مستشارة الكوارث المناخية لـ"العين الإخبارية": باكستان تحاول التعافي من خسائرها (حوار)
مديرة التواصل في كوب27: العالم يتطلع لقيادة الإمارات لتجسيد الالتزامات المناخية
كانت الكارثة المناخية التي حدثت في دولة باكستان العام الماضي هي النموذج الأوضح والأسوأ مؤخراً لما يمكن أن تفعله التغيرات المناخية.
كانت الكارثة المناخية التي حدثت في دولة باكستان العام الماضي هي النموذج الأوضح والأسوأ مؤخراً لما يمكن أن تفعله التغيرات المناخية بالدول، إذ أثرت الفيضانات على أكثر من 33 مليون شخص، ودمّرت المؤسسات والمنازل والمرافق الصحية .
ولا تزال "الخسائر والأضرار" هي القضية ذات الأولوية للدول النامية والأكثر تأثراً لمخاطر التغيرات المناخية، وأكبر همومها في مفاوضات العمل المناخي.
"العين الإخبارية" أجرت مقابلة مع فاطمة يمين، مستشارة التكيف مع المناخ والكوارث المناخية في باكستان، والتي كانت تعمل كمديرة الاتصال والإعلام لوزارة التغير المناخي في باكستان أثناء COP27، وتعمل الآن مع العديد من المنظمات المحلية والدولية كمستشارة للتكيف مع تغير المناخ.
وإلى نص الحوار:
ما التطورات التي حدثت في باكستان لإعادة تأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات القاسية في العام الماضي؟
لا تزال باكستان تحاول التعافي من آثار الفيضانات المدمرة التي أعادت أهلها ومؤسساتها إلى الوراء عشر سنوات على الأقل، وفي هذه اللحظة تعمل وزارة التغير المناخي تحت قيادة الوزيرة الفيدرالية شيري رحمن على عدة مبادرات مثل Living Indus وهي مبادرة لاستعادة الصحة البيئية داخل منطقة نهر السند، التي تعتبر الأكثر تأثرا بالتغيرات المناخية في باكستان، وأيضًا على مشروع Recharge Pakistan أو "إعادة الطاقة لباكستان"، وهو مشروع يهدف لتعزيز الأمن المائي وإيجاد حلول قائمة على الطبيعة للتكيف مع تغير المناخ.
الأمر معقّد لأننا نواجه الكثير من التحديات الصعبة، ونحاول أن نتعامل معها بموارد محدودة، وفي نفس الوقت نحاول التعافي من آثار كارثة الفيضانات التي أثرت على أكثر من 33 مليون شخص في باكستان، وبالرغم من أننا نقطع خطوات في خطط إعادة التأهيل التي تنفذها الوزارات المحلية والشركاء الدوليين، إلا أننا لا نزال غير متأكدين من تحقيق التعافي الكامل، حيث تستمر تأثيرات المناخ في التزايد بشكل غير مسبوق.
ما التحديات الرئيسية التي تواجه باكستان الآن للتعافي من آثار فيضانات العام الماضي؟
تقاطعت هذه الخسائر والتحديات مع الركود العالمي الذي أثر على باكستان والعالم كله، بالتوازي بالطبع مع تداعيات جائحة كوفيد-19، كل هذه الأوضاع الصعبة جعلت الوضع متفاقماً.
كل هذه الاضطرابات نتج عنها أزمات اقتصادية وسياسية واجتماعية، جعلت من عملية التعافي مهمة صعبة ستستغرق مدّة طويلة، في الوقت نفسه، نستعد الآن التأثيرات المتوقعة لظاهرة النينو، والتي ستؤدي إلى هطول أمطار غزيرة تتجاوز المعدل الطبيعي في بعض أجزاء البلاد مرة أخرى هذا العام.
ما القضايا التي تعتقدين أنّ لها الأولوية في مفاوضات COP28؟
شكّل COP27 الذي انعقد بمصر العام الماضي لحظة فارقة في تاريخ دبلوماسية المناخ بعد اتفاقية باريس. لقد حقّق إنجاز مهم للعدالة المناخية للبلدان التي سعت طويلاً للحصول على تمويل مناخي ملائم، وسيساعد إنشاء "مرفق تمويل الخسائر والأضرار" على تعويض الاقتصادات النامية التي تعاني من الآثار المدمرة لتغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك قدمت مبادرة حماية الجميع بنظم الإنذار المبكر للأمين العام للأمم المتحدة مزيدًا من الاهتمام بمحنة السكان المعرضين للخطر في جميع أنحاء العالم، والذين لا يزالون يواجهون كوارث ناجمة عن تغير المناخ تهدد حياتهم.
هذه القرارات وضعت حجر الأساس لمفاوضات COP28، والذي سيحدث فيه تقييم عالمي لنحدّد إذا كانت الدول تتبع المسار الصحيح لتخفيض الانبعاثات، ومدى التزامهم بتعهداتهم وبمنح التمويل اللازم حتى لا تتخطى زيادة درجة حرارة الأرض واحد ونصف درجة مئوية.
وفيما يتعلق بمرفق تمويل "الخسائر والأضرار"، لا تزال الاجتماعات جارية لتفعيله، ومن المتوقع اتخاذ القرارات الرئيسية في كوب 28.
وتقع المسؤولية هذا العام على عاتق دولة الإمارات العربية المتحدة لضمان الوفاء بالتزامات COP27، ومتابعة ما استجد في ملف " الخسائر والأضرار"، والوصول إلى آلية نهائية لمعرفة كيف يمكن للدول المتقدمة أن تقوم بتعبئة 100 مليار دولار أمريكي من تمويل المناخ العام والخاص للبلدان النامية ،والذي لم يتحقّق حتى الآن.
