إنقاذ المناخ لا يزال ممكنا.. 8 مؤشرات إيجابية تؤكد بقاء الأمل
فرصة مواتية لتحقيق انتصارات فارقة
رغم كل التحذيرات، التي يطلقها الخبراء بين فترة وأخرى، وفي ظل تزايد وتيرة الأحداث المناخية المتطرفة، التي باتت تضرب في أنحاء العالم، يمكن رصد عدد من المؤشرات الإيجابية التي تدعو إلى التمسك بالأمل، واتخاذ مزيد من الإجراءات، التي قد تضمن للبشر كسب المعركة.
بعيداً عن الصورة القاتمة، التي يرسمها التقرير الأخير لفريق الخبراء في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، يمكن لهذه المؤشرات الإيجابية أن تسهم في تقليل مشاعر القلق الناتجة عن التغيرات المناخية، خاصةً أن نتائج تقرير الهيئة الحكومية لم تكن جميعها "كارثية" أو "كئيبة".
تستعرض "العين الإخبارية"، في هذا التقرير، 8 من المؤشرات الإيجابية، التي يمكن أن تتيح فرصة مواتية للبشر لتحقيق انتصارات فارقة في معركتهم ضد التغيرات المناخية.
تزايد استخدام السيارات الكهربائية
أول المؤشرات الإيجابية يتمثل في تزايد استخدام السيارات الكهربائية بشكل متسارع في جميع أنحاء العالم، مما يساعد على تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن النقل البري.
ووفقاً للعالم في الهيئة الدولية لتغير المناخ، سودارمانتو بودي نوغروهو، فإن الاستثمارات في البنية التحتية النشطة للنقل، جنباً إلى جنب مع نشر وسائل النقل الكهربائية، يمكن أن تدعم خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشكل كبير.
ويقول الخبير الدولي: "يمكن لذلك أن يجعل التنقل أكثر سهولة للجميع، بما في ذلك الفئات المهمشة"، خاصةً أن الهيئة الحكومية تسلط الضوء على أن الوقود الحيوي المستدام يمكن أن يوفر فوائد تخفيف إضافية في النقل البري، على المدى القصير والمتوسط".
وهناك العديد من استراتيجيات التخفيف في قطاع النقل، ستكون لها فوائد مشتركة، بما في ذلك تحسين جودة الهواء، بالإضافة إلى فوائد صحية، ووصول عادل إلى خدمات النقل، وتقليل الازدحام، فضلاً عن تقليل الطلب على الموارد.
انخفاض تكلفة التقنيات منخفضة الانبعاثات
تضمن تقرير هيئة (IPCC) أن تكاليف العديد من التكنولوجيات منخفضة الانبعاثات انخفضت بشكل مطرد منذ عام 2010، ويوضح مؤلف التقرير، ماساهيرو سوغيياما، أن تكلفة التكنولوجيات الرئيسية، مثل الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والمركبات الكهربائية، قد انخفضت بشكل كبير، ويقول في هذا الصدد: "يمكن أن يساعدنا هذا في تقليل الانبعاثات كثيراً".
ويؤكد "سوغيياما" أن الخيارات متاحة في جميع القطاعات، لخفض الانبعاثات بمقدار النصف بحلول عام 2030، مشيراً إلى أنه منذ عام 2010 إلى عام 2019، انخفضت تكاليف الطاقة الشمسية بنسبة 85%، وطاقة الرياح بنسبة 55%، وبطاريات الليثيوم أيون بنسبة 85%، كما أتاحت بعض الحوافز الابتكارية تخفيضات في التكاليف، ودعمت التوسع في استخدام التقنيات منخفضة الانبعاثات عالمياً.
التوسع في قوانين التخفيف
ويعرب مؤلفو التقرير عن ثقتهم بأن هناك توسعات في السياسات والقوانين التي تتناول التخفيف من آثار تغير المناخ، منذ أن نشرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ تقرير التقييم الخامس في عام 2014، حيث جاء في التقرير أن "سياسات التخفيف أدت إلى تجنب الانبعاثات التي كانت ستحدث لولا ذلك، وزيادة الاستثمار في التقنيات والبنية التحتية منخفضة الكربون".
