أعداد الفئران.. كارثة مناخية لم تكن في الحسبان تلتهم 27 مليار دولار سنويا
حتى الآن، لم تكن موجات الحر الشديدة والعواصف المدمرة والجفاف المطول، كافية لجعل بعض الناس يخشون عواقب تغير المناخ.
ربما تكون هذه الظاهرة الإضافية كفيلة بذلك، فكلما ارتفعت درجات الحرارة، زادت سرعة تكاثر الفئران في المدن والمناطق الحضرية، التي تتم بالفعل المكافحة لاحتوائها.
وبحسب موقع "ويست هاواي توداي"، أن السكان من أنحاء العالم، والولايات المتحدة بشكل خاص، سيواجهون هذه الظاهرة لتضاف ضمن الكوارث المترتبة على تغير المناخ، مع العلم أنه في الوقت الحالي يتحمل الأمريكيين بالفعل، أكثر من 27 مليار دولار من أضرار الممتلكات كل عام على أيدي فئران المناطق الحضرية وأسنانها.
وهذا لا يشمل تكلفة الأمراض التي تنشرها الحيوانات، مثل فيروس هانتا والتيفوس الفأري والطاعون الدبلي، ولا تكلفة الصحة العقلية للعيش بينها.
وتستند الإحصائية الجديدة، التي تم نشرها يوم الجمعة في مجلة Science Advances، إلى سجلات مشاهدات الفئران في 16 مدينة حول العالم.
ومن المؤسف بالنسبة للبشر، أن 11 من هذه المدن شهدت توسعًا في أعداد الفئران على مدار الدراسة، بينما ظلت مدينتان ثابتتين وثلاث مدن فقط حققت انخفاضًا يمكن قياسه.
ولا ينبغي أن يكون ازدهار القوارض مفاجئًا، فهي تتكيف تمامًا مع البيئات الحضرية، حيث تبني منازلها في الجدران والأقبية ومحطات المترو وتتغذى على القمامة ومياه الصرف الصحي وفضلات الكلاب وبقايا الأطعمة.
والقارة الوحيدة التي لم تغزوها بعد هذه القوارض هي القارة القطبية الجنوبية.
ويقول جوناثان ريتشاردسون، عالم الأحياء في جامعة ريتشموند الذي يدرس الحياة البرية في المدن وتأثيرها على صحة الإنسان، "هذا النوع من الفئران متكيف حقًا مع درجات الحرارة الجديدة وتناول الطعام في المناطق الحضرية، ويتكاثر ويجلب فئران صغيرة جديدة تتجول في الحي الخاص بك، إنهم يفعلون ذلك بكفاءة حقًا".
وفي حين أن أحد الأشياء القليلة التي تبطئ تكاثر الفئران هو الطقس البارد، فإنه مع تغير المناخ، تتراجع فرص الاعتماد على هذه الميزة.
ويتسبب الانحباس الحراري العالمي في ارتفاع درجات الحرارة المتوسطة، مما يقلل من عدد الأيام الشتوية، في المدن، يتفاقم هذا الاتجاه بسبب حقيقة أن بيئة البنايات، تمتص وتحتفظ بمزيد من الحرارة مقارنة بالمنطقة الريفية، وهي الظاهرة المعروفة باسم تأثير الحرارة الحضرية.
وللتحقق من وجود صلة محتملة بين أعداد الفئران وارتفاع درجات الحرارة، بحث ريتشاردسون وزملاؤه عن بيانات موثوقة في أكثر 200 مدينة اكتظاظاً بالسكان في البلاد.
وكان إجراء تعداد شامل للفئران أمراً غير عمليا، إن لم يكن مستحيلاً، لذا فقد استخدموا سجلات التفتيش البلدية ومشاهدات الفئران المبلغ عنها للوكالات الحكومية.
ووجد الباحثون 13 مدينة احتفظت بسجلات ثابتة لمدة سبع سنوات على الأقل فيما يخص انتشار الفئران، ونظرًا لأن المدن استخدمت مصادر مختلفة للبيانات التي تم جمعها على مدى فترات زمنية مختلفة، فقد توصل الباحثون إلى طريقة موحدة لقياس التغيير في مشاهدات الفئران.
ووجدوا أن تقارير الفئران زادت بشكل أكبر في واشنطن العاصمة، تليها سان فرانسيسكو، وتورنتو، ومدينة نيويورك، وأمستردام، وأوكلاند، وبافالو، وشيكاغو، وبوسطن، وكانساس سيتي، وسينسيناتي.
في حين تمكنت ثلاث مدن هي - نيو أورليانز، ولويسفيل، وطوكيو - من تقليل أعداد الفئران لديها خلال فترة الدراسة، بينما لم تكن هناك تغييرات كبيرة في دالاس أو سانت لويس.
ولم يتم تضمين لوس أنجلوس في التحليل لأن السجلات المنهجية للفئران لم تكن متاحة، ولوس أنجلوس تحتل مرتبة روتينية بين المدن الثلاث الأولى في القوائم السنوية لشركات مكافحة الآفات لـ "أكثر مدن أمريكا تضرراً بالفئران"، لكن ريتشاردسون قال إن الحجم الكبير الدائم لشكاوى القوارض كان له علاقة أكبر بحجم المدينة المترامي الأطراف أكثر من البيئة الصديقة للفئران.
بعد ذلك، استخدم الباحثون أساليب إحصائية لمعرفة العوامل التي تفسر الاختلافات في نتائج مكافحة الفئران في المدن، وشملت خمسة عوامل، بما في ذلك الكثافة السكانية البشرية وكمية المساحة المغطاة بالنباتات.
وكان العامل الأكثر أهمية هو التغير في متوسط درجة حرارة المدينة - فكلما ارتفعت، زاد عدد الفئران.
بينما لم يكن للتغير في الحد الأدنى لدرجة الحرارة في أي المدينة أي تأثير على الفئران، وقال ريتشاردسون إن الفريق فوجئ في البداية بذلك، لأن الطقس البارد يطيل الوقت الذي تستغرقه الفئران الإناث لتصبح خصبة ويقلل من عدد الفئران حديثة الولادة.
وفي ظل طقس أكثر ملاءمة، يمكن أن تصبح الفأرة حاملاً عندما تبلغ من العمر شهرين فقط، ولن يستمر هذا الحمل سوى ثلاثة إلى خمسة أسابيع.
وقال ريتشاردسون إن الباحثين أدركوا أنه إذا تسببت درجات الحرارة المرتفعة في انتهاء الشتاء قبل أسبوع أو أسبوعين من موعده، فقد يوفر ذلك للفأرة وقتًا كافيًا لدمج دورة تكاثر إضافية كل عام.
وأوضح سانتو بنتيكاينن، الباحث في جامعة هلسنكي والذي لم يشارك في العمل، أن مؤلفي الدراسة قدموا حجة مقنعة مفادها أن الاحتباس الحراري العالمي مفيد للفئران.
aXA6IDE4LjIyNC4zNy4yOCA= جزيرة ام اند امز