صناعة التزلج في كولومبيا البريطانية أمام تحد مناخي.. كيف ذلك؟
تواجه صناعة التزلج في كولومبيا البريطانية تحديات متزايدة بسبب تأثيرات تغير المناخ، التي تتجسد في ارتفاع درجات الحرارة الشتوية وتقليص موسم التزلج، مما يؤثر على الاقتصاد المحلي ويقلل من عدد الزوار.
أثرت هذه التغيرات على العديد من محبي الرياضات الشتوية، بما في ذلك ديفيد هولينجورث، الذي يروي تجربته مع تدهور الظروف الثلجية في السنوات الأخيرة.
- انطلاق الرحلة رقم 100 ألف لقطار الشحن الصيني الأوروبي.. قوة دافعة لحركة التجارة
- تركيا.. الحكومة تحدد الأسعار المدارة بما يتماشى مع هدف التضخم
لقد كان هولينجورث، الذي نشأ في أونتاريو، يخطط لقضاء عطلاته الشتوية في التزلج، ولكنه بدأ يلاحظ منذ العام الماضي أن منتجعات التزلج في كولومبيا البريطانية تواجه صعوبات بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
وعلى سبيل المثال، لم يكن جبل سيمور مفتوحا في عيد الميلاد الماضي، ما أثر على خطط العائلة.
ووفقا للخبراء، منهم مايكل بيدويرني الأستاذ المساعد لعلوم الأرض والبيئة في جامعة كولومبيا البريطانية، فإن هذا يمثل مؤشرا على التغيرات المستقبلية، حيث يوضح أن شتاء عام 2023 كان الأدفأ في كندا، ومن المتوقع أن تصبح مثل هذه الظروف هي القاعدة بحلول عام 2050.
وفي الوقت نفسه، تشير الدراسات إلى أن 70% من منتجعات التزلج على الساحل الغربي في أمريكا الشمالية قد تواجه صعوبة في الاستمرار في ظل هذه التغيرات.
ووفقاً لدراسة أجراها باحثون في جامعة واترلو وجامعة إنسبروك في عام 2024، أدى تغير المناخ الناتج عن الأنشطة البشرية إلى تقصير مواسم التزلج، مما كلف صناعة التزلج في الولايات المتحدة نحو 252 مليون دولار أمريكي سنويا.
ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم بحلول عام 2050 ليصل إلى 657 مليون دولار في بيئة منخفضة الانبعاثات، أو 1.4 مليار دولار في حال استمرار الانبعاثات العالية.
وتُضاف إلى هذه الخسائر تكاليف رأس المال اللازمة لتوسيع صناعة الثلج، فضلا عن تراجع الإيرادات في القطاعات المرتبطة مثل الفنادق والمتاجر، بالإضافة إلى انخفاض قيم العقارات في مناطق التزلج.
في كولومبيا البريطانية تسهم منتجعات التزلج بمبلغ 2.15 مليار دولار في الاقتصاد المحلي، وتوفر أكثر من 16 ألف فرصة عمل، فإن التأثير الاقتصادي لهذه التغيرات المناخية قد يكون بالغ الأثر.
ومن جانبه، قال كريستوفر نيكلسون، رئيس رابطة مناطق التزلج في غرب كندا، إن زيارات المتزلجين في كولومبيا البريطانية انخفضت في الموسم الماضي بنحو 1.2 مليون زيارة، أي بنسبة تتراوح بين 15 و20 في المائة مقارنة بالعام السابق.
وأوضح أن الوجهات الكبرى تأثرت بشكل أقل، حيث يميل الزوار -لا سيما الأجانب منهم- إلى الحجز المسبق، لكن التلال الإقليمية، التي شهدت ظروفا ثلجية سيئة، عانت انخفاضات أكثر حدة في أعداد الزوار.
وأضاف نيكلسون "كان الوضع أكثر تقلبا في السوق المحلية، لأن الناس يمكنهم اتخاذ قرار في الصباح بشأن ما إذا كانوا سيذهبون أم لا"، مشيرا إلى أن التلال الصغيرة كانت الأكثر تأثرا.
ومن ناحية أخرى، قال نيكلسون إن العديد من منتجعات التزلج بدأت في استخدام "مزارع الثلج" وتوسيع الأنشطة الصيفية لتقليل الاعتماد على موسم التزلج الشتوي ومواجهة التغيرات المناخية.
وتشمل هذه المزارع استخدام سياج الرياح لالتقاط الثلج الطبيعي عندما يتساقط، وصناعة الثلج خلال الفترات الباردة، ثم تخزينه عند ارتفاع درجات الحرارة.
كما تسعى بعض المنتجعات إلى تقليل اعتمادها على الإيرادات الشتوية من خلال تعزيز الأنشطة الصيفية، مثل ركوب الدراجات الجبلية والمشي لمسافات طويلة، إضافة إلى تنظيم حفلات الزفاف والمؤتمرات.
وأضاف نيكلسون "من الواضح أن هناك سنوات تكون فيها الأمور أكثر صعوبة من غيرها، ولكننا نخطط للأسوأ ونأمل في الأفضل، نحن نشبه المزارعين إلى حد كبير، حيث إن المد والجزر في المواسم هو جزء من طبيعة عملنا في منتجعات التزلج".
ومع ذلك، يعتقد بيدويرني أن التحديات ستتفاقم، وأن التزلج قد يصبح رياضة خاصة للأثرياء الذين يستطيعون تحمل تكاليف السفر إلى الوجهات الثلجية القليلة المتبقية.
ويقول بيدويرني إن المشكلة تكمن في أن التغيرات المناخية تحدث بسرعة كبيرة، مضيفا "يجب أن تكون درجات الحرارة أثناء الليل أقل من درجتين تحت الصفر، وكلما كانت أكثر برودة كان ذلك أفضل لصناعة الثلج الاصطناعي، لكن إذا كانت الليالي دافئة بما يكفي فلن تتمكن من الاستمرار في صناعة الثلج".
وأشار بيدويرني إلى أن الموسم الماضي شهد ظروفا سيئة في منتجعات التزلج عبر أمريكا الشمالية، ليس فقط في الشرق أو الغرب، وإنما في كافة أنحاء القارة، وأدى تأثير أحداث مناخية مثل النهر الجوي في يناير/كانون الثاني إلى تفاقم هذه الظروف.
ومن جهته، يلاحظ هولينجورث، المقيم في شمال فانكوفر، تناقص عدد أيام الثلوج كل عام، وعندما يتساقط الثلج، لا يبقى طويلا.
وعلى الرغم من أنه لا يزال يشتري تذاكر سنوية في جبل سيمور، فإنه يشعر بالقلق بشأن تأثيرات ارتفاع درجات الحرارة.
ويقول هولينجورث "إنه أمر مدمر ومحزن، ويبدو كأنه عار سخيف عندما تعرف أن هناك ما يمكننا فعله حيال ذلك، بينما يظل الناس غير مدركين أو غير راغبين في مواجهة المخاطر التي أمامنا".
aXA6IDMuMTM4LjExNC4xMTMg جزيرة ام اند امز