COP28 يلد عالما بلا خرافات.. كيف أسقط حجج منكري تغير المناخ؟
أسقط "اتفاق الإمارات" التاريخي الذي صدر عن مؤتمر الأطراف للمناخ COP28 في دبي، الحجج الشهيرة التي تداولها منكرو التغير المناخي والتي عاشت طويلا قبل أن تنسفها مخرجات القمة المناخية الأخيرة.
فسابقا قال منكرو تغير المناخ إن الأمر لا وجود له من الأساس، حتى إن وجد فلا دليل على كونه من صنع الإنسان، ثم تباروا في إثبات أن أي تحرك لمكافحة تغير المناخ بعني نهاية حتمية للنمو الاقتصادي.
البيان الختامي لقمة COP28 أسقط كل هذه الخرافات، وفتح الباب للعمل المناخي على مصراعيه في ظل تبنية إجماعا تاريخيا يدعو إلى الانتقال من الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة، وإطلاقه للدعوة الأقوى دوليا من أجل مضاعفة الطاقات المتجددة إلى ثلاثة أمثالها بحلول عام 2030.
وضعت هذه المخرجات حدا لخرافات روج لها منكرو تغير المناخ عن عدم وجود داع لأي عمل مناخي يستلزم تعبئة موارد وجهود المجتمعات لمكافحة تغير المناخ.
وبفضل نتائج COP28 فُتح الباب واسعا لمرحلة غير مسبوقة من العمل المناخي، ومكافحة ظواهر تغير المناخ المهددة لحياة وسلامة كوكب الأرض.
والآن بعد تطهير الكوكب من هذه الخرافات يمكننا البحث بهدوء وتعمق في مهد تلك الأساطير وكيف نشأت ومن تخدم ولماذا دعمها البعض؟
الأسطورة الأولى: الإنسان ليس طرفا في تغير المناخ
تحدثت كتابات عديدة لمنكري المناخ أن تغير المناخ يحدث بصورة عادية طبيعية بعيدة عن تدخل الإنسان.
وكشفت تقارير هيئة العلماء الدولية غير الحكومية التابعة للأمم المتحدة IPCC عن مسؤولية النشاط البشري الاقتصادي والصناعي في تحقيق ظاهرة الاحتباس الحراري المسببة لتغير المناخ ونتائجه الكارثية من فيضانات وجفاف وموجات حر متطرفة تسببت في موت ألوف البشر معظمهم من المسنين في أوروبا مؤخرا.
الأسطورة الثانية: الحد من الانبعاثات الكربونية يقتل النمو
بعد فشل جهود منكري تغير المناخ في إنكار مسؤولية الإنسان عن تغير المناخ، انتقلوا إلى مرحلة التخويف والترهيب من أن أي محاولة للحد من الانبعاثات الكربونية المرتبطة بالأنشطة الصناعية أو فرض رسوم مادية على مسببي التلوث البيئي والمناخي سيؤدي إلى تدمير النمو الاقتصادي، الذي تعتمد عليه المجتمعات لتحقيق الرفاهية للشعوب النامية والمتقدمة.
وهذا ادعاء أثبت تاريخ الصناعة في بريطانيا، مهد الثورة الصناعية في العالم، كذبه وعدم صحته.
والدليل استمرار تراجع أرقام انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في بريطانيا منذ نصف قرن، على الرغم من وتيرة الاقتصاد المتنامي.
وعادت معدلات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في بريطانيا إلى ما كانت عليه في الخمسينيات -خمسينيات القرن التاسع عشر- عندما كان الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للفرد حوالي 9/1 (تسع) ما هو عليه اليوم.
بالإضافة لبيانات أمريكية رسمية تشير إلى انخفاض معدلات الانبعاثات الكربونية، المسببة للاحتباس الحراري المؤدي لتغير المناخ، رغم استمرار ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي بأكبر اقتصاد في العالم.
دحض الأساطير المؤسسة لإنكار تغير المناخ والتراجع عنها، برز في تصريحات السيناتور الجمهوري جيمس إنهوف، مؤلف كتاب "أعظم خدعة: كيف تهدد مؤامرة الاحتباس الحراري العالمي مستقبلك" لعام 2012، إذ يزعم الآن أنه لم يصف تغير المناخ قط بأنه خدعة.
من أين جاءت أساطير منكري المناخ؟
تذهب الكتابات والتحليلات في الصحافة الأمريكية لانتشار أساطير وخرافات تغير المناخ لأسباب تتعلق بتمويلات دوائر صناعية بعينها لأنشطة وحملات الانتخابات لنواب الكونغرس خصوصا من الحزب الجمهوري.
وكشفت بيانات مراقبة التمويلات الانتخابية عن أن مرشحي الحزب الجمهوري فازوا بنسبة 84 بالمائة من إجمالي تمويلات أقطاب صناعة النفط و الغاز بالولايات المتحدة في انتخابات عام 2020.
لكن التحليلات الحديثة لمنشأ الخرافات المتعلقة بإنكار تغير المناخ ذهبت أبعد من ذلك، إذ أشارت إلى الحرب الثقافية الجارية الآن في الولايات المتحدة الأمريكية، وفيها يعتبر كثيرين من أنصار الثقافة المحافظة أن الاعتماد على مصادر الطاقات المتجددة تعكس الرخاوة عكس حرق الوقود الأحفوري الذي يعكس الرجولة وقوة الشخصية.
هذا ما دفع إدارة الرئيس الامريكي جو بايدن لتسمية أهم تشريعاته للحد من انبعاثات اقتصاد واشنطن باسم قانون خفض التضخم I.R.A ، في أغسطس/آب 2022، لا قانون مكافحة تغير المناخ، لتفادي اعتراضات المعارضين، متضمنا حوافز ضريبية ومادية، لو طبقت بالكامل ستؤدي لتحقيق 80 في المائة منّ رؤية الرئيس بايدن في خطته المناخية الطموحة الأصلية المسماة، إعادة البناء بشكل أفضل Build Back Better أو B.B.B.
العمل المناخي بعد COP28
الإشارة الحاسمة في البيان الختامي لقمة COP28 بالإمارات عن الابتعاد عن الوقود الأحفوري، فتحت آفاقا واسعة للعمل المناخي حول العالم لاتخاذ إجراءات أكثر جرأة وفعالية، وتحديدا مضاعفة إنتاج الطاقات المتجددة إلى 300 في المائة بحلول عام 2030، اعتمادا على التكلفة التنافسية لتطبيقات الطاقة المتجددة مقارنة بالطاقات الأخرى.
ثورة انخفاض تكلفة الطاقات المتجددة برزت عام 2009 تقريبا، وأصبحت تلعب دورا حاسما للحد من ظواهر التغير المناخي من حرائق الغابات والجفاف والفيضانات المكلفة ماديا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، والمهددة لسلامة كوكب الأرض نفسه من خلال الانتقال لاقتصاد منخفض الكربون، صديق للمناخ والبيئة، بطاقات خضراء.
aXA6IDMuMTM5LjIzNS4xNzcg
جزيرة ام اند امز