تغير المناخ.. أكثر 10 دول في مأمن من مخاطره الجسيمة
تعيش عشرات الدول حالة عنيفة من تقلبات الجو والظواهر الطبيعية بسبب تفاقم الاحتباس الحراري، ما نتج عنه تطرفا مضاعفا لظاهرة تغير المناخ.
أكثر من 3 قارات تعاني شعوبها حاليا من فيضانات عنيفة وحرائق غابات شديدة وعواصف قوية وانهيارات أرضية، إلى جانب المشاكل التي يعاني منها الكوكب مؤخرا من تقلص الغطاء الجليدي وارتفاع منسوب مياه البحر وتبييض الشعاب المرجانية وانتشار الصحاري.
دراسة جديدة شملت 176 دولة حددت قائمة من 10 دول هي الأقل عرضة لخطر تغير المناخ والتلوث السام، والأكثر قدرة على حماية نفسها بدعم من المجتمع الدولي.
أيضا خلصت ذات الدراسة إلى وجود علاقة قوية بين التلوث السام وغير السام في بعض البلدان، إذ ينتج عن الأخير مشاكل بيئية تؤدي إلى كارثة تغير المناخ.
وبطبيعة الحال أنتجت البشرية كميات كبيرة من التلوث السام وغير السام، ووفقا للدراسة يمكن أن يؤديان إلى تفاقم بعضهما البعض.
التلوث السام هو الجسيمات الدقيقة التي تضر بشكل مباشر بصحة الإنسان، أما التلوث غير السام هو الذي يسهم في الاحتباس الحراري وتغير المناخ.
سلط الباحثون، خلال الدراسة، الضوء على البلدان الأكثر عرضة لخطر تغير المناخ والتلوث السام، والتي يمكن للمجتمع الدولي أن يدعمها بشكل فعال للحد من الآثار السلبية لكلا النوعين من التلوث.
أيضا حدد الباحثون، في الدراسة التي نُشرت بمجلة PLOS ONE، البلدان التي ستتطلب دعمًا "لمواجهة تحديات الحوكمة من أجل الحصول على فرصة للتصدي بنجاح لمخاطر التلوث".
التلوث والاحتباس الحراري
نتج عن التلوث البشري تأثير سلبي عميق على البيئة في جميع أنحاء العالم، وهو ينشأ من الانبعاثات السامة مثل الجسيمات الدقيقة أو PM2.5، والانبعاثات غير السامة مثل غازات الاحتباس الحراري.
وخلال القرون القليلة الماضية، أطلق البشر المزيد من غازات الدفيئة في الغلاف الجوي مثل ثاني أكسيد الكربون، ما أدى إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض والمساهمة في تغير المناخ.
يشعر العلماء بالقلق لاعتقادهم أن بعض الآثار السلبية لتغير المناخ لا رجعة فيها، وأن نقاط التحول التي قد يتم تجاوزها قريبًا تسبب "ردود فعل ذاتية التعزيز في الاحتباس الحراري".
وعلق البروفيسور المشارك في الدراسة ويل ستيفن، خبير تغير المناخ والأستاذ الفخري في الجامعة الوطنية الأسترالية في كانبيرا: "هذا من شأنه أن يحد من قدرة البشرية على الاستجابة الجماعية لأزمة المناخ".
وفقًا لوكالة حماية البيئة (EPA)، تم ربط الجسيمات الدقيقة (التلوث السام) بالعديد من المشكلات الصحية الخطيرة، في المقام الأول أمراض الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية، كما يلحق الضرر بالأنهار والبحيرات والمياه الساحلية والتربة والغابات.
والتلوث السام وغير السام ليسا مسألتين منفصلتين، وتحديد الارتباط بينهما مهم لأنه قد يساعد المجتمع الدولي على تحديد البلدان التي يمكن دعمها بشكل أكثر فاعلية للاستجابة لكل من التلوث السام وغير السام، وفقا للدراسة.
