فنجان القهوة الصباحي.. حكاية عشق إثيوبية تتحدى الغلاء
يتحدى فنجان القهوة الصباحي في إثيوبيا ارتفاع سعر البن، لما له من خصوصية لدى الإثيوبيين
فهو حكاية لا تنتهي وشغف لا يثنيه ارتفاع أسعار القهوة، وزيادة سعر فنجانها الذي ظل لأكثر من عقد لا يتجاوز 5 بر إثيوبي لترتفع الى 10 بر في المقاهي الشعبية وأكثر من (20 بر) في المحال التجارية الكبرى للمقاهي العامة بالفنادق والمحلات التجارية الأخرى .
وإثيوبيا التي تعتبر كبرى الدول المنتجة والمصدرة للبن، تحتل فيها القهوة أو "بنا" كما تعرف باللغة الأمهرية مكانة خاصة بين الإثيوبيين كافة، فهي أفضل ما تقدمه الأسرة الإثيوبية لضيوفها، إذ تمثل "جلسة القهوة" مزيجا من الحياة الثقافية والاجتماعية والدينية.
طقوس القهوة الإثيوبية من المنازل للفنادق
ولطريقة إعداد القهوة الإثيوبية طقوس خاصة، وإن أختلف إعدادها في المقاهي والمحلات العامة مقارنة بإعدادها في المنازل، لكنها تظل حاضرة بنكهتها المميزة وتأثيرها المتفرد لمحبيها.
وطريقة إعدادها لا تقل أهمية عن احتسائها، حيث تبدأ الفتاة وهي مرتدية الزي التقليدي لتتولى إعداد القهوة في الأسرة بنثر العشب الأخضر (قيطما بالأمهرية) في المكان كرسالة للفأل الحسن.
وتتقدم الفتاة وهي سعيدة للغاية، كونها تعد القهوة وسط حضور أسري، وبمشاركة من الجيران أحيانا، لتمتد هذه الطقوس والمراسم إلى مواقع بيع القهوة خارج المنازل.
وعبر المواطن الإثيوبي سراج مسمى، زبون دائم لإحدى المقاهي المحلية وسط العاصمة أديس أبابا، الذي التقته "العين الإخبارية" أثناء احتساء للقهوة في مقهي متواضعة، عن سعادته بتناول القهوة كل صباح في هذا المقهى المتواضع، وقال إنه إعتاد على شرب القهوة منذ ثلاث سنوات مضت في منزل شقيقته.
أضاف أن شقيقته تحضر القهوة بطريقة مميزة كل صباح، وأصبحت أحتسي القهوة كل يوم، ولفت إلى أن سعر فنجان القهوة ظل لفترة طويلة بـ 5 بر فيما زاد مؤخرا إلى 7 بر إثيوبي وهي زيادة طفيفة لا يشعر بزيادة السعر.
أوضح مسمي عندما أتناول فنجان القهوة يوميا استمتع بمذاق وطعم القهوة الإثيوبية، ويشعر بالتعب والملل عندما لم أتناول فنجان من القهوة .
ومع مرور الزمن أصبحت القهوة معلما من معالم السياحة في إثيوبيا، وأحد عناصر الجذب السياحي، ليس بفضل جودة القهوة الإثيوبية وإن كانت الأبرز وإنما لكونها إحدى مكونات ثقافة وحضارة الشعب الإثيوبي، الذي يعتبر نفسه المكتشف الأول لنبتة البن في العالم.
القهوة الإثيوبية أنواع متعددة وشغف وحيد
وفي الفترة الأخيرة ارتفع سعر القهوة فبعد أن كان كيلو القهوة لا يتجاوز 150 بر إثيوبي، تراوح اليوم سعر كيلو القهوة بين 350 – 500 بر إثيوبي (7.5 إلى 10 دولارات )، وهوما زاد سعر فنجان القهوة، وبالرغم من ذلك فلا يزال سعر فنجان القهوة في متناول الجميع، فما أن يتنفس الصبح وتطلق شمس الصباح أشعتها على شوارع المدن والقرى الإثيوبية إلا وتشاهد الإثيوبيين متحلقين حول جلسات البن في المقاهي الرئيسية وأكشاك صناعة القهوة التي تنتشر في الشوارع والطرقات.
