالت مصادر ليبية، إن قرارات صدرت من هيئة الطيران المدني، بتعليق كل الرحلات القاصدة مطار معيتيقة بطرابلس، من مطار بنينا بنغازي.
الأمر نفسه أشارت إليه شركة برنيق للطيران، في بيان مقتضب صادر عنها، قالت فيه، إنه "نظراً لظروف خارجة عن الإرادة، تفيدكم برنيق للطيران عن تعليق رحلاتها الدولية والمحلية مؤقتاً عبر مطار معيتيقة الدولي لحين إشعار آخر".
فيما أكد مطار مصراتة الدولي، وصول بعض الطائرات بدون ركاب إلى مطار مصراتة، في إجراء احترازي من شركات الخطوط حفاظا على طائراتها، نتيجة الاشتباكات التي تطوق العاصمة طرابلس.
وقال المتحدث باسم مطار مصراتة الدولي سليمان الجهيمي، إنه جرى توجيه عدد من الطائرات من مطار معيتيقة إلى مطار مصراتة حرصا من الشركات على طائرتها بعد التوترات الأمنية التي تشهدها العاصمة، مشيرًا إلى هبوط ليل أمس طائرتين للخطوط الجوية الأفريقية، واثنتان أخريان لشركة أويا، وطائرة للخطوط الليبية.
لكن ما أبرز التطورات الميدانية؟
قالت مصادر ليبية، إن عناصر جهاز الردع واللواء 444 قتال بإمرة محمود حمزة المقبوض عليه لدى الأول، تبادلتا إعلان أسر عدد من العناصر التابعة لكل منهما في مناطق عين زارة والفرناج.
وبحسب المصادر، فإن عناصر اللواء 444 قتال ألقت القبض على مجموعة تابعة للشرطة القضائية الموالية للردع حاولت التحصن في إحدى مباني عين زارة، مشيرة إلى أن بوابات الشرطة القضائية قامت بإنزال واحتجاز أي شخص يرتدي بدلة عسكرية ومتجه نحو جنوب طرابلس.
وأطلقت وزارة الصحة بحكومة الوحدة الوطنية (منتهية الولاية) نداء استغاثة، معلنة عن حاجتها العاجلة لجميع فصائل الدم، لإنقاذ حياة المصابين جرّاء الاشتباكات التي تشهدها بعض المناطق جنوب العاصمة طرابلس، موضحة نقاط التبرع التي خصصتها: (مصرف الدم الكائن بطريق الشط، ومستشفى الحوادث أبوسليم، ومستشفى طرابلس المركزي (شارع الزاوية) ، وعربة التبرع المتمركزة بميدان الجزائر).
فيما قال المتحدث باسم جهاز الإسعاف والطوارئ أسامة علي، إن عدد الجرحى بلغ الـ19 شخصًا، مشيرًا إلى أنه ليس لديه إحصائية دقيقة بعدد الجرحى أو القتلى التي ذهبت إلى المستشفيات بشكل فردي، مشيرا إلى إصابة إحدى سيارات الجهاز بعيار ناري دون وقوع إصابات.
هل من ردود فعل رسمية؟
في أول رد رسمي على الاشتباكات في طرابلس، دعا نائب رئيس حكومة الوحدة الوطنية رمضان أبو جناح، جميع الأطراف إلى التهدئة وتغليب لغة العقل، وتفويت فرصة إشعال الفتن على المتربصين باستقرار وأمن العاصمة.
فيما أعرب مجلس النواب الليبي عن إدانته واستنكاره الأعمال القتالية وجرائم الخطف التي تشهدها مدينة طرابلس والتي عرضت وتعرض حياة المدنيين وممتلكاتهم للخطر، داعيًا كافة الأطراف إلى التوقف فوراً، والاحتكام إلى لغة العقل وفتح ممرات آمنة تضمن سلامة المواطنين وحرية تنقلهم.
