استراتيجية العمل المناخي في الإمارات.. استثمار من أجل المستقبل
اتخذت الإمارات قراراً استراتيجياً قبل 15 عاماً لوضع العمل المناخي في صلب استراتيجيتها الوطنية للنمو والتنوع الاقتصادي.
وحصدت الإمارات سريعاً ثمار استثماراتها في التقنيات والسياسات منخفضة الكربون، حيث أسهمت هذه الاستثمارات في تدعيم الاقتصاد ومهدت الطريق لتحقيق مستقبل أكثر استدامة.
وضعت الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات 2021، عدة مؤشرات لضمان التنمية المستدامة للبيئة وزيادة كفاءة الموارد دون التأثير على البيئة بشكل سلبي.
وفعّلت الإمارات عدة خطط واستراتيجيات تساعد في تحقيق رؤية البلاد في هذا المجال.
تم إطلاق الخطة الوطنية للتغير المناخي لدولة الإمارات العربية المتحدة 2017-2050 التي تمثل خارطة طريق لدعم الأنشطة والمبادرات الوطنية الرامية إلى مواجهة التحديات المناخية.
التحكم في الانبعاثات
باشرت الإمارات تنفيذ 14 مشروعًا بغرض الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة (GHGs) تحت مظلة مشاريع آلية التنمية النظيفة.
ويقدر إجمالي الانخفاض السنوي المتوقع لهذه المشاريع بحوالي مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.
وبفضل الاستثمار في الطاقة المتجددة، ودورها كبلد مضيف للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا)، تتبوأ الإمارات مركزاً ريادياً في تفعيل مبادرات الطاقة النظيفة.
وفي عام 2005، صدّقت الإمارات على بروتوكول "كيوتو" لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، لتصبح من أولى البلدان الرئيسة المنتجة للنفط التي قامت بالتوقيع على الاتفاقية.
والتزمت البلاد بتقليل انبعاثات الكربون الصادرة منها، وتتطلع إلى أن تقدم نموذجًا يُحتذى به لإدارة الطاقة والبيئة، من خلال برامج تفتح آفاقًا جديدة للطاقة المتجددة، وكفاءة الطاقة.
بالإضافة إلى ذلك، تلتزم الإمارات بتوسيع دور التقنيات عديمة الانبعاثات الكربونية في الاقتصاد، والاستثمار في الطاقة المتجددة، والطاقة النووية.
وفي مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 21 المنعقد في ديسمبر 2015 بباريس، أكدت الإمارات على خطتها لتوليد 24% من طاقتها الكهربية من مصادر الطاقة النظيفة بحلول عام 2021.
وفي 2014، أطلقت دولة الإمارات والولايات المتحدة أول حوار ثنائي سنوي حول الطاقة لتسهيل المبادرات الجديدة والجارية لدعم التعاون بين البلدين، ولتعزيز وتأمين سوق الطاقة العالمي.
وفي مايو/أيار 2014، استضافت دولة الإمارات اجتماع "الانطلاقة من أبوظبي" بغرض جلب ممثلين من الحكومة والقطاع الخاص، والمجتمع المدني من أجل خلق زخم للمناقشات الجادة واتخاذ الإجراءات بشأن تغير المناخ.
ومن أجل خفض انبعاثاتها من ثاني أكسيد الكربون، ترصد دولة الإمارات انبعاثات الغازات التي تؤدي إلى تأثير الغازات الدفيئة، كما خفضت معدل نصيب الفرد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
في عام 1990، حددت دولة الإمارات 32,6 طن ثاني أكسيد الكربون للشخص الواحد سنويًا، وفي عام 2010، انخفض الرقم إلى 21,9 طن للشخص الواحد سنويًا.
تكنولوجيا الزراعة المائية
لمكافحة الآثار الجوهرية لتغير المناخ في النظم البيئية الطبيعية، بالإضافة إلى المسطحات المائية، بدأت وزارة التغير المناخي والبيئة، في استخدام تكنولوجيا الزراعة المائية بدون تربة في مشروعات زراعية متعددة.
تؤدي هذه التكنولوجيا إلى زيادة كفاية استهلاك المياه، واستخدام الأسمدة ،وحلول مشكلات التربة ونوعها.
انبعاثات حرق الغاز الطبيعي
تهتم دولة الإمارات بتقليل الانبعاثات الناتجة من إشعال الغاز الطبيعي مثل فصل نفايات الغاز أو البترول أثناء عملية الاختبار أو الإنتاج البترولي.
وتضع شركة بترول أبو ظبي الوطنية (أدنوك) الوصول إلى أدنى درجات الإشعال كأحد أهدافها الاستراتيجية.
وفي الفترة ما بين 1995 و2010، خفضت شركة "أدنوك" إشعال الغاز بنسبة تصل إلى 78%.