ويجب الإشارة إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة التزمت بأداء دور حاسم في تعزيز وتوسيع المكاسب في الابتكار الزراعي لمواجهة تغير المناح، كجزء من مبادرة "AIM for Climate ، بقيادة الولايات المتحدة ودولة الإمارات، جنبًا إلى جنب مع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو"، من أجل تعزيز المرونة المناخية والتخفيف من آثار تغير المناخ على الزراعة وإنتاج الغذاء.
في الحقيقة، جدول أعمال COP28 ثقيل، ويتطلع العالم إلى دولة الإمارات العربية لتجسيد الالتزامات التي لم يعد من الممكن تأجيلها لبناء مستقبل مرن قادر على مواجهة تغير المناخ، ونحن في باكستان نستثمر ثقتنا في في رئاسة دولة الإمارات للوصول إلى نتائج نهائية تحقق هذه الالتزامات، ولضمان أن السكان الضعفاء لن يشعروا بعد الآن بأنهم يتحملون وحدهم النصيب الأعظم من نتائح الاحتباس الحراري.
ويتطلع نشطاء المناخ والعلماء والخبراء والدبلوماسيون إلى دولة الإمارات من أجل القيادة في هذه اللحظة الحاسمة في دبلوماسية المناخ لتقديم الموارد الحيوية التي تحتاجها الاقتصادات النامية لتحقيق مستقبل مرن للمناخ، ونتطلع إلى أن يؤدي التعاون في العمل المناخي بين دولة الإمارات العربية المتحدة وباكستان إلى التزام طويل الأجل للاستثمار في مستقبل مقاوم للمناخ في كلا البلدين.
- إشادة في بون باستعدادات الإمارات لـ"كوب 28"
- مؤسس نوبل لاند لـ"العين الإخبارية": نسعى للتخفيف من التغيرات المناخية عبر التشجير المستدام
ما تقييمكِ لحالة التمويل المناخي الذي تحصل عليه الدول النامية الآن؟ هل حققنا توازناً بين تمويل التخفيف وتمويل التكيف؟
وجد تقرير منظمة أوكسفام الذي تتبع تمويل المناخ في العامين الماضيين أن القيمة الحقيقية لتمويل المناخ الذي تصدره الدول الغنية سنويا حوالي 24.5 مليار دولار أمريكي تقريبا، وأكثر من نصف هذا المبلغ يكون في شكل قروض.
هذا المبلغ ليس فقط "غير عادل للغاية وغير مبرّر، ولكنه ليس كافياً أيضاً لبلدان مثل باكستان لمواجهة تحديات التخفيف والتكيف مع المناخ، وفي وقت تواجه فيه بالفعل آثار كارثة مناخية كبرى جعلت ثلث أراضيها تغرق تحت الماء.
لقد رأينا بأنفسنا كيف يمكن لدول مثل باكستان، والدول الجزرية الصغيرة والدول منخفضة الدخل أن يتبدل حالها بسبب آثار تغير المناخ، وكيف يصعب تعافيها بسبب نقص التمويل، لذا يجب أن يعثر العالم على طريقة أفضل لزيادة التمويل وحماية الدول الضعيفة وتمكينها من التعامل مع الخسائر والأضرار، والحد من مخاطر الكوارث والالتزام بالتنمية الشاملة.
كيف تقاطعت ظروف الاقتصاد العالمي مع تأثير تغير المناخ على الدول النامية؟
إذا نظرنا إلى باكستان سنجد أن أنماط هطول الأمطار تأثرت بشكل كبير بتغير المناخ وأثرت على قدرة المزارعين على إنتاج المحاصيل، وبلغ معدل التضخم في باكستان حاليًا أعلى مستوياته منذ 50 عامًا، لايرجع هذا بالكامل إلى الاضطرابات السياسية والاقتصادية الخاصة بها ، ولكن أيضًا بسبب الآثار الناجمة عن حرب أوكرانيا والوباء العالمي.
لنتخيل كل هذه التحديات التي تمر بها البلدان منخفضة الدخل التي تخوض حروبًا أهلية أو يتدفق إليها اللاجئين والنازحين داخليًا بينما تكافح تغير المناخ، مع كون ظاهرة النينو أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض إنتاج الأرز والحبوب.
أيضاً، من المتوقع أن يرتفع انعدام الأمن الغذائي في باكستان ليؤثر على 8.5 مليون شخص بحلول نهاية هذا العام، وفقًا لبرنامج الغذاء العالمي، وهنا يجب أن تزيد أهمية التمويل المناخي لأنه سيدعم الدول لتواجه أيضاً كل هذه التحديات المتقاطعة مع تغير المناخ.
ما وضع أنظمة الإنذار المبكر في باكستان الآن؟ هل تحتاج إلى تمويل كبير لتقوية هذه الأنظمة؟
تعمل الوزارة الفيدرالية لتغير المناخ بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على تثبيت أنظمة الإنذار المبكر في 24 موقعا من أكثر المواقع التي تتعرض للتقلبات المناخية في شمال باكستان، وفي المناطق المعرضة للفيضانات في الجنوب .
حين حدثت الفيضانات الشديدة في العام الماضي، تعرضت كثير من هذه الأنظمة للضرر، لذا ستحتاج باكستان ضمن إجراءات التعافي من الكارثة، إلى الاستثمار في أنظمة الإنذار المبكر الجديدة ذات التقنية العالية، خاصة مع استمرار وزيادة وتيرة الكوارث التي يسببها تغير المناخ في البلاد، وهذا سيتطلب الكثير من التمويل والتعاون وبناء القدرات.
aXA6IDMuMTQ5LjIzMS4xMjIg جزيرة ام اند امز