دبلوماسية المناخ.. ترجمة عملية لسياسة الخليج المتوازنة (خاص)
كيف يمكن الحفاظ على أمن الطاقة عالميا، وفي نفس الوقت يتم إعطاء المزيد من الاهتمام بقضية التغير المناخي.
هذه السياسة المتوازنة التي أقرتها دول الخليج العربي وبدأت تجد طريقا للتنفيذ في سياساتها العملية، يعبر عنها بشكل واضح حرص أغلب دول الخليج على تعيين مبعوث خاص لها بشؤون المناخ، فيما وصف بأنه تدشين لحقبة جديدة من "الدبلوماسية المناخية".
واستحدثت المملكة العربية السعودية هذا المنصب في 29 مايو/ أيار الماضي، وتقلده وزير الدولة للشؤون الخارجية، عادل الجبير، ليكون أول مبعوث لها لشؤون المناخ.
وسبق السعودية في اتخاذ خطوات مُماثلة عدد من دول الخليج، فقامت دولة الإمارات العربية المتحدة، في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2020، باختيار الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المُتقدمة، مبعوثا خاصا للتغير المناخي.
وسبق أن أعلنت مملكة البحرين في عام 2014 تولي الدكتور محمد بن مبارك بن دينه منصب المبعوث الخاص لشؤون المناخ
ويصف أحمد قنديل، رئيس برنامج دراسات الطاقة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في دراسة له نشرها مركز "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة"، هذا التحرك نحو ما يعرف بـ"دبلوماسية المناخ"، بأنه يعكس الاهتمام الخليجي بتحقيق التوازن بين قضايا البيئة والتغير المناخي، دون إضعاف أسواق النفط والغاز لتحقيق أمن الطاقة عالميا.
ويعدد قنديل في دراسته المنشورة في أغسطس/آب الماضي بعض من التحركات الخليجية الإيجابية في اتجاه قضايا البيئة، متمثلة في مشروعات التقاط وتخزين الكربون وإنتاج الهيدروجين الأخضر، التي تم الإعلان عنها، ومنها إطلاق السعودية عام 2021 مبادرتي "السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر"، وتضمنتا تنفيذ أكبر برنامج إعادة تشجير في العالم عبر زراعة 50 مليار شجرة، منها 10 مليارات في المملكة، وإطلاق صندوق إقليمي لضخ استثمارات بأكثر من 10 مليارات دولار لتمويل الحلول التقنية لخفض الانبعاثات الكربونية.
وأعلنت دولة الإمارات في هذا السياق أيضا إضافة استثمارات بقيمة 600 مليار درهم (ما يعادل 164 مليار دولار) في مجال الطاقة النظيفة، سواء في السوق المحلي أو الدولي، كما ستعمل الإمارات على إنشاء مشاريع جديدة في مجال إنتاج الطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر، بهدف تصديره.
ويقول قنديل: "ستكون مهمة دبلوماسية المناخ التي يمارسها مبعوثو المناخ، شارحة لهذه التحركات، وموضحة لأهمية التوازن بين التعامل مع أزمة تغير المناخ من جهة، والمحافظة على أمن الطاقة من جهة أخرى، كما أن هذه الدبلوماسية ستساعد في خلق شراكات طويلة المدى بين دول الخليج المُنتجة والمُصدرة للهيدروكربونات وبين باقي دول العالم، للتعامل مع أزمة المناخ".
ومن جانبه، يصف محمد الحجري، الباحث في مركز بحوث الصحراء في مصر، في تصريحات لـ"العين الإخبارية" هذه السياسة المتوزانة، بأنها سياسة عملية تحقق ما يعرف بـ"الحياد الكربوني".
ويقول الحجري وهو رئيس أحد مشروعات مواجهة تداعيات تغير المناخ، وهو مشروع "حلول مبتكرة ومحسنة قائمة على الطبيعة لمياه حضرية مستدامة (NICE)، الممول من الاتحاد الأوروبي: "مع اعترافنا بأهمية الطاقة المتجددة، إلا أن تعميمها يحتاج لظروف طقس معينة قد لا تتوفر لكل دولة، لذلك فإنه مهما تم الاستثمار في هذه الأنماط من الطاقة، ستظل الطاقة الهيدروكربونية مطلوبة، بشرط العمل على تخفيف أضرارها بسياسة الحياد الكربوني، وهذا ما تسعى له دول الخليج".
والحياد الكربوني هو التوازن ما بين انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المُتسببة في ارتفاع درجة حرارة الأرض التي ينتهي بها المطاف إلى الغلاف الجوي، وبين تلك التي تتم إزالتها من الأرض.
ومؤخرا تعهدت أكبر شركة مُنتجة للنفط في العالم، وهي "أرامكو" السعودية، بتحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن الحالي، وبالمثل، تعهدت شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 25% بحلول عام 2030.
aXA6IDMuMTQxLjI5LjIwMiA= جزيرة ام اند امز