CMS COP14.. ماذا حدث في مؤتمر الأطراف بشأن الحفاظ على الأنواع المهاجرة؟
تواجه الطيور المهاجرة تهديدات خطيرة، وهناك أنواع كثيرة مهددة بالانقراض.
مع تقدم العلوم، بدأ العلماء ينبهون للأنواع المهاجرة إلى أن اتخذ البشر موقفًا في يونيو/حزيران عام 1979، عندما تم اعتماد «اتفاقية حفظ أنواع الحيوانات البرية المهاجرة» (CMS) في بون بألمانيا، لذلك تُعرف أحيانًا بـ«اتفاقية بون»، وفُتح باب التوقيع عليها تحت رعاية برنامج الأمم المتحدة للبيئة، ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في نوفمبر/تشرين الثاني 1983. واعتبارًا من مارس/آذار 2022، وصل عدد الأطراف الموقعين على الاتفاقية إلى 133 طرفا.
تتضمن الأطراف الموّقعة على الاتفاقية أغلب الدول العربية، منهم: مصر، ليبيا، تونس، الجزائر، المغرب، موريتانيا، الصومال، لبنان، سوريا، العراق، الأردن، المملكة العربية السعودية، اليمن والإمارات العربية المتحدة.
انطلاق مؤتمر الأطراف بشأن الأنواع المهاجرة
وفي شهر أكتوبر/تشرين الأول للعام 1985، انطلق مؤتمر الأطراف للحفاظ على الأنواع المهاجرة في دورته الأولى (CMS COP1) في مدينة بون. وهو اجتماع دولي، يُعقد كل 3 سنوات، تناقش فيه الأطراف ما توّصلوا إليه وما يمكن فعله لحفظ الأنواع المهاجرة من المخاطر المحتملة مثل الصيد الجائر والتغيرات البيئية والأنشطة البشرية الضارة. وانتقل المؤتمر من بون إلى دول الأطراف الأخرى، لكنه لم يحط رحاله على أي دولة من الدول العربية بعد.
الدورة الرابعة عشرة (CMS COP14)
وصل المؤتمر الأطراف للحفاظ على الأنواع المهاجرة في دورته الرابعة عشرة إلى «سمرقند» في أوزبكستان. وتُعد هذه الدورة من المؤتمر مهمة؛ باعتبارها أول مؤتمر للأطراف بشأن الأنواع المهاجرة بعد جائحة كوفيد-19، وهو أول مؤتمر رئيسي للتنوع البيولوجي منذ اعتماد «إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي» في 2022. كما أنّ المؤتمر يأتي في وقت حرج، تزداد فيه المخاطر على الأنواع المهاجرة، خاصة في ظل التغيرات المناخية والأنشطة البشرية التي تهدد بقاء تلك الأنواع. ما يجعل هذا المؤتمر بمثابة مفترق للطرق فيما يتعلق بمستقبل الأنواع المهاجرة.
انطلق المؤتمر يوم الإثنين الموافق 12 فبراير/شباط 2024، وامتد حتى يوم السبت الموافق يوم 17 من نفس الشهر. تحت شعار «الطبيعة لا تعرف الحدود». وفي الكلمة الافتتاحية، رحب «عبد الله أريبوف»، رئيس وزراء أوزبكستان بالحضور، وأشار إلى ضرورة اتخاذ تدابير سريعة ومنسقة؛ للحفاظ على الانسجام بين حياة البشر والطبيعة.
من جانب آخر، حضرت «إنجر أندرسن»، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة، والمديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، التي أكدت على أنّ إقامة المؤتمر في منطقة آسيا الوسطى دليل على التعددية، ودعت الأطراف إلى إيجاد حلول قوية لحماية الأنواع المهاجرة من التهديدات، وبذل الجهد في ذلك. كما دعت الأطراف التي تُشارك في هذا الجهد. وجاء في نص كلمتها: "إنّ الأنواع المهاجرة في ورطة، وهذا يضع البشرية في ورطة".
تسلم «عزيز عبد الحكيموف»، نائب رئيس وزراء أوزبكستان، كرسي رئاسة المؤتمر، وانطلقت المفاوضات والاتفاقات، عملت الأطراف خلال أيام المؤتمر على مناقشة التقارير المُقدمة لرئاسة المؤتمر، وقدمت رئاسة المؤتمر السابق (CMS COP13) الذي انعقد في جانديناجار بالهند في فبراير/شباط للعام 2020، وخرج بـ«إعلان جانديناجار»، تقريرًا بالأنشطة التي قامت بها الرئاسة المنتهية للهند منذ الإعلان، بما في ذلك المبادرات التي ركزت على حماية الدلافين والطيور المهاجرة وحماية القطط الكبيرة، وحظر استخدام المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد.
ماذا حدث؟
في أول يوم للمؤتمر تم إطلاق التقرير الأول على الإطلاق بخصوص «حالة الأنواع المهاجرة في العالم» صادر عن الأمم المتحدة، وكشف التقرير عن بعض النتائج التي وُصفت بأنها "مثيرة للقلق"؛ وتضمنت تلك النتائج:
- هناك نحو 44% من الأنواع المدرجة بموجب اتفاقية الأنواع المهاجرة، آخذة في الانخفاض.
