من هو الصحابي الذي دعا له الرسول بالحكمة؟
اشتمل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم صحابته بمحبته وقربه وخص بعضهم بدعائه، فمن هو الصحابي الذي دعا له النبي بالحكمة؟.
الصحابي الجليل الذي دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالحكمة هو عبدالله بن العباس، حيث قال "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل"، وقال أيضًا: "اللهم علمه الكتاب، اللهم علمه الحكمة".
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي هو ابن عم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولد قبل الهجرة بـ3 سنوات أي 618 ميلاديا وتوفي في السنة 68 للهجرة.
وهو صحابي جليل ومحدث وفقيه وحافظ ومُفسِّر، وأحد المكثرون لرواية الحديث، حيث روى 1660 حديثًا عن الرسول، ولهُ في الصحيحين 75 حَدِيثًا متفقا عليها، وتفرد البخاري له بِـ 110 أَحَادِيثَ، وتفرَّد مسلم بن الحجاج بـ 49 حَدِيثًا.
لازم عبد الله بن عباس النبي عليه الصلاة والسلام وروى عنه، وتوفي الرسول وعمره ثلاث عشرة سنة، فكان يفسّر القرآن بعد موت النبي، حتى لُقِّب بـ"حّبر الأمة وترجمان القرآن والحبر والبحر".
حفظ القرآن الكريم وأتمّه قبل أن يُتِمّ العاشرة من عمره، وشارك في فتح مكة والمدينة والطائف، وأيضا فتح مصر وشمال أفريقيا، وكان سببًا في هدي الله لآلاف الخوارج عندما أثبت لهم الحق بعد عدة مناظرات أُرسل واليًا على البصرةِ من قبل علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وفي فتح القسطنطينية كان أبو العباس أول جندي فيها.
طلب عبد الله بن عباس العلم والحديث من الصحابة، وقرأ القرآن على زيد بن ثابت وأبي بن كعب، وكان يسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من الصحابة، كان لابن عباس مجلس كبير في المدينة يأتيه الناس لطلب العلم، وكان يُقسِّم مجلسه أيامًا ودروسًا، فيجعل يومًا للفقه، ويومًا لتفسير القرآن، ويومًا للمغازي، ويومًا للشعر، ويومًا لأيام العرب.
وكان أبو العباسِ بارعًا في العلوم الشرعية مثل الفقه والتفسير والحديث، ففي الفقه كان المفتي في عهد عمر وعثمان كرم الله وجهيهما، وكان أحد الفقهاء الذين تحولت لهم الفتوى بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام، وقد كان مرجعًا للصحابة عند اختلافهم حول مسألة من مسائل، كما أورد ابن حزم أن الفتاوى التي نقلت عن ابن العباس قد جمعت في عشرين كتابًا، على يد أبي بكر بن الخليفة المأمون، وكان أبو العباس حريصًا على الفقه والدين، إذ كان يحثهم على السؤال عن أمور الدين، ويشرحها لهم ويتأكد من صحة فهمهم، ويرشدهم إلى الطريق والأسلوب اللذين يحفظون بهما الدين.
كان معروفًا بأدبه مع أهل العلم وتواضعه، وعرف بكثرة التعبد وكثرة البكاء من خشية الله، كما عرف عنه الوفاء والصبر والحلم والحكمة، كان عميق الاستنباط، إذ سمي بالغواص، كما عرف بالذكاء والفطنة، وكان أيضًا كاملًا في الخلْقِ، فقد كان جميلًا أبيض طويلًا، وجهه صبِح مضيئ يشبه البدر إشراقًا.