الإمارات تحتضن «أكاديمية تمويل المناخ».. حقائق ودلالات
أولت دولة الإمارات قضية تمويل العمل المناخي العالمي أهمية بالغة وجعلتها على رأس أولوياتها منذ اختيارها لتنظيم مؤتمر الأطراف cop28
في غلاسكو عام 2021.
وتثميناً لهذه الجهود لم يكن مفاجئاً أن يتم خلال فعاليات COP28 الإعلان عن استضافة أبوظبي "المركز العالمي لتمويل المناخ" أو "أكاديمية تمويل المناخ" كمؤسسة رائدة ستعمل على تسريع عملية تطوير أطر ومهارات تمويل المناخ، ودعم أفضل الممارسات في دولة الإمارات والعالم.
ويهدف "المركز العالمي لتمويل المناخ" إلى معالجة التحديات الرئيسية المرتبطة بالأطر المالية التي تعيق تدفقات الاستثمار، للمساعدة في جعل تمويل المناخ متاحًا وبتكلفة معقولة ومتاح الوصول إليه باعتباره من إنجازات مؤتمر الأطراف COP28.
وتركز رئاسة COP28 على تحقيق نتائج تفاوضية طموحة من خلال جدول أعمال عملي لتحويل التعهدات والوعود إلى تقدم ملموس في التصدي لأزمة المناخ عبر تقديم استجابة شاملة وحاسمة للحصيلة تساهم في إعادة العالم إلى المسار الصحيح للعمل المناخي.
جدية العمل ولغة الأرقام
اكتسب COP28 حالة زخم غير مسبوقة في قضية التمويل أشادت بها رئاسة المؤتمر مثمنة دور الدول والجهات المشاركة لإسهاماتها والتزاماتها تجاه العمل المناخي، داعية لتكثيف الجهود خلال الأسبوعين القادمين.
وأكد الدكتور سلطان بن أحمد الجابر رئيس مؤتمر الأطراف COP28، إن رئاسة COP28 وفقاً لقيادة دولة الإمارات تحرص على ضمان التكاتف وتضافر الجهود لإنجاز تقدم جوهري والنقلة النوعية المنشودة في العمل المناخي بالتزامن مع تحقيق نمو اقتصادي مستدام يحتوي الجميع.
وأضاف أن العالم اجتمع في دبي لتقديم نسخة استثنائية من مؤتمرات الأطراف، ونتطلع الإمارات للعمل مع المفاوضين في الأيام القادمة للبناء على هذا الزخم والوصول لأعلى الطموحات.
وكشف الدكتور سلطان الجابر عن حجم التعهدات التي أعلنها حكومات وشركات ومستثمرون ومؤسسات خيرية خلال الأيام الأربعة الأولى من المؤتمر والتي بلغت نحو 210 مليار درهم (أكثر من 57 مليار دولار) خلال الأيام الأربعة الأولى من COP28 .
ولفت في استعراض لما تمكن المؤتمر من إنجازه في أيامه الأاولى إلى التوصل في اليوم الأول إلى اتفاق بالغ الأهمية لتفعيل صندوق عالمي يختص بالمناخ، ويركز على معالجة الخسائر والأضرار الناتجة عن تداعيات تغير المناخ، حيث أعقبته مجموعة من الإعلانات والتعهدات عبر جميع أولويات العمل المناخي، بما يشمل التمويل والصحة والغذاء والطبيعة والطاقة.
وفيما يتعلق بالتمويل المناخي، قال الجابر إن دولة الإمارات أطلقت صندوقاً تحفيزياً بقيمة 110 مليار درهم (30 مليار دولار)، تحت اسم "ألتيرّا"، يركز على جذب وتحفيز التمويل الخاص في جميع أنحاء دول الجنوب العالمي.
كما أعلنت دولة الإمارات عن تخصيص 735 مليون درهم (200 مليون دولار) من حقوق السحب الخاصة إلى "الصندوق الاستئماني للصلابة والاستدامة" التابع لصندوق النقد الدولي بهدف تعزيز المرونة المناخية في البلدان النامية، و550 مليون درهم (150 مليون دولار) للأمن المائي.
بدوره أعلن البنك الدولي خلال المؤتمر عن زيادة قدرها 33 مليار درهم (9 مليارات دولار) سنوياً لتمويل المشروعات المرتبطة بالمناخ، وفي الساعات الثماني والأربعين الأولى من انعقاد COP28، وبعد تفعيل الصندوق الخاص بمعالجة أضرار تغير المناخ، تجاوز المبلغ الإجمالي لتعهداته 2.5 مليار درهم (725 مليون دولار).
