حشود عسكرية واشتباكات.. هل يعود شبح الاضطرابات إلى ليبيا؟
سلام هش تبدده نيران اشتباكات المليشيات في العاصمة الليبية طرابلس، ينغص على الأهالي حياتهم، ويعيد لأذهانهم مآسي لم تكد تمحى آثارها بعد.
وتعيد تلك الاشتباكات التي تجددت، الإثنين، بطرابلس، المخاوف من تبدد الأمل بالسلام والوصول لحل دائم يعيد الاستقرار إلى البلاد، عبر انتخابات ديمقراطية للحكومة والبرلمان.
وفي هذا الإطار قدم خبراء ومحللون لـ"العين الإخبارية" قراءة للأوضاع، ووضعوا حلولا لتلك الأزمة المتكررة التي تهدد استقرار هذا البلد، وتقوده نحو المجهول.
- ليبيا.. هدف برلماني في شباك "الأعلى للدولة" وركلة جزاء ضد حكومة الدبيبة
- انتخابات ليبيا.. "خريطة طريق" برلمانية وحراك أممي
كيف بدأت الاشتباكات؟
واندلعت شرارة الاشتباكات حينما أقدمت ما تسمى بـ"مليشيات الردع" باحتجاز محمود حمزة، آمر ما تسمى بـ"كتيبة 444 قتال"، أكبر قوتين مسلحتين في العاصمة، في مطار معيتيقة، أثناء توجهه لحضور حفل تخرج في مدينة مصراتة
وعلى إثرها دارت اشتباكات بينهما في عدة مناطق شملت طريق الشوك، والفرناج، والسبعة والداون في ترهونة وعين زارة، ومنطقة مول "الملكية" وطريق الشط، وجميعها مناطق سكنية مدنية في طرابلس.
وتسببت الاشتباكات كذلك التي استخدمت خلالها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، في توجيه عدد من الطائرات من مطار معيتيقة إلى مطار مصراتة خشية إصابة الطائرات المدنية، بحسب الناطق باسم مطار مصراتة الدولي سليمان الجهيمي.
وفي سياق متصل، أكد الناطق باسم طب الطوارئ والدعم بالعاصمة طرابلس، مالك مرسيط، أن "الجهاز تمكن من إجلاء 9 عائلات فقط عالقة في مناطق الاشتباكات في طرابلس حتى الآن، بعد وصول نداءات استغاثة منها".
وأوضح أن "الجهاز لم يتمكن من الوصول إلى جميع العائلات العالقة بعد توجيه نداءات استغاثة، بسبب احتدام الاشتباكات في بعض الأحياء".
إعادة تشكيل المليشيات
ويرى المحلل السياسي الليبي، الدكتور كامل المرعاش أنه "يبدو أن طرابلس ستعيش من جديد على وقع المواجهات العسكرية لحسم أمر السيطرة عليها من قبل المليشيات بعد أن شعرت أن نفوذها قد تقلص كثيرًا في مصراتة".
وأضاف المحلل السياسي الليبي من باريس، في حديث لــ"العين الإخبارية"، أن "هذا يعني أن منطقة الغرب الليبي بكاملها ستدخل في نزاعات لا يجمع بينها إلا طمع السلطة وتقاسم غنائم الفساد التي وصلت حدودها القصوى بتلك المنطقة".
واستطرد: "أعتقد أنه رغم جهود السيطرة على زعماء المليشيات المنتشرة في الغرب الليبي، فلم تنجح إلا في إخراج بعض المليشيات التي تمردت على الحكومة من العاصمة طرابلس، وانتشارها في مناطق أخرى في الغرب الليبي".
وبيّن أن "ما يحدث يبدو إعادة لتشكيل لبعض المليشيات ودمج بعضها وتعيين قيادات جديدة أكثر ولاء لحكومة الوحدة الوطنية، منتهية الولاية، وهذا في واقع الأمر ما حدث هذه الأيام في طرابلس".
وأكمل: "عندما حاولت المليشيات الجديدة التي تكونت منذ أكثر من 4 أشهر، السيطرة على مفاصل العاصمة طرابلس، وتقليص نفوذ مليشيات أخرى أقل ولاء للحكومة، جاء الصدام الأول مع مليشيات قوة الردع والتي يقودها المدعو عبدالرؤوف كاره والتي تسيطر على مطار معيتيقة المنفذ الجوي الوحيد في العاصمة".
فشل السيطرة على العاصمة
وفي السياق ذاته، يقول الدكتور يوسف الفارسي، أستاذ العلوم السياسية الليبي لـ"العين الإخبارية" إن "ما يحدث عبارة عن اشتباكات متجددة للمليشيات في الغرب الليبي".
