في درجات "تحت الصفر".. رحلة صعود إلى جبل موسى بسانت كاترين (صور)
في أجواء بالغة البرودة، يهوى كثيرون تسلق الجبال أو حتى صعودها على الأقدام. وفي مدينة سانت كاترين المصرية لا تتوقف رحلات صعود جبل موسى.
بملابس ثقيلة، وقفازات، وأغطية للوجه والرقبة، وبعض الماء والحلوى، وقف سيد خالد، في صف طويل على مقربة من دير سانت كاترين بمحافظة جنوب سيناء شمال شرقي مصر ، في مكان مخصص لنقطة أمنية تتأكد من سلامة الجميع قبل رحلة صعود الجبل، في منطقة لها روحانيات خاصة.
لم يكن من المسموح لسيد والمجموعة التي معه أن تتجه لصعود الجبل إلا في وجود دليل يرافقهم خلال الرحلة التي تمتد أحيانا لست ساعات، وتقتضي تحركا سليما وفق إشارة الدليل، وغير مسموح للذين معه أن يخالفوا تعليماته، حفاظا على أمنهم وسلامتهم.
يقول سيد لـ"العين الإخبارية" إنه صعد الجبل أكثر من مرة، ويحرص في كل عام تقريبا على صعوده، ورغم المشقة التي يعانيها، إلا أن مشهد شروق الشمس أمام عينيه يهون تلك اللحظات الصعبة: "الرحلة لقمة الجبل ليست سهلة، أحمل معي الماء والحلوى وأغطية ثقيلة، وأمارس مجهودا بدنيا قبل الرحلة بأيام للتدرب على عملية الصعود".
قبل أمتار من صعود الجبل، يقف باعة معهم قفازات وكشافات إضاءة للراغبين في شرائها، كما يبيع آخرون الأوشحة الغليظة للحماية من البرد، الذي تصل درجاته في القمة إلى تحت الصفر، وحين تبدأ الرحلة يتولى الدليل منح معلومات مفصلة للمرافقين معه.
وبين مئات الأمتار المقطوعة سيرا على الأقدام، تكون هناك استراحات مختلفة لمن شاء الجلوس والتقاط الأنفاس قليلا قبل استكمال الرحلة، أو حتى يتوقف عند إحداها ولا يكمل، مستكفيا بالطريق الذي قطعه.
وعلى امتداد الجبل، تظهر الكشافات من بعيد، وتتحول أحيانا لأداة تعريف بالمجموعة، حال فقد بعضها البعض خلال عملية الصعود، كما تحرص كل مجموعة على أن تطلق على نفسها اسما يميزها عن غيرها، ويتولى الدليل عملية ضبط ذلك الأمر.
وتستغرق الرحلة نحو 6 ساعات، يقطع فيها الزائرون نحو 7 كيلو مترات، لارتفاع يتجاوز ألفي متر فوق سطح البحر، وهناك علامات تشير إلى المسافات المقطوعة وما تبقى منها.
ويقول موسى جمال لـ"العين الإخبارية" وهو أحد الأدلة إنه اعتاد على صعود الجبل منذ 7 سنوات، ولا يجد في الأمر مشقة نتيجة التكرار، ويصعد في الأسبوع رفقة الزائرين نحو 4 مرات أسبوعيا، في حال توافر أعداد كبيرة، ويحصل منهم على مبلغ نظير عمله، يختلف عما إذا كان الشخص مصريا أو أجنبيا.
وتعد مرحلة صعود السلالم أصعب مرحلة، فهي 750 درجة، بعضها ممهد والآخر به انحناءات وكسور، ولا يسمح لأحد بالصعود إلا من خلالها نتيجة الخطر الذي قد يقع على من يتجاوزها.
وبعد الصعود، يفترش البعض البطاطين التي معهم، ويجلسون فوقها أو حتى يلفونها حول أجسادهم، ومع شروق الشمس تتوالى الصيحات، وتلتقط الكاميرات صورا مختلفة لعملية الشروق، في أجواء مبهجة.
وبعد شروق الشمس، تبدأ عملية النزول، وهي رحلة ليست بالسهلة أيضا، لكنها أقل مشقة من الصعود، ولا يترك الدليل مجموعته إلا بعدما يتأكد من وصول الجميع إلى الأرض، وتفرض عليه قوات الأمن ذلك الأمر، فالخطورة كبيرة في ترك شخص أعلى الجبل.
ويخلع كثيرون بعض ملابسهم خلال عملية النزول، فدرجات الحرارة ترتفع قليلا، ويذوب الثلج الذي يتكون خلال الليل، ويلتقطون لأنفسهم صورا شتى خلال النزول، فالإضاءة أفضل من الليل.
ويعتمد كبار السن وغير القادرين في عملية النزول على الجمال، نظير مبلغ معين يتفقون عليه مع صاحب الجمل، ويحرصون على شراء هدايا تذكارية من المكان قبل مغادرته، على أمل العودة من جديد إلى تلك الرحلة في أيام أخرى.