وبالإضافة إلى ذلك، تم الإعلان عن التعهد بنحو 12.8 مليار درهم (3.5 مليار دولار) لتجديد موارد صندوق المناخ الأخضر، والتعهد بمبلغ 9.9 مليار درهم (2.7 مليار دولار) للصحة، والالتزام بحوالي 9.5 مليار درهم (2.6 مليار دولار) لتطوير النظم الغذائية.
وتم أيضا التعهد بـ 9.5 مليار درهم أخرى (2.6 مليار دولار) لحماية الطبيعة، و1.7 مليار درهم (467 مليون دولار) للعمل المناخي في المدن، وتخصيص 4.4 مليار درهم (1.2 مليار دولار) للإغاثة والتعافي والسلام.
وفي مجال الطاقة، تم جمع 9.2 مليار درهم (2.5 مليار دولار) لزيادة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة، و4.4 مليار درهم (1.2 مليار دولار) للحد من انبعاثات غاز الميثان، كما تم التعهد بمبلغ 2 مليار درهم (568 مليون دولار) لتحفيز الاستثمارات في تصنيع معدات الطاقة النظيفة.
وإجمالاً، تم الإعلان عن نحو 210 مليار درهم (أكثر من 57 مليار دولار) حتى الآن في الأيام الأربعة الأولى، كما حظيت التعهدات والإعلانات الجديدة التي تم إصدارها في COP28 بدعم عالمي غير مسبوق.
كما تم إطلاق ثماني إعلانات جديدة من شأنها أن تساعد في تطوير مختلف جوانب المنظومات الاقتصادية العالمية.
وتشمل هذه الإعلانات الأولى من نوعها عدة مجالات مثل الصحة، والنظم الغذائية والزراعة المستدامة والعمل المناخي، وتعزيز القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة، ورفع كفاءة الطاقة، إلى جانب مبادرات لخفض الانبعاثات من الصناعات كثيفة الانبعاثات.
أهداف "المركز العالمي لتمويل المناخ"
المركز مؤسسة فكرية مستقلة ومركزًا للأبحاث، يسعى لتحقيق مجموعة أهداف تخدم الجهد المناخي العالمي لتقديم استجابة ملموسة وفاعلة للحصيلة العالمية، والحفاظ على إمكانية تفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية.
وتشمل قائمة أهداف المركز العالمي لتمويل المناخ عدة نقاط:
- معالجة الأسباب الجذرية التي تمنع الاستثمار حاليًا.
- الجمع بين أحدث الأبحاث وكبار الخبراء لتطوير أطر مالية ملائمة لتحقيق الغرض منها متجانسة بشكل متزايد على المستوى الدولي.
- العمل مع الأطراف المعنية عبر مختلف القطاعات، على إيجاد بيئة مواتية للاستثمار في المشاريع المنخفضة الكربون المستدامة والمرنة.
الدور الوظيفي للمركز
ينطوي تأسيس المركز على وظائف أساسية ثلاثة تشمل:
أولا: إجراء الأبحاث ووضع السياسات وتحفيز الابتكار، باعتباره مؤسسة فكرية مستقلة تركز على القطاع الخاص في مجال تمويل المناخ العالمي، حيث سيقوم المركز بإجراء أبحاث متطورة وتبادل أفضل الممارسات والمبادئ والحلول لمواءمة الأطر التنظيمية وبناء الأسواق المالية، ما يتيح تدفق المزيد من الاستثمار من أجل الاستثمارات المستدامة ومنخفضة الكربون.
ثانيا: تقديم الاستشارات والتفاعل مع الأطراف المعنية، حيث يجتمع "المركز العالمي لتمويل المناخ" مع أصحاب المصلحة من القطاعين العام والخاص الذين يواجهون عوائق مباشرة، لوضع توصيات وإجراءات تهدف إلى توجيه رؤوس الأموال وتحفيز إنشاء مسارات قوية لفرص الاستثمار القابلة للتمويل.
وستكون التحالفات والشراكات بين الجهات الفاعلة ذات الصلة في صميم عمل "المركز العالمي لتمويل المناخ".
ثالثا: سيقوم المركز أولاً وقبل كل شيء بتطوير أساس معرفي قوي على خلفية خبرة إمارة أبوظبي في أسواق التمويل الأخضر بما في ذلك، توفير وحدات تدريبية ودورات مصممة خصيصاً لبناء الخبرات والقدرات في دولة الإمارات.
وهذا ما سيرسخ مكانة "أكاديمية تمويل المناخ" كمؤسسة فكرية عالمية، ما يفتح بدوره آفاق الفرص للشراكة مع ولايات قضائية أخرى لدعم تطوير أطر مالية مصممة خصيصًا تتماشى مع أبوظبي.
