أمريكا حائرة في معضلة المسيرات الصغيرة.. حرب دون ساحة معركة

حالة من التنافس المحموم تشهدها صناعة الطائرات المسيّرة بأمريكا، في وقت تتزايد فيه حاجة «البنتاغون» إلى طائرات صغيرة منخفضة التكلفة وفعّالة في ساحات القتال الحديثة، خاصة بعد الدروس المستخلصة من الحرب في أوكرانيا.
ومع تدفّق عشرات الشركات الناشئة إلى هذا القطاع، بدأ السوق يعاني من تخمة في المنتجات المتشابهة، في ظل شكوك متزايدة حول قدرة هذه الشركات على البقاء أو تحقيق أرباح مستدامة، بحسب موقع بيزنس إنسايدر.
وبينما يشكّل هذا الزخم فرصة لتطوير تقنيات جديدة، فإنه يطرح أيضًا تساؤلات جوهرية حول مدى استعداد البنتاغون لدعم هذا السوق بالصفقات اللازمة لبقائه.
ووفقًا لأحد المستثمرين في هذه الصناعة الدفاعية، لا تختلف العديد من هذه الطائرات كثيرًا في القدرات الفعلية، مما يعكس طفرة تنافسية في سوق الطائرات المسيّرة الصغيرة التي شهدت تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث تركز الشركات على تطوير الطائرات نفسها بالإضافة إلى برمجيات التشغيل والحمولات القابلة للتعديل.
دروس من ساحات القتال:
وأظهرت ساحات القتال الحديثة، خصوصًا في أوكرانيا والشرق الأوسط، أهمية الطائرات المسيّرة الصغيرة من نوع إف بي في، التي تتميز بتكلفتها المنخفضة وإمكانية التضحية بها، والتي أثبتت فعاليتها في العمليات الحربية.
هذا الاهتمام دفع سوق «الدرونز» إلى آفاق جديدة من البحث والتطوير، حتى في ظل غياب برامج شراء رسمية.
وأوضح مايكل براون، شريك في شركة شيلد كابيتال Shield Capital، أن التقنيات الجديدة التي ظهرت في أوكرانيا خلال السنوات الخمس الماضية أثرت بشكل كبير على طبيعة الحروب.
البقاء للأقوى:
في الولايات المتحدة، لا تزال العديد من الطائرات المسيّرة في مراحل تجريبية، حيث تحدد وزارة الدفاع المواصفات المطلوبة وتتقدم الشركات بعروضها، لتنتقل بعض هذه العروض إلى برامج مشتريات رسمية تقلص عدد المنافسين مع الوقت.
وذكرت ميليسا جونسون، المديرة التنفيذية لعمليات الشراء في قيادة العمليات الخاصة الأمريكية، أن عملية الاختيار تعتمد على الأداء، إمكانية التصنيع، الاعتبارات التشغيلية، والتكلفة، مع تواصل شفاف مع الشركات المتقدمة.
ووسط اكتظاظ السوق بالمنتجات المتشابهة، تحاول الشركات التميز عبر قدراتها التقنية ومقومات الحرب الإلكترونية، لكن بعض هذه الشركات غير مرشح للاستمرار؛ فبعضها لن يقدم منتجات جيدة، وأخرى لن تستطيع التوسع لتلبية الطلب العسكري.
ويشبه أحد صانعي الدرونز الوضع الحالي ببدايات صناعة السيارات قبل مئة عام، حيث بقيت الأقوى فقط بعد فترة من المنافسة.
استثمارات حذرة:
على صعيد الاستثمارات، لا تزال الطائرات المسيّرة الصغيرة مجالًا محفوفًا بالتردد؛ إذ يرى المستثمرون أن الصناعة لم تكن مربحة تاريخيًا.
ومع ذلك، قدمت التجربة الأوكرانية رؤية جديدة لطبيعة الحروب الحديثة، حيث تنتج شركات الدرونز في كييف مئات الآلاف شهريًا باستخدام مكونات صينية منخفضة التكلفة.
لكن المكونات الصينية تواجه رفضا في الولايات المتحدة مما يزيد الحاجة إلى سلاسل توريد محلية، إضافة إلى أن الولايات المتحدة ليست في حرب واسعة النطاق تتطلب ملايين الدرونز كما في أوكرانيا.
ويبقى السؤال الأكبر: هل ستشتري وزارة الدفاع الأمريكية كميات كافية من الدرونز الصغيرة لجعل هذه الاستثمارات مجدية تجاريًا؟
ويؤكد أحد المستثمرين أن استبدال 10000 درون سنويًا غير محتمل إلا في حالة صراع عالي الحدة، مما قد يشكل تحديًا حقيقيًا لصناعة الدرونز في المستقبل.
aXA6IDIxNi43My4yMTcuMSA= جزيرة ام اند امز