- وهناك 22% من الأنواع المدرجة في الاتفاقية مهددة بالانقراض.
- نصف مناطق التنوع البيولوجي الرئيسية والمهمة للحيوانات المهاجرة غير محمية بصورة جيدة.
وفي اليوم الثاني، نظر المندوبون في «إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي» (GBF)، وناقشوا بعض القضايا، مثل: السيطرة غير القانونية أو غير المستدامة على الأنواع المهاجرة، البنية التحتية والتهديدات المتعلقة بالأمراض. وشددوا على ضرورة تعزيز عملية الحماية. ومنح المناطق التي تحتاج إلى مساعدة التدريبات اللازمة. وفي نفس اليوم، وقعت أطراف اتفاقية الأنواع المهاجرة (CMS) والاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN) مذكرة تفاهم؛ والغرض منها دعم المبادرة الأفريقية للحيوانات آكلة اللحوم.
تناقشت الأطراف في اليوم الثالث بخصوص التهديدات التي تهدد الأنواع المهاجرة، وكان على رأس تلك التهديدات: التغيرات المناخية والتلوث البلاستيكي والضوئي والمصايد العرضية. وقتها ناشدت أكثر من 15 منظمة غير حكومية بالنظر إلى الحياة البرية على أنها شريك في تخفيف وطأة التغيرات المناخية. وكان هناك اهتمامًا فيما يتعلق بحفظ الأنواع المائية والثدييات البحرية والسلاحف البحرية وأنواع الطيور والأسماك. إضافة إلى التقدم المحرز بين الدورتين: الثالثة عشر والرابعة عشر. وطُرحت بعض المقترحات الخاصة بمبادرات جديدة، وخطط عمل محددة لبعض الأنواع، مثل: الدولفين الأحدب، القرش الملاك، لجأة صقرية المنقار. وبرزت في اليوم الثالث أيضًا دعوة من الأطراف بتجنب التعدين في أعماق البحار؛ خاصة وأنّ الأدلة العلمية المتاحة غير كافية، ووجب الاحتراز من أجل حفظ الأنواع البحرية المهاجرة.
ظهرت الطيور بصورة واضحة في اليوم الرابع للمؤتمر، وبرز الاهتمام بأنواع محددة من الطيور، لعل أبرزها: الحبارى الكبرى، طائرفرقاط جزيرة الميلاد، والنسور الأفريقية الأوراسية. كما جددت اتفاقية الطيور المهاجرة (CMS) والأرجنتين مذكرة تفاهم بشأن الحفاظ على طيور نحام الأنديز. وبخصوص الحيوانات البرية المهاجرة، ركز المؤتمر بعض الأنواع، خاصة الحيوانات آكلة اللحوم الأفريقية واليغور وأفيال غرب أفريقيا والحمار البري الأفريقي. وفي نفس اليوم، كان البشر على جدول الأعمال، وناقشت الأطراف الحاجة إلى إشراك الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية في الاتفاقية بصورة أفضل. وقُدمت بعض التوصيات بخصوص: قرش الرمل الببري، غوناق، الزقزاق الماجلاني وسمك السلور.
وفي صباح اليوم الخامس، عُرض تحليل التقارير الوطنية للأطراف في اتفاقية الأنواع المهاجرة، الذي أشار إلى الافتقار إلى الموارد المالية والقدرات التكنولوجية؛ باعتبارهما عنصرين أساسيين لتنفيذ الاتفاقية بفعّالية. وفي نفس اليوم، استعرضت الأطراف مقترحات متعلقة ببعض الأنواع، مثل: وشق أوراسيا، السنور المغولي، خفاش الفاكهة تبني اللون، ثعبان البحر الأوروبي، وأسماك المياه العذبة.
وأخيرًا جاء اليوم السادس والأخير في المؤتمر، الذي اعتمد القرارات والتعديلات المقترحة المقدمة من لجنة العمل. إضافة إلى اعتماد قرار تاريخي بشأن منع التعدين في أعماق البحار لحين التأكد من عدم تأثيره على الأنواع المهاجرة. وتمت إضافة 14 نوعًا جديدًا إلى ملاحق اتفاقية الأنواع المهاجرة (CMS). وأعلنت المملكة المتحدة عن مساهماتها الإضافية لدعم العمل المناخي والحفاظ على الطيور المهاجرة.
وفي اختتام المؤتمر، قالت «آمي فرانكل»، الأمينة التنفيذية لاتفاقية الأنواع المهاجرة لرئاسة أوزبكستان: "لقد أردتم أن يكون هذا أفضل مؤتمر لاتفاقية الأنواع المهاجرة على الإطلاق. حسنًا، أعتقد أنكم نجحتم". وأُغلق المؤتمر في الساعة 5:52 مساءً.
aXA6IDMuMTQ0LjkyLjE2NSA=
جزيرة ام اند امز