وبحلول عام 2020، تمت تغطية أكثر من 20% من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية بضرائب الكربون، أو أنظمة تداول الانبعاثات، على الرغم من أن التغطية والأسعار لم تكن كافية لتحقيق تخفيضات كبيرة، علاوة على ذلك، صدرت قوانين مناخية مباشرة، تركز بشكل أساسي على التخفيضات في 56 دولة، تغطي 53% من الانبعاثات العالمية.
وفي العديد من البلدان، عملت السياسات المتبعة على تعزيز كفاءة الطاقة، وخفض معدلات إزالة الغابات، وتسريع نشر التكنولوجيا، مما أدى إلى تجنب، وفي بعض الحالات خفض أو إزالة، الانبعاثات، ومع ذلك، فإن تغطية السياسات للانبعاثات والتمويل لا يزال غير متساو عبر القطاعات.
كما يسلط العلماء الضوء على كيفية أداء "بروتوكول كيوتو"، الذي ألزم الدول والاقتصادات الصناعية في عام 1997، بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتقليل الانبعاثات في بعض البلدان، وكان له دور فعال في بناء القدرات الوطنية والدولية للإبلاغ عن الانبعاثات وحسابها.
وبالمثل، يؤدي اتفاق باريس لعام 2015، بمشاركة شبه عالمية، إلى تطوير السياسات، وتحديد الأهداف على المستويين الوطني ودون الوطني، لاسيما فيما يتعلق بالتخفيف من أثار تغير المناخ، فضلاً عن تعزيز شفافية العمل المناخي ودعمه.
- تحويل الهواء إلى كهرباء.."العين الإخبارية" تكشف تفاصيل "بديل الطاقة الشمسية" (حوار)
- الابتكار الزراعي الأخضر.. هكذا يصبح للغذاء سيف وللمناخ درع
تغيير الانبعاثات الصناعية لا يزال ممكناً
يؤكد كثير من الخبراء أن انبعاثات الكربون الصافية الصفرية من القطاع الصناعي، على الرغم من حجم التحدي، لا تزال ممكنة، حيث يوضح التقرير أن الحد من انبعاثات الصناعة، سوف يستلزم اتخاذ إجراءات منسقة عبر سلاسل القيمة، لتعزيز جميع خيارات التخفيف، بما في ذلك إدارة الطلب، وكفاءة الطاقة والمواد، وتدفقات المواد الدائرية، فضلاً عن تقنيات التخفيف والتغيرات التحويلية في عمليات الإنتاج.
ويلفت التقرير إلى أنه من أجل تحقيق التقدم نحو "صافي صفري"، يمكن للصناعات الاستفادة من عمليات الإنتاج الجديدة، باستخدام مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، والهيدروجين الأخضر، والوقود الحيوي، بالإضافة إلى التحكم في إدارة الكربون.
المدن تقدم فرصة كبيرة للعمل المناخي
خامس المؤشرات الإيجابية يتعلق بالمدن والمناطق الحضرية، التي يمكن أن توفر فرصاً رئيسية للتخفيف من آثار تغير المناخ، وفق الخبير سير كيلكيس، الذي يؤكد أنه "يمكن لجميع المدن المساهمة في تحقيق مستقبل صافي انبعاثات صفري، من خلال دمج القطاعات والاستراتيجيات والابتكارات، سواء كانت مدناً قائمة أو نامية أو ناشئة".
ويعتبر أن الطريقة التي يستمر بها تخطيط المناطق الحضرية، وتفاعلاتها مع نظام الطاقة، والطلبات على المواد، تحدد فرصاً متعددة تعود بالفوائد على الناس والكوكب.
وبحسب مؤلف تقرير الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، فإن «كل هذا ممكن، بينما تعمل المدن على تحسين جودة الهواء، وزيادة فرص العمل، وتوسيع البنية التحتية الحضرية الخضراء والزرقاء، وتوفير منافع مشتركة أخرى للتنمية المستدامة في جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى التكيف مع المناخ.
ويلفت التقرير إلى أن جهود التخفيف من تداعيات تغير المناخ في المدن يجب أن تركز على 3 محاور، تتضمن تقليل أو تغيير استهلاك الطاقة والمواد، وتخضير الكهرباء، وتعزيز امتصاص الكربون وتخزينه في البيئة الحضرية.