اتفاقية "فيينا" لحماية طبقة الأوزون
دعت عديد من الدول -نتيجة الاكتشاف العلمي الخطير لتأكل طبقة الأوزون- إلى إبرام اتفاقية لحماية طبقة الأوزون في فيينا في عام 1985.
لعبت الإمارات دورًا فعالاً في الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي للقضاء تدريجيًا على المواد المسببة لتأكل طبقة الأوزون.
وشاركت الدولة في اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون، وبرتوكول مونتريال، الخاص بالمواد المسببة لتآكل طبقة الأوزون في عام 1989.
ومنذ ذلك الحين بدأت دولة الإمارات ببذل جهود ضخمة للوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاقية والبروتوكول.
كفاءة الطاقة وفاعليتها
أطلقت الإمارات العديد من البرامج المبتكرة لزيادة كفاءة الطاقة وفعاليتها.
وفي عام 2014، أطلقت دبي استراتيجية المدينة الذكية معتمدةً على 1000 خدمة حكومية، وتطوير 6 مجالات رئيسة وهي: النقل ،والبنية التحتية، والاتصالات، والخدمات المالية ،والتخطيط العمراني، والكهرباء.
تقوم هذه الاستراتيجية على خطوات تهدف إلى تحسين الطاقة والنقل الذكي والمجالات الترفيهية، وسيكون لترشيد الطاقة دورًا في هذه الاستراتيجية بالإضافة إلى زيادة وسائل النقل العام.
وفي عام 2010، وافق مجلس الوزراء في دولة الإمارات على اعتماد معايير البناء الأخضر ومعايير البناء المستدام ليتم تطبيقها في جميع أنحاء الدولة.
ومن المتوقع أن يوفر المشروع 10 مليار درهم إماراتي بحلول عام 2030، وأن يُخفض نحو 30% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وفي عام 2011 أصدرت حكومة دبي مجموعة من قوانين البناء الأخضر الخاص بإنشاءات القطاع الخاص بغرض تقليل استهلاك الطاقة والموارد، بالإضافة إلى تحسين الصحة والرفاهية العامة.
في عام 2019، أطلقت رأس الخيمة بارجيل، لائحة شروط المباني الخضراء التي تحدد معايير الاستدامة الأدنى للمباني الجديدة.
إطلاق مُبادرة مصدر
خصصت إمارة أبوظبي -أكبر إمارة في دولة الإمارات العربية المتحدة- أكثر من 15 مليار دولار أمريكي لبرامج الطاقة المتجددة من خلال مبادرة "مصدر"، التي شددت على التزاماتها المزدوجة تجاه البيئة العالمية، وتنوع مصادر اقتصاد دولة الإمارات.
وركزت المبادرة على تطوير التكنولوجيا، وإضافة الطابع التجاري لها فيما يخص الطاقة المتجددة، وكفاءة استخدام الطاقة، وإدارة ثاني أكسيد الكربون وتحقيق عائد مادي منه، بالإضافة إلى استخدام المياه وتحليتها.
وبفضل التزام الدولة بالاستدامة، افتتحت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة(إيرينا) فرعها الرئيس الدائم في مدينة مصدر بأبوظبي في يونيو 2015.
الاستثمار في الطاقة المتجددة
تعد الإمارات هي أول دولة في الخليج تستخدم استراتيجية الطاقة المتجددة، والتي تشتمل على الطاقة النووية، والطاقة الشمسية بالإضافة إلى الغاز الطبيعي الذي يغطي أغلبية احتياجات دولة الإمارات.
وسائل مستدامة للنقل والمواصلات
تعد وسائل النقل والمواصلات من أسرع مصادر الانبعاثات المتزايدة حول العالم، وفي الوقت الحالي تستثمر دولة الإمارات في أنظمة نقل جماعي جديدة ومستدامة مثل نظام السكك الحديدية الخفيفة والسريعة (مترو دبي)، ومشروع القطار عالي السرعة المقترح.
التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون
يعد التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون أحد وسائل التصدي لظاهرة التغير المناخي من خلال احتجاز ثاني أكسيد الكربون من مصادر كبيرة مثل محطات الطاقة، وتخزينه بأمان تحت الأرض، بدلاً من انبعاثه في الغلاف الجوي.
تتوقع الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) أن تساهم عملية التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون بنسبة تتراوح ما بين 10 و55% من إجمالي الجهود الدولية للتخفيف من آثار ثاني أكسيد الكربون على مدار التسعين (90) عام القادمين.
تقوم الإمارات بتطوير مشروع كبير لالتقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون في أبوظبي، والذي تديره شركة الريادة، وهي شركة في أبوظبي متخصصة بالتقاط ثاني أكسيد الكربون.
ويعد هذا المشروع هو أول خطوة في مجموعة مشروعات التقاط واستخدام وتخزين ثاني أكسيد الكربون المخطط لها في إمارة أبوظبي.