رسالة لقمة جلاسكو.. هذه الدولة "أرهقها" التغير المناخي
مع قرب مؤتمر المناخ المقرر عقده في جلاسكو ، اسكتلندا، يركز العالم على عناوين عامة، دون النظر لحالات خاصة تعاني كثيرا.
وعندما يتعلق الأمر بحماية المناخ، غالبًا ما يستخدم السياسيون مصطلح "العدالة"، للتحذير من أن العصر الجديد من الانبعاثات الصفرية للغازات، واستغلال الطاقة المتجددة كمصدر للطاقة، يجب ألا يأتي على حساب الضعفاء.
ويقصد السياسيون بالضغفاء، ملايين الناس في الدول المتقدمة، المتضررين من ارتفاع الأسعار المتوقع نتيجة تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة الرخيصة مثل الفحم، كما لو أن العدالة المناخية كانت أولاً وقبل كل شيء مسألة وطنية، واقتصادية.
ومع انطلاق مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ "كوب 26"، في نهاية الشهر الجاري، ستظهر دولة مدغشقر الواقعة أقصى الجنوب الشرقي لسواحل القارة الأفريقية، ضمن الدول المشاركة، لكنها تمثل حالة خاصة في قضية الاحتباس الحراري تعكس ما يمكن أن يعانيه العالم من استمرار هذه الظاهرة دون مواجهة فعالة.
وتقع دولة مدغشقر في منطقة يحدث فيها الاحترار العالمي أسرع مرتين من المتوسط العالمي.
- ولى عهد الكويت: التغير المناخي يقودنا إلى سلسلة من الكوارث
- الصين وملف المناخ.. خفض استهلاك الوقود الأحفوري محل نظر
وفي الوقت الحالي، فإن أكثر من مليون شخص في مدغشقر يواجهون المجاعة بسبب عدم هطول الأمطار بمعدلات كافية منذ سنوات بسبب تغير المناخ.
ووفق برنامج الأغذية العالمي، يعاني أكثر من مليون شخص في جنوب مدغشقر من أجل الحصول على ما يكفي من الطعام، بسبب ما يمكن أن يصبح أول مجاعة ناجمة عن تغير المناخ.
وتابع البرنامج "تضررت المنطقة بشدة من سنوات متتالية من الجفاف الشديد، مما أجبر الأسر في المجتمعات الريفية على اللجوء إلى تدابير يائسة لمجرد البقاء على قيد الحياة".
وتمتلك مدغشقر، رابع أكبر جزيرة في العالم، نظامًا بيئيًا فريدًا يضم حيوانات ونباتات لا توجد في أي مكان آخر على هذا الكوكب.
بيد أن الحزيرة تعاني أكثر من أي مكان آخر، من تبعات تغير المناخ، رغم أنها تسبب في أقل من 0.01 في المائة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم، لكنها تدفع ثمنًا أعلى بكثير من دول متقدمة مثل ألمانيا والولايات المتحدة، المسؤولة عن ارتفاع درجة حرارة الكوكب.
وفي هذا الإطار، قالت أليس رحمون، مسؤولة الاتصالات ببرنامج الأغذية العالمي في العاصمة أنتاناناريفو، في تصريحات صحفية، إن تغير المناخ عطل دورة الأمطار، مما أثر على المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة وجيرانهم.
وتابعت "ما يمكننا قوله هو أن تأثيرات تغير المناخ تبدو أقوى وأقوى حقًا، لذلك تفشل زراعة المحاصيل باستمرار ، ولا يوجد لدى الناس أي شيء يحصدونه وأي شيء لتجديد مخزونهم الغذائي".
وكانت رحمون مؤخرًا في جنوب مدغشقر، حيث يدعم برنامج الأغذية العالمي وشركاؤه مئات الآلاف من الأشخاص من خلال المساعدة القصيرة والطويلة الأجل.
وقالت إن تأثير الجفاف يختلف من مكان إلى آخر. في حين أن بعض المناطق بمدغشقر لم تشهد موسمًا مناسبًا للأمطار لمدة ثلاث سنوات، كان الوضع أسوأ في مناطق أخرى.
وتذكرت المسؤولة ببرنامج الأغذية، رؤية قرى محاطة بحقول جافة ونباتات طماطم كانت "صفراء بالكامل أو حتى بنية اللون" بسبب نقص المياه.
الخطر يدق الأبواب
وحتى وقت قريب، لم يحرك خطر المجاعة في مدغشقر ولا الكوارث الأخرى ذات الصلة بالمناخ في الجنوب، رد فعل قوي عند السياسيين في البلدان الصناعية والناشئة. إلا أن عام ٢٠٢١، حمل مظاهر تغير المناخ إلى الدول المتقدمة، مع تزايد حرائق الغابات في كاليفورنيا وأوروبا، والأعاصير على الساحل الأمريكي، والفيضانات المميتة في ألمانيا والصين.
وفي مؤتمر باريس للمناخ 2015، التزمت الدول المشاركة بالعمل على تحقيق زيادة في درحة حرارة الأرض دون ال2 درجة سليزيوس بحلول نهاية القرن الجاري، لأن أي زيادة عن هذا المعدل تعني تداعيات خطيرة على العالم والحياة بشكلها الحالي، من انقراض حيوانات ونباتات، إلى فيضانات وكوارث طبيعية أخرى.
ويهدف مؤتمر المناخ الذي يجري بمشاركة دولية واسعة بجلاسكو في الفترة بين 31أكتوبر/ تشرين أول وحتى 12 نوفمبر/ تشرين ثاني، إلى التوصل إلى صيغة لتحقيق هدف خفض انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري، وصولا إلى السيطرة على معدل ارتفاع درجة حرارة الأرض.