المؤسسون
"المركز العالمي لتمويل المناخ" هو مؤسسة عالمية، تمثل تحقيقا ملموسا لأحد مرتكزات العمل في cop28 وهو إيجاد شراكة عالمية فاعلة في خدمة قضايا لمناخ والاستدامة.
بدا ذلك جليا في نوعية واسماء المؤسسين للمركز وهم:
- سوق أبوظبي العالمي (يحتضن مقر المركز)
- الشركة "القابضة" (ADQ)
- شركة بلاك روك
- مؤسسة صندوق الاستثمار للأطفال
- التحالف المالي في غلاسكو من أجل صافي الانبعاثات الصفري
- بنك "اتش اس بي سي"
- شركة مصدر الإماراتية رائدة العمل في مجال الطاقة المتجددة
- شركة "ناينتي وان" ال متخصصة في مجال إدارة الأصول
- مجموعة البنك الدولي
وسيقدم الأعضاء المؤسسون التوجيه الاستراتيجي للمركز العالمي لتمويل المناخ، بالاعتماد على خبراتهم العميقة وتجاربهم وشبكاتهم. وسيسعى المركز إلى العمل مع المؤسسات النظيرة وشركاء المعرفة للبناء على القيادة المالية المستدامة، وتطوير خبراته لضمان أقصى قدر من التأثير.
التمويل وإطلاق صندوق "ألتيرا"
تزامن الإعلان عن إطلاق "المركز العالمي لتمويل المناخ" مع تطور بارز آخر في مجال تمويل المناخ، وهو إطلاق صندوق "ألتيرّا" الخاص بـالحلول المناخية برأس مال قدره 30 مليار دولار أمريكي، والذي من شأنه أن يدفع الجهود الدولية قدماً لإنشاء منظومة أكثر عدالة لتمويل المناخ بالتركيز على تحسين وصول التمويلات إلى دول الجنوب العالمي.
ويستهدف "ألتيرّا" حشد تمويلات بقيمة 250 مليار دولار أمريكي على مستوى العالم بحلول العام 2030، بالإضافة إلى توجيه الأسواق الخاصة نحو الاستثمارات المناخية بالتركيز على تحويل الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية التي تفتقر إلى الاستثمارات التقليدية بسبب ارتفاع المخاطر المتوقعة في هذه المناطق الجغرافية.
ومن خلال دعم إنشاء أسواق مالية مناخية، سيساعد "المركز العالمي لتمويل المناخ" على تمكين صندوق "ألتيرّا" من بناء منظومة شاملة لتمويل المناخ في أبوظبي واجتذاب رؤوس الأموال من حول العالم نحو الاستثمارات المناخية لمواكبة التحولات.
التمويل والاستدامة
جاء الإعلان عن "المركز العالمي لتمويل المناخ" الذي يقع مقره الرئيسي في سوق أبوظبي العالمي، خلال الجلسة الحوارية المالية التي عقدت في الأول من ديسمبر/كانون الأول الجاري.
وخلال "قمة أسبوع أبوظبي للاستدامة"، التي تقام ضمن النسخة الخاصة من "أسبوع أبوظبي للاستدامة" في مؤتمر الأطراف COP28، تم الإعلان حيث سيعمل المركز على بناء القدرات في المؤسسات المالية الإماراتية والعالمية؛ وتوسيع نطاق نشاط أسواق التمويل الأخضر والمنظومات الشاملة وتحفيز الاستثمار الدولي في مبادرات منخفضة ومنعدمة الكربون.
وسيقوم المركز بدور فاعل في تحفيز تحول الأسواق والمؤسسات المالية في دولة الإمارات نحو مستقبل أكثر استدامة، وتعزيز مكانة الدولة الرائدة في قيادة تطوير قطاع التمويل المستدام، مما يضمن ترك إرث إيجابي بعيد المدى للدولة".
ويعمل المركز لمواجهة قضية تغير المناخ التي تمثل تحدياً كبيراً وتتطلب حلولاً عاجلة تساهم في تحقيق نقلة نوعية عبر كافة القطاعات، وتحويل الطموحات إلى خطوات ومبادرات ومشروعات ملموسة تقدم استجابةً فعّالة لنتائج الحصيلة العالمية، وتساعد في الحفاظ على إمكانية تفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية.
ويدفع المركز في هذا الإطار باتجاه ضرورة تكاتف وتوحيد الجهود العالمية لمعالجة ثغرات العمل المناخي التي أوضحتها نتائج الحصيلة العالمية خلال مؤتمر COP28 وما بعده، وذلك من أجل الوصول لمستهدفات عام 2030، في وقت يحتاج العالم إلى اتباع نهجٍ شامل ومتكامل ومبتكر يضمن احتواء الجميع وعدم ترك أحد خلف الركب.
aXA6IDMuMTQ1LjEwMy4xNjkg
جزيرة ام اند امز