الابتكار الزراعي الأخضر.. هكذا يصبح للغذاء سيف وللمناخ درع
المبادرة الإماراتية الأمريكية ملهمة للعالم
يمكن للابتكار الأخضر (GI) أن يقلل من التأثير الاقتصادي الضار على البيئة، كاستراتيجية مهمة لبناء الاستدامة والأمن الغذائي في العالم.
والابتكار الأخضر "Green innovation" هو تطوير منتجات وعمليات صديقة للبيئة بشكل يساعد في تنفيذ الممارسات المبتكرة مثل المواد الخام الصديقة للبيئة والتصميم الصديق للبيئة ووضع العلامات على تقليل الانبعاثات واستهلاك الكهرباء والمواد الخام والمياه.
وتعد القدرة التشغيلية للمزارع وانتشار التكنولوجيا والوعي البيئي محددات مهمة تخلق التأثير الإيجابي للابتكار الأخضر والأداء الاقتصادي بشكل عام.
وتلعب هذه المحددات دورا رئيسيا في الحصول على الأداء البيئي المطلوب شريطة أن تكون جزءا من استراتيجية للابتكار الأخضر في الإنتاج الزراعي، حيث يلعب الوعي البيئي دورا وسيطا في تعزيز ابتكار الإنتاج الأخضر المستقبلي في الصناعة الزراعية.
ويلعب الابتكار الأخضر (GI) دورا مهما في الإصلاح الزراعي الذي يضمن الموارد الغذائية ويحمي البيئة، ويعد "GI" أيضا شرطا للتحديث والتنمية المستدامة للإنتاج الزراعي في البلدان الناشئة.
القدرة التشغيلية وانتشار التكنولوجيا
زيادة التلوث الزراعي مثل تدهور التربة وتغير المناخ يشكل تحديات لبناء البيئة الإيكولوجية والتنمية الزراعية، وبالتالي قد يوفر الابتكار الأخضر طفرة لتطوير الاستدامة في الإنتاج الزراعي.
وتتطلب البلدان التي تهدف إلى تحقيق النمو الاقتصادي طاقة هائلة في أنشطة الاستهلاك وإنتاج الأغذية، وقد تؤدي زيادة النمو الاقتصادي إلى تدهور البيئة من خلال انبعاثات الكربون في الغلاف الجوي.
وهنا يأتي دور الابتكار الأخضر في القطاع الزراعي للحد من الآثار البيئية الضارة وتحفيز النمو الاقتصادي الإبداع والتكنولوجيا حفزا التنمية المستدامة من خلال الابتكار.
وتشير الكثير من الأبحاث التي تركز على الابتكار الأخضر إلى ضرورة فهم كيفية تأثير القدرة التشغيلية وتأثير التكنولوجيا غير المباشرة على الابتكار الأخضر، باعتبارهما متنبئات بالابتكار الأخضر في الإنتاج الزراعي.
القدرة التشغيلية للابتكار الأخضر خطوة لتحقيق التنمية المستدامة، وهناك حاجة إلى القدرات والموارد التشغيلية لدعم الابتكار الأخضر.
وتعزى القدرة التشغيلية في الغالب إلى الموارد والممارسات التشغيلية، كونهما عنصرين رئيسيين للكفاءة، وللقدرة جانبان، أحدهما تحويل المدخلات إلى نتائج، والثاني يتعلق بتغيير القدرات الأخرى.
أما دور انتشار التكنولوجيا كمحرك للابتكار في الزراعة الخضراء والأداء البيئي، ينظر إليه كاستراتيجية أكثر فاعلية لتعزيز كفاءة الإنتاج الزراعي، وتقليل الانبعاثات الزراعية.
ويمكن أن يلعب التقدم في تقنيات إعادة التدوير وإعادة استخدام الموارد دورا مهما في الحد من التلوث والانبعاثات في الزراعة.
الوعي البيئي
أظهر العلماء العلاقة بين الوعي البيئي وصحة الإنسان والإنتاج لأن إنتاج الغذاء له آثار على جودة البيئة وصحة الإنسان.
ومن المرجح أن يشتري الأشخاص الذين لديهم مخاوف بيئية وصحية المنتجات العضوية أو المنتجات المصنعة الصديقة للبيئة، فيما يميل المنتجون الذين يتمتعون بمستوى عال من الوعي البيئي ومخاوف صحة الإنسان إلى أن يكونوا أكثر عرضة لتبني الابتكار الأخضر.
وأظهرت دراسة نشرتها مجلة " دراسات في الاقتصاد و إدارة الأعمال" أن الابتكار الأخضر في المؤسسة يحسن الأداء البيئي للمؤسسة من خلال دور كل من ابتكار المنتجات الخضراء و ابتكار العمليات الخضراء في تحسين الأداء البيئي وتتجلى أهم توصية في ضرورة تبني فكرة الابتكار الأخضر للمؤسسات سواء تعلق الأمر بالعملية أو المنتج أو التنظيم للوصول إلى الأداء البيئي المستدام.
مبادرة ملهمة
في أبريل/نيسان 2021 أطلقت دولة الإمارات، والولايات المتحدة الأمريكية، بدعم من المملكة المتحدة والبرازيل والدنمارك وإسرائيل وسنغافورة وأستراليا والأورغواي، "مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ" وذلك خلال قمة القادة للمناخ التي عقدت افتراضياً برعاية الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وتهدف المبادرة إلى تكثيف وتسريع جهود الابتكار والبحث والتطوير العالمية في جميع جوانب القطاع الزراعي على مدى السنوات الخمس المقبلة للحد من تداعيات تغير المناخ والتكيف معه.