أستاذ العلوم السياسية الليبي يشير إلى أن "تلك الاشتباكات تأتي نتيجة توسيع النفوذ والسيطرة للمليشيات على العاصمة طرابلس".
وأكد أن "ذلك يؤكد عدم تحكم وسيطرة حكومة الوحدة الوطنية، منتهية الولاية برئاسة عبد الحميد الدبيبة على المشهد في غرب البلاد مما يعيد شبح تجدد الاشتباكات من فترة إلى أخرى".
ولفت إلى أن "ما يحدث ينذر بكارثة خطيرة، ووضع قابل للانفجار في أي وقت قريب، في العاصمة الليبية طرابلس، خاصة أن الاشتباكات تقع وسط الأهالي والمواطنين العزل".
دعم الجيش الليبي
وأكد الفارسي أن "ما جرى الليلة الماضية يؤكد الحاجة إلى دعم جهود المؤسسة العسكرية".
وشدد على أن "الجيش الليبي هو الوحيد القادر على إنهاء هذا العبث".
وبين أن "توحيد الجيش الليبي ليشمل العسكريين شرقا وغربا وجنوبا لن يجعل للمليشيات أي قدرة على المواجهة".
تقويض ما تبقى من سلم
يأتي ذلك فيما أدانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان بليبيا اندلاع الاشتباكات المسلحة والتحشيدات العسكرية بالعاصمة طرابلس.
وأكدت في بيان لها اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، أن "التحركات العسكرية الواسعة في العاصمة وجنوبها ستؤدي إلى خسائر بشرية غير محدودة في حال اندلاع الاشتباكات".
يأتي هذا خاصة مع انتشار السلاح على نحو واسع، وانتشار المليشيات المسلحة التي يعاني جميع أفرادها من نقص في الانضباط.
وأعربت عن "قلقها من اندلاع الاشتباكات المسلحة في طرابلس على نحو يُنذر بتقويض ما تبقى من سلم أهلي في البلاد، وبما يعرض ممتلكات وأرواح الناس للخطر".
كما أنه "يحرم قاطني العاصمة من الحماية والرعاية التي تفرضها قواعد حقوق الإنسان بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والبروتوكولات الملزمة للحق في الحياة".
مخاوف من عرقلة خارطة الطريق
وتأتي تلك الاشتباكات، بعد أيام فقط من إحالة البرلمان الليبي مشروعي قانون انتخاب رئيس الدولة وقانون انتخاب مجلس النواب بملاحظات أعضاء المجلس، إلى لجنة إعداد القوانين الانتخابية (6+6).
وتنص خارطة الطريق، على بدء إجراءات تشكيل الحكومة الجديدة الموحدة، فور اعتماد المجلسين لها؛ إذ يفتح باب الترشح لرئاسة الحكومة الجديدة لمدة 20 يوما.
وتوقع الخبراء أن يعمل رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، عبر محمد تكالة الذي انتخب رئيسًا للمجلس الأعلى للدولة، وتربطهما علاقة وثيقة على وضع عراقيل أمام أية خطوة مرتقبة من البرلمان الليبي، خشية الإطاحة به.
لكن رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، قال إنه "يجب أن تكون هناك حكومة واحدة لإجراء الانتخابات بموجب التعديل الدستوري ومخرجات لجنة (6+6)، ومقترح دمج حكومتي الدبيبة وأسامة حماد في بنغازي، مرفوض تمامًا".
وتوقع رئيس البرلمان، إصدار القوانين الانتخابية نهاية شهر أغسطس/آب الجاري، ليبدأ البرلمان بعدها في تشكيل حكومة وطنية جديدة تفرض سيطرتها على جميع مناطق ليبيا وتشرف على الانتخابات في البلاد، التي ستحدد تاريخها خلال 8 أشهر من إقرار القوانين.
وعبر الخبراء والمحللون عن خشيتهم من أن تعرقل الاشتباكات تلك الخطوة، ما يقود البلاد نحو المجهول، ويجعل خيار السلام محض حلم بعيد المنال.
واشتباكات، الإثنين، هي الأسوأ التي تشهدها طرابلس منذ شهور على الرغم من اندلاع أعمال عنف من حين لآخر بين فصائل مسلحة في أجزاء أخرى من شمال غرب ليبيا في الأسابيع الماضية.
ولم تنعم ليبيا بقدر من السلام أو الأمن منذ أحداث 2011 التي أطاحت بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، كما أنه لا يوجد مؤشر على حل سياسي دائم.
aXA6IDMuMTQyLjE1Ni41OCA= جزيرة ام اند امز