"تحالف الصحة وتغير المناخ” لـ"العين الإخبارية": هذه أكثر السيناريوهات المناخية تطرفا
الدكتورة جيني ميلر: الطاقة النظيفة أثبتت كفاءة
قالت جيني ميلر، المديرة التنفيذية للتحالف العالمي للصحة وتغير المناخ لـ"العين الإخبارية" إن أخطر تأثيرات المناخ ارتفاع الحرارة.
وتوقع التقرير الأخير لمنظمة الصحة العالمية أنه في حالة زيادة درجة الحرارة بشكل كبير، أن تصل الوفيات المرتبطة بتغير المناخ إلى 9 ملايين شخص بحلول نهاية القرن.
وإلى نص الحوار:
كيف يتسبب ارتفاع درجات الحرارة المستمر في تهديد صحة الناس؟
يؤثر تغير المناخ بشكل كبير على حياة الناس وصحتهم، فيتسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض في العديد من البلدان إلى حدوث موجات شديدة من الحر وعواصف ترابية، وظواهر جوية قاسية.
كما يسبب ارتفاع منسوب سطح البحر وحدوث الفيضانات، ويزيد من حرائق الغابات التي تقتل الكثير من الناس.
كذلك في ظل أكثر السيناريوهات المناخية تطرفًا، تتوقع منظمة الصحة العالمية أن تؤدي موجات الحر في مصر إلى ما يقرب من 50 ضعف عدد الوفيات المرتبطة بالحرارة بين الأشخاص الذين يبلغون من العمر 65 عامًا أو أكثر، وفي جميع أنحاء العالم، يتعرض العاملون في الهواء الطلق بشكل خاص لخطر الإجهاد الحراري أثناء موجات الحر وارتفاع متوسط درجات الحرارة، مما يؤثر على صحتهم وقدرتهم على الإنتاج وبالتالي يضعف دخلهم المادي، مع تأثيرات إضافية على رفاهيتهم ورفاهية أسرهم.
ويؤثر الجفاف والفيضانات في المناطق الزراعية على الإنتاج، مما يضر بالأمن الغذائي للناس، كما تؤثر الفيضانات أيضًا على وصول الناس إلى مياه الشرب الآمنة، ويمكن أن تنشر الأمراض المعدية التي تنقلها الحشرات الناقلة للأمراض، إضافة إلى نشر المواد الكيميائية السامة في المناطق الصناعية.
وحين تجتمع ظروف الجفاف وارتفاع درجات الحرارة مع وجود الرياح، تنتج حرائق غابات شديدة، مما يعرض الناس للخطر بشكل مباشر وفوري في منطقة النار ؛ كما يعرض السكان على بعد مئات الأميال لدخان حرائق الغابات السام، مما يؤدي إلى تفاقم أمراض الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية، إضافة إلى الصدمات النفسية التي يتعرض لها السكان وتؤثر على صحتهم العقلية بعد مواجهتهم للظواهر الجوية المتطرفة أو حرائق الغابات.
تتوقع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن تصل درجات الحرارة العالمية في السنوات الخمس المقبلة إلى مستويات قياسية، ما هي المخاطر الصحية المتوقعة في هذه الحالة؟
كما شهدنا خلال السنوات القليلة الماضية، يمكن أن تؤدي زيادة درجات الحرارة العالمية إلى حدوث ظواهر مناخية شديدة التطرف بشكل يفوق كل توقعات، و ستشهد بعض المناطق في العالم ارتفاعاً شديدا وبالتالي ستتعرض لآثار مدمرة.
ولا شك في أن تأثيرات تغير المناخ على صحة الناس تتزايد بالتأكيد في السنوات الأخيرة، أثرت حرائق الغابات الشديدة في 2019-2020 في أستراليا على البلد بأكمله تقريبًا ، حيث تعرض 80 ٪ من السكان لدخان حرائق الغابات، كما أثرت الفيضانات التي حدثت العام الماضي في باكستان على نصف البلاد، واضطرت نحو 10 آلاف سيدة حامل إلى ولادة أطفالهن في ظل الظروف القاسية التي أصابت البلاد عقب الفيضانات، بعدما تضررت المنازل، والعيادات والمستشفيات في جميع الأنحاء.
وفي عام 2022 أيضاً، تسببت موجات الحر في أوروبا في وفاة 20 ألف شخص، وفي أفريقيا جنوب الصحراء، أدى الجفاف الذي نتج عن تغير المناخ إلى تفاقم التحديات القائمة، وأصبح هناك زيادة كبيرة في عدد الأشخاص الذين يواجهون الجوع .
ما هي أبرز مطالب المهتمين بالصحة وتغير المناخ في مفاوضات COP28 المقبلة؟
أهم مطالبنا هو أن تتخذ الحكومات خلال المفاوضات المقبلة، القرارات اللازمة لحماية صحة الناس، ولن يحدث ذلك بدون التوصل إلى طرق يتم من خلالها الالتزام بالتخفيف من تغير المناخ والحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.
كل ما نشهده حاليًا من تأثيرات تغير المناخ، ناتج عن ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 1.1 إلى 1.2 درجة مئوية، ولقد كانت وكالة الطاقة الدولية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة واللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ واضحة تمامًا في أنه إذا واصلنا التوسع في استخدام الوقود الأحفوري، وإذا فشلنا في التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري من المصادر الحالية، فسوف نتجاوز 1.5 درجة مئوية.
على الرغم من سوء الآثار الحالية لتغير المناخ، إلا أن هناك أشياء يمكننا القيام بها للاستعداد المسبق والتكيف، ولن نكون قادرين على ذلك إذا كنا سنستمر في استخدام الوقود الأحفوري، بهذا الشكل نحن نتخطى ببساطة حدود قدرتنا على حماية صحة الناس من هذه التأثيرات.