وقال الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة بدولة الإمارات الرئيس المعين لمؤتمر الأطراف COP28 "تولي دولة الإمارات أولويةً قصوى للابتكار العالمي في مجال إنتاج الغذاء، وذلك نظراً لاعتمادها إلى حد كبير على الواردات الغذائية".
ومن خلال مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ، تعمل دولة الإمارات مع الولايات المتحدة وشركائها الآخرين لتحفيز الاستثمار وتعزيز الالتزام في هذا القطاع، تماماً كما فعلت في قطاع الطاقة، حيث تمكنت من خفض تكلفة مصادر الطاقة المتجددة من خلال الاستثمار المبكر والسياسات الواضحة والشراكات الدولية.
وأثمرت هذه المبادرة ضمن استعدادات دولة الإمارات لاستضافة مؤتمر الأطراف للمناخ COP28 في الفترة من 6 إلى 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2023عن تسجيل التزامات من 23 دولة حول العالم، وتوجيه استثمارات بقيمة تجاوزت 8 مليارات دولار في نظم الزراعة الذكية مناخياً.
ومؤخراً أعلنت المبادرة خلال انعقاد قمة «مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ» في واشنطن عن نمو التزامات الدول إلى أكثر من 13 مليار دولار لاستثمارها في أنظمة الزراعة الذكية مناخياً، بالإضافة إلى نمو الشركاء الحكوميين وغير الحكوميين إلى أكثر من 500.
وفي السياق، دشنت دولة قطر، الإثنين الماضي، المعرض الدولي للبستنة "إكسبو الدوحة 2023 للبستنة"، تحت شعار "صحراء خضراء.. بيئة أفضل".
ويستمر المعرض خلال الفترة من 2 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى 28 مارس/آذار عام 2024 في حديقة البدع، حيث يمتد إلى 179 يوما، وهو أول معرض عالمي للبستنة يقام في منطقة ذات مناخ صحراوي، فيما يغطي 4 مواضيع رئيسة هي: الزراعة الحديثة والتكنولوجيا والابتكار والوعي البيئي إضافة إلى الاستدامة.
شهد الافتتاح الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات الذي أشاد بالمعرض الذي يمثل منصة للابتكار وفرصة للتواصل والتعاون المشترك لإيجاد حلول مستدامة للتحديات البيئية ومنها الزراعة والأمن الغذائي والمائي والحفاظ على موارد البيئة لضمان مستقبل أفضل للأجيال المقبلة.
وتشارك دولة الإمارات في المعرض بجناح متميز تحت شعار "إرث وأثر" يروي خلاله قصصاً ملهمة للرواد في دولة الإمارات والارتباط الوثيق والدائم بين مجتمع الدولة والطبيعة.
الابتكار الأخضر ضرورة
يساهم تطوير الاقتصاد الأخضر في القطاع الزراعي في الاستخدام الرشيد والاقتصادي والفعال للموارد الطبيعية وحماية البيئة من خلال التغييرات في الإنتاج.
وإذا كانت انبعاثات غازات الدفيئة والتلوث البيئي تحدث بمعدل ينذر بالخطر، فإن الابتكار الأخضر يشمل جميع أنواع الابتكارات التي تساهم في إنشاء المنتجات أو الخدمات أو العمليات الرئيسية لتقليل الضرر والتأثير وتدهور البيئة، كما يحسن استخدام الموارد الطبيعية.
يطور هذا النوع من الابتكار دورًا مهمًا هذه الأيام لأنه يوجه الاستخدام المناسب للموارد الطبيعية لتحسين رفاهية الإنسان، علاوة على ذلك فإن إحداث وإدماج التغييرات في المنتجات وعمليات الإنتاج يمكن أن يسهم في التنمية المستدامة.
وللابتكار الأخضر القدرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والبيئية وفتح مصادر جديدة للنمو من خلال القنوات التالية:
• الإنتاجية: حوافز لزيادة الكفاءة في استخدام الموارد والأصول الطبيعية. مما يؤدي إلى تعزيز الإنتاجية وتقليل النفايات واستهلاك الطاقة وإتاحة الموارد للاستخدام الأعلى قيمة.
• الابتكار: فرص الابتكار مدفوعة بالسياسات والشروط الإطارية التي تسمح بطرق جديدة لمعالجة المشاكل البيئية.
• الأسواق الجديدة: إنشاء أسواق جديدة من خلال تحفيز الطلب على التقنيات والسلع والخدمات الخضراء. وبالتالي خلق فرص عمل جديدة في إطار بيئي غير تقليدي.
• الثقة: تعزيز ثقة المستثمرين من خلال زيادة القدرة على استشراف المستقبل والاستقرار حول كيفية تعامل الحكومات مع القضايا البيئية الرئيسية.
• الاستقرار: سوف يؤدي هذا النوع من الابتكار إلى خلق ظروف اقتصاد كلي أكثر توازناً. والحد من تقلب أسعار الموارد. ودعم الضبط المالي من خلال على سبيل المثال مراجعة كفاءة وتكوين الإنفاق العام وزيادة الإيرادات من خلال تسعير التلوث وغيرها من السياسات الجاذبة لتحقيق التنمية المستدامة.