الأمريكيون بعد الانتخابات.. انقسام وفجوة بين الأجيال
المجتمع الأمريكي يعاني الانقسام وفجوة بين الأجيال.. ماذا فعل دونالد ترامب وهيلاري كلينتون؟
منذ انتهاء انتخابات الرئاسة الأمريكية، التي توصف بأنها الأكثر حدة في التاريخ الأمريكي، يعكف الخبراء على دراسة الأسباب التي أدت إلى انقسام المجتمع الأمريكي على هذا النحو غير المسبوق.
بقراءة سريعة للتاريخ القريب، كان الشباب أكثر ميلاً للتصويت لصالح الديمقراطيين، وجاء انتخاب الرئيس الديمرقراطي باراك أوباما خلال سباقي عامي 2008 و2012 ليعطي دفعه قياسية من الدماء الشابة إلى جسد الحزب الكهل. ففي عام 2008 زاد إقبال الشباب تحت سن الثلاثين على التصويت بمعدل 34%، وفي عام 2012 زاد إقبال الشباب بمعدل 23%. وعلى الجانب الآخر كان الشيوخ فوق سن الخمسين أكثر إقبالاً على التصويت للحزب الجمهوري خلال السباقين الرئاسيين لعامي 2008 و2012، فلم يتمكن ثراء ميت رومني الفاحش ولا زوجته الجميلة في تغيير المعادلة التي أرساها المخضرم جون ماكين عام 2008، وبقي العجائز يصوتون للحزب الجمهوري بينما اعتزلهم الشباب.
ثم جاء الماراثون حامي الوطيس بين الديمقراطية المسنة هيلاري كلينتون والشيخ سليط اللسان دونالد ترامب، وهنا فشلت هيلاري في جذب المزيد من الأصوات الشابة للتصويت للحزب الديمقراطي. فعلي الرغم من تمكنها من ضخ نحو 18% جديدة من الشباب تحت سن الثلاثين إلى الحزب، ألا أنها كانت نسبة قليلة مقارنة بسلفها أوباما ومنافسها بيرني ساندرز. أما ترامب فقد تمكن من الاحتفاظ بأصوات المسنين، ونجح في جذب الناخبين أكبر من 45 عاماً بنسبة 9% لتؤكد هذه النتيجة أن الفجوة بين الأجيال ستهيمن على المشهد السياسي الأمريكي مع انتهاء حقبة أوباما.
وأوضحت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن هذا الانقسام الحاد الأبرز في التاريخ، فلم تسفر أي من الانتخابات التي جرت خلال الستينيات من القرن الماضي عن مثل هذه الفجوة على الرغم من وصف هذه الحقبة بأنها عقود ثورة الشباب والشعار الخالد "لا تثق في من هو أكبر من 30".
وأضافت أنه وفقاً لمراجعة بيانات الناخبين في سباق عام 1968 فإن الديمقراطي هيربرت هامفري تفوق على الجمهوري ريتشارد نيكسون في أصوات الناخبين تحت سن الثلاثين بتسع نقط فقط، فصوت له 47 % مقابل 38% لنيكسون. أما بين الشيوخ الذين تجاوزت أعمارهم الخمسين فكان الفرق 6% فحسب، حيث صوت 47% لنيكسون مقابل 41% لصالح منافسه الديمقراطي.
وأرجعت الصحيفة الأمريكية هذا الانقسام الحاد ليس فقط إلى عامل السن، ولكن بشكل أساسي إلى اتجاه كتلة كبيرة من جناح اليسار بين الشباب بأفكارهم وهواهم السياسي بعيداً عن آبائهم المحافظين، مشيرة إلى أن قضايا اجتماعية مثل حقوق المثليين، وشرعنة المخدرات تتسبب في انقسام حاد بين الأمريكيين، خاصة مع اختلاف أعمارهم.
والواقع ليست هذه القضايا وحدها، فمثلاً قضية الاحتباس الحراري تعد واحدة من الموضوعات الرئيسية التي تشغل بال من سيرثون الحياة على هذا الكوكب، كما أن مشروعات الرعاية الصحية والأحقية في الحصول على التأمين الصحي من القضايا التي تقسم المجتمع من منظور من يدفع لصالح من.