اتخاذ تدابير اقتصادية
كما يشير التقرير إلى أنه تم بالفعل نشر العديد من الأدوات التنظيمية والاقتصادية بنجاح، وبحسب فريق الخبراء بالهيئة الحكومية الدولية، فإنه يمكن لهذه الأدوات أن تدعم التخفيضات العميقة للانبعاثات، وتحفز الابتكار، إذا تم توسيع نطاقها وتطبيقها على نطاق أوسع، ويمكن للحزم على مستوى الاقتصاد، بما يتفق مع الظروف الوطنية، أن تلبي الأهداف الاقتصادية قصيرة الأجل، مع تقليل الانبعاثات.
ووفقاً للبيانات، فقد ارتفع إجمالي التدفقات المالية للتخفيف من حدة تغير المناخ والتكيف معه، بنسبة تصل إلى 60% في الفترة من عام 2013/ 2014 إلى عام 2019/ 2020، ولكن متوسط النمو تباطأ منذ عام 2018، وظلت هذه التدفقات المالية مركزة بشدة على التخفيف، وهي متفاوتة، وتطورت بشكل غير متجانس عبر المناطق والقطاعات.
ويؤكد الخبراء أن إلغاء دعم الوقود الأحفوري من شأنه أن يقلل من الانبعاثات، ويحسن الإيرادات العامة وأداء الاقتصاد الكلي، ويحقق فوائد بيئية وتنموية مستدامة أخرى.
ويلفت التقرير إلى أنه من المتوقع إلغاء دعم الوقود الأحفوري، للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، بنسبة من 1 إلى 4%، وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة تصل إلى 10%، بحلول عام 2030.
الناس مهتمون ومنخرطون
المؤشر السابع يتمثل في إدراك مؤلفي تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، في تقييمهم، أن العديد من المواطنين حول العالم، مهتمون بالطبيعة وحماية البيئة، ولديهم الحافز للانخراط في العمل المناخي.
توضح ليندا شتيج، عضو الهيئة، أن "الناس قد يواجهون عوائق في العمل، يمكن إزالتها من خلال الإجراءات"، مشيرةً إلى أن العديد من الحكومات مرتبكة حالياً، حول مسألة ما إذا كان الناس سيدعمون حقاً بعض التغييرات الجذرية.
وتؤكد الخبيرة الأممية أن تقرير التقييم يوضح أن القبول العام يكون أعلى، عندما يتم توزيع التكلفة والفوائد بطريقة عادلة، وعندما يتم اتباع إجراءات عادلة وشفافة لصنع القرارات والسياسات.
محاولات للوصول إلى "صفر" انبعاثات
يوضح تقرير (IPCC) أن الوصول إلى صافي انبعاثات غازات الدفيئة صفري، يتطلب أكثر من خفض الانبعاثات، ويتضمن خياراً يسمى إزالة ثاني أكسيد الكربون (CDR)، ويلفت "سوغيياما" إلى أن المسألة تنطوي على إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وتخزينه على الأرض، أو في المحيط.
ويلفت التقرير إلى أن التأثيرات والمخاطر والفوائد المشتركة لنشر ثاني أكسيد الكربون على النظم الإيكولوجية والتنوع البيولوجي والناس، ستكون شديدة التباين، اعتماداً على الطريقة والسياق الخاص بموقع التخزين والتنفيذ والنطاق.
ومع ذلك، فإن تحسين إدارة الغابات، وعزل الكربون في التربة، واستعادة الأراضي، وإدارة الكربون الأزرق، هي أمثلة على الأساليب التي يمكن أن تعزز التنوع البيولوجي ووظائف النظام الإيكولوجي وسبل العيش المحلية.
توضح مرسيدس بوستامانتي، إحدى أعضاء فريق التقرير، أن "خيارات التخفيف المعتمدة على الأراضي المصممة جيداً لإزالة الكربون، يمكن أن تفيد أيضاً التنوع البيولوجي والنظم البيئية، وتساعدنا على التكيف مع تغير المناخ، وتأمين سبل العيش، وتحسين الأمن الغذائي والمائي، واستعادة النظم البيئية الطبيعية".