الوقود الأحفوري ومجموعة السبع.. علامة استفهام كبيرة
يستهلك السبعة الكبار قرابة 31 مليون برميل من النفط الخام يوميا، بصدارة الولايات المتحدة..
تعهدت دول مجموعة السبع بتسريع التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري والتحول نحو الطاقة المتجددة، في وقت تواصل دولة الإمارات إدارة ملف المناخ في دورته الـ 28.
وتم التوصل إلى اتفاق في مدينة سابورو شمال اليابان بين أعضاء مجموعة السبع، الأحد، بعد "أسابيع من المفاوضات المشحونة" بين الاقتصادات السبعة الأكثر تقدمًا في العالم.
استهلاك النفط
ويستهلك السبعة الكبار قرابة 31 مليون برميل من النفط الخام يوميا، بصدارة الولايات المتحدة التي تستهلك وحدها نحو 18 مليون برميل من النفط الخام يوميا.
وعلى الرغم من تكرار هذه التصريحات من جانب أعضاء في مجموعة السبع، إلا أن الأرقام تظهر استمرار نمو طلبها على مصادر الطاقة التقليدية، فيما المطلوب هو تحقيق مزيد الطاقة والانتقال تدريجيا نحو المصادر المتجددة.
ألمانيا على سبيل المثال، انتقلت العام الماضي إلى الفحم مرة أخرى لتوليد الطاقة الكهربائية بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وهو ذات الأمر حصل مع كل من فرنسا وإيطاليا العضوين في مجموعة السبع.
لكن التزم البيان الختامي للقمة أمس "بتسريع التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري بلا هوادة لتحقيق صافي صفر في أنظمة الطاقة بحلول عام 2050".
وفي المسودات السابقة، عارضت اليابان إضافة عبارة "التخلص التدريجي"، لكن المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا تفاوضوا بنجاح لإدراجها وهو ما وافقت عليه طوكيو أخيرا؛ لكن الالتزام بالتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري يفتقر إلى موعد نهائي واضح.
كانت كندا وأعضاء آخرون ضغطوا من أجل إدراج الموعد النهائي لعام 2030 لكن التاريخ لم يدرج في البيان الختامي ما يعني أن الدول ترى أن هذا الموعد سيكون مبكرا جدا
طاقة الرياح
دول مجموعة السبع تعهدت أيضا بزيادة قدرة الرياح البحرية بشكل جماعي بمقدار 150 جيجاوات وزيادة قدرة الطاقة الشمسية إلى أكثر من 1 تيراواط بحلول عام 2030.
لكن يبدو أن أزمات الطاقة في أوروبا لن تقتصر على الطاقة التقليدية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وتبعاتها على النفط والغاز، بل إنها تمتد اليوم إلى مصادر الطاقة المتجددة.
أحدث الأزمات التي تواجه أوروبا اليوم، هي أزمة تذبذب سلاسل إمدادات الطاقة المتجددة، وبالتحديد طاقة الرياح، والتي تحولت إلى هدف رئيسي في أوروبا لتوليد الكهرباء، خاصة بعد الأزمة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا.
كذلك، بدأت الصين، التي تعتبر اليوم أكبر منتج لتوربينات الرياح في العالم، تواجه نقصا في إمدادات المواد الخام اللازمة للتصنيع، لأسباب مرتبطة بارتفاع أسعار المواد الأولية، وارتفاع كلفة النقل، وضعف وفرة الأيدي العاملة.
المسألة الأخرى المهمة أن العديد من دول الاتحاد الأوروبي إلى جانب الولايات المتحدة، تحاول قدر الإمكان تجنب الصين كمصدر رئيس لإمدادات توربينات الرياح حول العالم، ضمن حرب مستعرة بين الشرق والغرب.
ويبدو أن محاولات المشرعين الأوروبيين والأمريكيين لتشجيع تحول التصنيع بعيدا عن الصين، في القطاعات الرئيسية بما في ذلك الطاقة المتجددة، قد تؤدي إلى تضخيم النقص والوصول إلى مرحلة عجز عن تلبية الطلب.
استهلاك الفحم
وفيما يتعلق بالفحم، وافقت الدول على إعطاء الأولوية لخطوات ملموسة وفي الوقت المناسب لتسريع المرحلة للتخلص من توليد الطاقة بالفحم بلا هوادة، كجزء من التزام العام الماضي بتحقيق على الأقل قطاع طاقة خالٍ من الكربون.
تعد الصين أكبر الدول المستهلكة للفحم في العالم بنهاية العام 2021، مثلما تحتفظ بلقب الأكثر إنتاجا، مع زيادة عالمية للطلب على الوقود الأسود، بدعم التعافي الاقتصادي من وباء كورونا.
وتستحوذ الصين على أكثر من نصف الفحم المستهلك عالميا، الذي بلغ 160.10 إكساجول في 2021، بزيادة 6.3% على أساس سنوي، بحسب البيانات السنوية لشركة النفط البريطانية بي بي.
وكل 1 إكساجول يساوي ما يقرب من 40 مليون طن من الفحم الصلب، أو 95 مليون طن من الفحم البني (فحم الليغنيت) والفحم شبه القاري (sub-bituminous coal).
واحتلت الهند المركز الثاني في القائمة بعدما ارتفع استهلاكها من الفحم إلى 20.09 إكساجول في العام 2021، بزيادة سنوية 15.8%، مقابل إجمالي الاستهلاك في عام الوباء 2020، والبالغ 17.40 إكساجول.
وفي المرتبة الثالثة بقائمة أكبر الدول المستهلكة للفحم، جاءت الولايات المتحدة؛ إذ ارتفع استهلاك البلاد بنسبة 15.2% على أساس سنوي، ليصل إلى 10.57 إكساجول.
وارتفع استهلاك الفحم في اليابان بنسبة 5.2% على أساس سنوي، ليصل إلى 4.8 إكساجول في 2021، لتحلّ طوكيو في المرتبة الرابعة بقائمة كبار مستهلكي الفحم عالميا.
ماذا عن ممولي إنتاج الوقود الأحفوري؟
تتصدر بنوك كندا بقيادة "رويال بنك أوف كندا" قائمة البنوك والمؤسسات الأكثر تمويلا لصناعة الوقود الأحفوري متخطيا نظيره الأمريكي "جيه بي مورغان تشيس" كأكبر ممول لصناعة الوقود الأحفوري في العالم لعام 2022، وذلك للمرة الأولى منذ عام 2019.
وأظهر التقرير السنوي للمجموعة التنظيمية البيئية "راينفورست أكشن نتورك" أن تمويل الوقود الأحفوري بما يشمل الإقراض والاكتتاب في السندات والأسهم من أكبر 60 بنكا في العالم بلغ 673 مليار دولار في عام 2022.
وأوضح الباحثون المشاركون في التقرير لصحيفة "فاينانشال تايمز" أن البنوك الكندية أصبحت الدعامة لتمويل الوقود الأحفوري، ومن المحتمل أن تشمل مشاريع وشركات منبوذة من قبل المقرضين في أوروبا، ويأتي ذلك في الوقت الذي خفضت فيه البنوك الأوروبية التمويل عن شركات الوقود الأحفوري، مع مواجهة ضغوط متزايدة من قرارات المساهمين.
ولكن بشكل عام، لا تزال البنوك الأمريكية أهم الممولين العالميين للوقود الأحفوري، رغم انخفاض حصة إجمالي التمويل من البنوك الأمريكية إلى 28% في عام 2022، بانخفاض عن 33% في عام 2021، في ظل زيادة حصص البنوك الكندية واليابانية والفرنسية من إجمالي التمويل في تلك الفترة.