وقال بحرو تادسي، صاحب مقهي كي يا بأديس أبابا، إن سعر القهوة الإثيوبية بدء يتزايد ووصل كيلو البن350 برا إثيوبيا بعد أن بـ90 برا إثيوبيا، موضحا أنه يبيع فنجان القهوة بـ20 برا إثيوبيا، لما يتميز به المقهى من خدمات إضافية من قبل خبراء في إعداد القهوة وفق تعبيره.
ومقهي كي با بأديس ابابا، إحدى المقاهي المتميزة في تقديم القهوة، بعد طحنها وتحضيرها من قبل خبراء من الباريستا .
وأوضح تادسي، صاحب مقهى كي يا بأديس أبابا، لـ"العين الإخبارية"، أن مقهى كي يا يتمتع بعدد كبير من الزبائن.
أضاف لدينا نكهة خاصة بنا، ونستخدم أكواب ورقية للاستعمال مرة واحدة، والتي تناسب المحافظة على البيئة وتوعية الاحترام عن انتشار كوفيد19.
وأشار إلى أن البن ذات الجودة العالية يتم تصديرها للخارج ولا تتوفر للاستهلاك المحلي، ودعا الجهات المعنية أن توفر القهوة ذات الجودة العالية للسوق المحلي .
وتختلف جودة البن الإثيوبي "القهوة" بحسب المناطق التي تزرع فيها والتي تتأثر تبعا لمتغيرات المناخ والطقس في الهضبة الإثيوبية، ما مكن الإثيوبيين من إنتاج البن بمختلف أنواعه م ابين جيما بإقليم أوروميا؛ وهرر شرقي البلاد، وسيداما في الجنوب، ويرقا تشفي؛ ونقمت؛ وكافا ومناطق متعددة أخري من إقليم اوروميا .
فنجان القهوة الصباحي وحكايات لا تنتهي
وفنجان القهوة الصباحي في إثيوبيا تختلف أسعاره في السوق الإثيوبي من منطقة لأخري، خاصة بعد أن تزايد الطلب على البن في السوق العالمي وكثيرا ما يشتكي المواطن الإثيوبي من ارتفاع أسعار القهوة الإثيوبية.
حيث تختلف أسعار القهوة بحسب نوعيتها ومناطقها التي تزرع بها ، وتبعا لذلك تزايد الطلب العالمي على القهوة الإثيوبية ، وزاد بالتالي سعرها، لكن المواطن العادي الذي يتناول يوميا القهوة على ثلاث فترات بأقل تقدير، ما 4 إلى 8 فنجان من القهوة يوميا، كواحد من الثقافات والعادات والطقوس التي يمارسها الإثيوبي بشكل يومي.
ومع أنتشار جانحة كورونا في العالم، أظهرت البحوث الاستقصائية تزايد اقبال الإثيوبيين علي القهوة في مختلف المواقع ، والبقاء في المنازل، حيث لجأ الكثيرون للقهوة، وأعادوا للقهوة طقوسها الجميلة ومتنوعة عبر الجلسات الأسرية وإن كانت بطرق مختلفة مستخدمين التباعد الاجتماعي .
كما أن القهوة أيضا تعد مشروبا تراثيا واجتماعيا له طقوسه وعاداته، وإن خرجت مؤخرا ليتم احتساؤها في بهو الفنادق الكبرى والمطاعم وجوانب الطرق في أديس أبابا وغيرها من المدن الكبرى.
وتادسي بيني، يعمل في تجارة البن الإثيوبي لنحو 30 عاما في سوق انات وسط العاصمة أديس أبابا، قال لـ"العين الإخبارية"، إن البن الإثيوبي مصدر أساسي للعملة الأجنبية مثله مثل الثروة الطبيعية الأساسية لإثيوبيا، مضيفا الشعب الإثيوبي يحب شرب القهوة ولا يتخلى عنه وأصبح جزء من ثقافته.
وإستدرك بيني، أن الإثيوبيين يشترون البن برغم ارتفاع أسعاره ولا يتخلون عنه بسبب الغلاء.
وتعود جذور اكتشاف القهوة إلى إثيوبيا، على يد راعي أغنام من قبيلة "الأورومو"، الذي اكتشف الأثر المنشط لنبات حبوب القهوة.
ولاحظ الراعي في إحدى هضاب إثيوبيا أن قطيع الماعز يقفز بنشاط غير معهود ويتسلق الصخور بسرعة غير مألوفة، كلما أكلت الماعز من ثمار شجيرات، فبادر هو إلى تذّوقها وراح يشعر بحيوية زائدة وطاقة قوية لم يعتدها من قبل.