التغير المناخي والتلوث السام
لتحديد العلاقة بين موقع التعرض للتلوث السام والضعف المناخي، حلل الباحثون البيانات من 3 مصادر:
- مؤشر الدولة لمبادرة نوتردام العالمية للتكيف، الذي يقيس مدى تعرض الدولة للضرر المرتبط بتغير المناخ.
- مؤشر ييل للأداء البيئي، الذي يقيس الصحة البيئية لبلد ما.
- التحالف العالمي للصحة والتلوث، الذي يقدر الوفيات بسبب التلوث السام.
وتضمنت البيانات 176 دولة وغطت حتى 2018، آخر عام كانت جميع مجموعات البيانات تحتوي على معلومات شملت جميع البلدان.
ووجد الباحثون "علاقة قوية" بين تعرض الدولة للتغير المناخي وتعرض سكانها للتلوث السام، وفقا لموقع medicalnewstoday.
تؤكد هذه النتيجة فرضية الباحثين وتدعمها الأبحاث السابقة التي أظهرت أن الآثار السلبية لتغير المناخ والتعرض للتلوث السام يؤثر بشكل غير متناسب على أفقر دول العالم.
وعلق البروفيسور فيليب لندريجان، مدير المرصد العالمي للتلوث والصحة بكلية بوسطن، الذي لم يشارك في البحث: "يعد احتراق الوقود المصدر الرئيسي لغازات الاحتباس الحراري التي تؤدي إلى تغير المناخ".
وأضاف: "هي مسؤولة أيضا عن 85٪ من تلوث الجسيمات المحمولة جواً وعن جميع أشكال التلوث تقريبًا بأكاسيد الكبريت والنيتروجين".
واختتم: "وبالتالي، فمن المنطقي أن الآثار الصحية لهاتين المشكلتين يجب أن تقع بشكل غير متناسب على نفس السكان".
البلدان الأقل عرضة لخطر تغير المناخ
حدد الباحثون، خلال الدراسة، قائمة بأكثر 10 بلدان في أفضل وضع لحماية نفسها من مخاطر التلوث السام وتغير المناخ بدعم من المجتمع الدولي، وهي:
- سنغافورة
- رواندا
- الصين
- الهند
- جزر سليمان
- بوتان
- بوتسوانا
- جورجيا
- كوريا الجنوبية
- تايلاند
أيضا حددت الدراسة بعض البلدان الأكثر تعرضًا لخطر التلوث السام والأضرار المرتبطة بتغير المناخ، التي لن تكون قادرة على الاستجابة لهذه المخاطر حتى مع الدعم الدولي، مثل جمهورية الكونغو والصين والهند.
وقال الباحثون إن هذا قد يرجع إلى عدد من العوامل، بما في ذلك عدم القدرة على تطبيق المعايير البيئية، واستغلال الشركات الخارجية لذلك، وقضايا جغرافية محددة.
علق الدكتور المشارك في الدراسة ريتشارد ماركانتونيو، من معهد كروك لدراسات السلام الدولي، جامعة نوتردام: "جوهر القضية يكمن في عدم المساواة العالمية في الاستهلاك وإنتاج التلوث".
وقال: "يتطلب كل مجتمع مخططًا مصممًا بشكل فريد للتخفيف أو التكيف مع الظروف الحالية والمستقبلية بشكل أفضل".
وأضاف: "لكن كمجتمع بشري نحتاج إلى تقليل استهلاكنا بشكل كبير كونه المحرك الأساسي للانبعاثات السامة وغير السامة، مع إعادة توزيع الاستهلاك حيث توجد فجوات كبيرة في الاستخدام الحالي".
وأوضح: "كما رأينا من أحداث الطقس المتطرفة الأخيرة، فإن جميع البلدان معرضة لخطر تأثيرات تغير المناخ، سواء كانت غنية أو فقيرة، على الرغم من أن البلدان الفقيرة في المتوسط تواجه مخاطر أكبر".
ورأى أن البلدان ذات الدخل المرتفع لها دور مهم تلعبه في كلا الأمرين، لأنها تميل إلى أن تكون الأكثر مسؤولية عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ولديها أعلى معدلات استهلاك المواد للفرد.
aXA6IDMuMTQwLjE4NS4xOTQg جزيرة ام اند امز