وحمل مجلس النواب، المسؤولية القانونية والأخلاقية والإنسانية لرئيس حكومة الوحدة الوطنية، التي وصفتها بـ"منزوعة الشرعية"، والمتسببين والمشاركين في الأعمال القتالية وجرائم الخطف وحالة الفوضى وانعدام الاستقرار التي تشهدها المدينة وضواحيها.
وطالب البرلمان، البعثة الأممية للدعم في ليبيا بتحديد موقف واضح من حالة الفوضى وعدم الاستقرار والسلاح المنفلت والاقتتال، وتعريض حياة المواطنين وممتلكاتهم ومؤسسات الدولة للخطر. كما طالب بإطلاق سراح مدير عام شركة النقل البحري المختطف في ظروف غامضة.
ووجه مجلس النواب، الدعوة إلى وزارة الصحة والأطقم والفرق الطبية والهلال الأحمر الليبي، لمباشرة مهامهم وتقديم الخدمات الطبية والإنسانية للعالقين في مناطق الاشتباكات ومساعدتهم على الخروج منها.
بدروه، أدان المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، الاشتباكات المسلحة التي تجرى داخل العاصمة طرابلس، والتي تسببت في ترويع الآمنين وتعريض حياتهم وممتلكاتهم للخطر والدمار.
ودعا المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، كل الأطراف المتحاربة إلى الوقف الفوري لإطلاق النار، وتغليب صوت العقل وحل الإشكاليات فيما بينها بالطرق السلمية والقانونية، مؤكدًا موقفه الثابت ورفضه التام لأي حروب جديدة في ربوع ليبيا عامة وطرابلس خاصة.
تأثيرات وخيمة
في السياق نفسه، قالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في بيان اطلعت "العين الإخبارية"، إنها تتابع بقلق بالغ، الأحداث والتطورات الأمنية التي تشهدها طرابلس، منذ يوم أمس، وتأثيراتها الوخيمة على المدنيين، مذكرة جميع الأطراف المعنية بمسؤوليتها بموجب القانون الدولي في حماية المدنيين.
وأعربت البعثة الأممية عن قلقها إزاء التأثير المحتمل لهذه التطورات على الجهود الجارية لتهيئة بيئة أمنية مواتية للنهوض بالعملية السياسية، بما في ذلك الاستعدادات للانتخابات الوطنية، داعية إلى الوقف الفوري للتصعيد، ووضع حد للاشتباكات المسلحة المستمرة.
وتقول البعثة الأممية، إن العنف ليس وسيلة مقبولة لحل الخلافات، داعية جميع الأطراف الحفاظ على المكاسب الأمنية التي تحققت في السنوات الأخيرة ومعالجة الخلافات من خلال الحوار. وذكرت جميع الجهات الفاعلة بمسؤوليتها عن الحفاظ على الاستقرار النسبي السائد وخلق بيئة مواتية لإجراء انتخابات شاملة تلبي تطلعات الشعب الليبي.
ضرورة ملحة
في السياق نفسه، دعا المبعوث الأممي عبدالله باثيلي، جميع الأطراف إلى وقف التصعيد، واحترام رغبة الشعب الليبي وتطلعه إلى السلام والاستقرار، مؤكدًا أن الأحداث الحالية "تذكرنا بالضرورة الملحة للتوصل إلى اتفاق سياسي واسع يمهد الطريق للانتخابات ولتوحيد مؤسسات الدولة".
بدورها، عبرت السفارة الأمريكية في ليبيا عن بالغ قلقها إزاء أعمال العنف الأخيرة في طرابلس، داعية إلى الوقف الفوري للتصعيد من أجل الحفاظ على المكاسب الليبية الأخيرة نحو تحقيق الاستقرار والانتخابات.
في السياق نفسه، أعربت السفارة الفرنسية في ليبيا عن بالغ قلقها إزاء الاشتباكات العنيفة التي اندلعت منذ مساء أمس في طرابلس وتأثيرها على السكان المدنيين، مؤكدة أنها تضم صوتها إلى دعوة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، الداعية إلى وقف التصعيد والوقف الفوري للأعمال العدائية.
aXA6IDE4LjIxOC4xMDguMjQg جزيرة ام اند امز