كيف يمكن تحقيق انتقال سريع من استخدام الوقود الأحفوري لحماية الصحة من مخاطره؟
نحن نعلم أن الحصول على الطاقة أمر مهم، فالمجتمعات تحتاج إليها داخل المدارس والمستشفيات والعيادات والشركات وأماكن العمل، والعديد من المجتمعات في العالم النامي تفتقر بشدة إلى إمكانية الحصول على الطاقة.
على سبيل المثال، نحن نعاني لسنوات طويلة من هذه الآثار الصحية مثل مرض "الرئة السوداء" الذي يصاب به عمال مناجم الفحم، وأمراض الربو والسرطان التي يصاب بها الأطفال الذين يعيشون بالقرب من مواقع استخراج الوقود الأحفوري ومعالجته، ومن كل الامراض المثبتة المرتبطة بتلوث الهواء، وللأسف يعيش 99٪ من سكان العالم في أماكن لا تلبي معايير جودة الهواء المحدثة لمنظمة الصحة العالمية.
الأمر الجيد في هذا الوضع، هو أنه على الرغم من أن الأجيال السابقة ربّما اضطرت إلى تطوير اقتصاداتها باستخدام الوقود الأحفوري، إلا أننا لدينا اليوم خيارات أخرى تتمثل في استخدام “الطاقة النظيفة والمتجددة”، والتي يزيد استخدامها بشكل كبير الآن حول العالم.
في مايو 2023 ، أعلنت وكالة الطاقة الدولية أن الاستثمار في الطاقة النظيفة أثبت كفاءة في مقابل الاستثمار في الوقود الأحفوري.
إذا كيف يصبح هذا الانتقال عادلاً بما يناسب ظروف الدول النامية والأكثر فقرا؟
لتحقيق انتقال عادل للطاقة، تحتاج جميع البلدان إلى الحصول على طاقة متجددة ونظيفة، وتحتاج الحكومات إلى الاستثمار في قيادة عمليات تحول الطاقة.
عالميا يجب أن يوفر التمويل المناخي المقدم من الدول المتقدمة وصناديق التمويل الدولية، الدعم للدول النامية ومنخفضة الدخل للحصول على فرص متساوية للطاقة النظيفة، هذا هو معنى الانتقال العادل، أن يتمتع الناس من جميع البلدان بفوائد الطاقة النظيفة، وليس أن تحظى البلدان المتقدمة فقط بأنظمة طاقة متجددة وهواء صحي ونظيف، بينما تتخلف البلدان الفقيرة عن الركب وتضطر إلى الاعتماد على أنظمة الطاقة التقليدية التي لم تتغير منذ القرن الماضي.
وعلى المستوى المحلي ، يجب أن تحصل المجتمعات التي تعتمد حاليًا في كسب عيشها على العمل المرتبط بالوقود الأحفوري على الدعم المناسب للانتقال إلى وسائل أخرى يضمنون بها كسب الرزق، على سبيل المثال سيؤدي وقف استخراج الوقود الأحفوري ومعالجته واستخدامه إلى القضاء على الوظائف المرتبطة بذلك، مع تأثيرات أوسع على المجتمعات التي تم بناؤها حول تلك الصناعات ، لذا فإن الانتقال العادل أمر بالغ الأهمية مع وجود فرص عمل جديدة يتم توفيرها في مجالات الصناعات المستدامة
كيف تتأثر البلدان النامية والمجتمعات الأكثر ضعفاً بشكل أكبر بالمخاطر الصحية لتغير المناخ؟
تغير المناخ يضاعف ويضخم التحديات التي تصارعها هذه البلدان بالفعل، ويجعلها أكثر تعقيدا. على سبيل المثال، تفاقمت نسب الجوع الحالية في العديد من البلدان في جميع أنحاء إفريقيا بسبب جائحة كوفيد واستنفاذها للأموال، وزاد تغير المناخ من حدّة الازمة بسبب الجفاف والفيضانات.
وفي الهند يحصل الأشخاص الذين يعملون في الهواء الطلق مثل العمال الزراعيين، على دخل منخفض إلى حد كبير، و خلال موجات الحر تكون صحتهم معرضة للخطر، وقد تؤثر الحرارة أيضًا على إنتاجيتهم مما يتسبب في آثار غير مباشرة على دخلهم وقدرتهم على توفير الغذاء أو الرعاية الصحية أو غيرها من الاحتياجات لأنفسهم أو لأسرهم
وبينما يتعرض كل شخص في العالم تقريبًا لتلوث الهواء الذي يتجاوز إرشادات منظمة الصحة العالمية، فإن سكان المدن في البلدان النامية يشهدون أسوأ أشكال تلوث الهواء في العالم
ما هي أهم الإحصائيات التي تقيس أثر تغير المناخ على الصحة في الآونة الأخيرة ؟
هناك إحصائيات ملفتة للنظر، فوجد تقرير صدر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، أنه في ظل سيناريو انبعاثات عالية، يمكن الوصول إلى 9 ملايين حالة وفاة سنويًا مرتبطة بتغير المناخ بحلول نهاية هذا القرن.
وبحلول عام 2027 ، يمكن أن تصبح بعض الأماكن غير صالحة للعيش بالفعل بسبب الحرارة ، مما يؤثر على 2.5 إلى 3 مليون شخص ؛ وفي حالة زيادة درجة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين، سيعاني ما يقرب من مليار شخص من الإجهاد الحراري، وسيؤثر الجوع على عشرات الملايين من الأشخاص، وسيؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار متر واحد إلى تزايد الهجرة بسبب تغير المناخ، وتشريد 565 مليون شخص من منازلهم
aXA6IDE4LjIyMC4yNDIuMTYwIA== جزيرة ام اند امز