باحث أسترالي: تغير المناخ يهدد محصول البن و"مزاج العالم" (حوار)
ليس مفاجئا القول بأن التغيرات المناخية لها تأثير سلبي على إنتاج العديد من المحاصيل الزراعية في مناطق عدة من العالم.
لكن في ظل الانشغال بمعرفة تأثيرها على المحاصيل المهمة في سلة الغذاء، قد نغفل، عن أحد أهم المحاصيل المسؤولة عن "مزاج العالم"، وهي "أشجار البن" التي يصنع منها مشروب القهوة.
وتشير دراسة حديثة نشرت في دورية "بلوس كلايمت"، إلى أن تغير المناخ قد يؤثر بشكل كبير على الأرض التي يزرع فيها البن، بما يهدد "فنجان القهوة"، ويترك أثرا سلبيا على اقتصاديات ملايين المزارعين في البلدان النامية.
فكيف يحدث تغير المناخ هذا التأثير، وكيف تم رصد المشكلة، وما هي تأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية. هذه الأسئلة وغيرها يجيب عليها "جارود كاث"، من مركز علوم المناخ التطبيقية، في جامعة جنوب كوينزلاند الأسترالية، وأحد المشاركين في إعداد الدراسة، في مقابلة خاصة مع "العين الإخبارية".
فإلى نص الحوار:
لماذا اتجهتم في دراستكم لبحث تأثير تغير المناخ على أشجار البن؟
أشجار البن بالنسبة لكثير من سكان العالم، هي الحبوب التي تدخل في إنتاج مسحوق القهوة، المشروب المفضل للكثيرين، ولكن هذه الأشجار بالنسبة لملايين المزارعين في البلدان النامية، هي مصدر الدخل الرئيسي لهم.
ويدعم إنتاج القهوة سبل عيش هؤلاء المزارعين، حيث بلغت قيمة صادرات القهوة السنوية ما يُقدر بـ 35.6 مليار دولار أمريكي في عام 2018، بزيادة تفوق أربعة أضعاف صادرات عام 1991، وتنقسم الغالبية العظمى من قهوة العالم من نوعين، قهوة أرابيكا (أرابيكا)، وكوفي كانيفورا (روبوستا).
وهذه الأشجار، خاصة أرابيكا، من المحاصيل الحساسة للغاية لتقلبات المناخ، ولذلك كان من الضروري دراسة تأثير تغير المناخ عليها، حيث أن تأثير المخاطر المناخية التي تحدث في مناطق زراعة البن على إنتاج القهوة، غير معروف.
ما هي الظروف المناخية المثلى حتى تعطي أشجار البن إنتاجية وفيرة؟
بشكل عام، هناك اتجاهين يؤثر فيهما المناخ على زراعة البن، أولهما مدى ملائمة المنطقة لزراعة البن، ويشار في هذا الإطار إلى نطاق درجة الحرارة السنوية المثلى لزراعة البن، والتي تكون بين 18 و22 درجة مئوية (لبن أرابيكا) أو بين 22 و28 درجة مئوية (لبن روبوستا).
كما يختلف معدل هطول الأمطار السنوي الملائم لزراعة البن، حيث تتراوح النطاقات المثلى بين 1400 و2000 مم (بن أرابيكا) ، أو بين 2000 و2500 مم (لروبوستا)، وهذه القيم المناخية تم اشتقاقها من المسوحات التاريخية حول توزيع هذه الأنواع، وتستخدم لاستنتاج الظروف المناخية المناسبة للقهوة.
أما الاتجاه الآخر، الذي يؤثر به المناخ على زراعة البن، فيكون من خلال تأثير التقلبات السنوية على دورة الإنتاج وعلى غلة محصول، وهنا قد يتأثر إنتاج البن بالمخاطر المناخية مثل موجات الحر والجفاف والصقيع والفيضانات.
كيف رصدتم حدوث تغيرات مناخية على هذين الاتجاهين؟
من أجل فهم أفضل للكيفية التي قد تؤدي من خلالها أنماط المناخ واسعة النطاق مثل ظاهرة التذبذب الجنوبي لظاهرة النينيو (ENSO)، إلى فشل محاصيل البن، أجرينا تحليلا منهجيا للمخاطر المناخية والأحداث المركبة في مناطق إنتاج البن من 1980 إلى 2020، وحددنا 12 من المخاطر المناخية التي تهدد محاصيل البن في أكبر 12 دولة منتجة له، مثل درجة الحرارة القصوى اليومية التي يمكن أن تتحملها نباتات البن.
ما هي ظاهرة التذبذب الجنوبي لظاهرة النينيو (ENSO)؟
هو النمط السائد لتقلب درجة حرارة سطح البحر في المحيط الهادئ (SST)، والذي يؤثر على هطول الأمطار المدارية ودرجة الحرارة.
ماذا وجدتم عند دراسة تأثير هذه الظاهرة؟
وجدنا أن عدد المخاطر المناخية والأحداث المركبة قد ازداد في مناطق زراعة البن بين عامي 1980 و2020. بالإضافة إلى ذلك، تحول نوع المخاطر من ظروف شديدة البرودة إلى درجة حرارة مفرطة.
وتشير نتائج الدراسة إلى أن ظاهرة النينيو هي الطريقة الأساسية في شرح تقلب الأحداث المناخية المركبة على الصعيدين العالمي والإقليمي.
ومع توقعات تغير المناخ التي تظهر ارتفاعا مستمرا في درجات الحرارة في المناطق المدارية، من المحتمل أن نفترض أن إنتاج البن يمكن سيتعرض إلى صدمات مناخية مستمرة استجابةً للمخاطر المناخية المتراكمة.
كيف يمكن التعامل مع تلك المشكلة؟
لقد وصفنا المشكلة، ومما لا شك فيه، فإن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم ومعرفة أنواع التكيفات التي قد تخفف من فشل محاصيل البن العالمية.
aXA6IDE4LjIyNC4zMS45MCA= جزيرة ام اند امز