مَن هو الصحابي الذي تستحي منه ملائكة السماء؟
مكانة كبيرة يشغلها صحابة الرسول محمد رضوان الله عليهم جميعاً، لكن واحداً منهم كانت تستحي منه ملائكة السماء، فمن هو هذا الصحابي؟.
سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه، الملقب بـ"ذي النورين"، هو الصحابي الذي كانت تستحي منه الملائكة.
وسبب استحياء الملائكة من سيدنا عثمان رضي الله عنه هو أخلاقه وعفته وحسن سيرته، التي دفعت الناس لحبه بشدة.
أيضاً كان رضي الله عنه شديد الحياء، فأضفى ذلك عليه هيبة ووقارًا وحياء من الآخرين حتى من الملائكة، ولعله تفرد بدرجة هذا الحياء.
وأخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله،صلى الله عليه وسلم مضطجعًا في بيتي، كاشفًا عن فخذيه أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر فأذن له، وهو على تلك الحال، فتحدث ثم استأذن عمر فأذن له، وهو كذلك فتحدث، ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله وسوى ثيابه، فدخل فتحدث، فلما خرج قالت عائشة: دخل أبو بكر فلم تهتش له، ولم تباله، ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك! فقال: (ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة).
الصحابي الجليل هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، يلتقي مع الرسول "صلى الله عليه وسلم"، في عبد مناف، وأمه أروى بنت كريز وأم أروى أم حكيم، وهي البيضاء عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بنت عبد المطلب.
أما كنيته فهي "أبو عمرو" في الجاهلية، و"أبو عبدالله" في الإسلام، وعبد الله ابنه من السيدة رقية بنت النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
سُمِّيَ سيدنا عثمان "ذَو النُّورَيْنِ"؛ لأنه تزوج بنتي النبي صلى الله عليه وسلم، وبدأ بالسيدة رقية وبعد وفاتها تزوج السيدة أم كلثوم، وقيل: (لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ ابْنَتَيْ نَبِيٍّ مِنْ لَدُنْ آدَمَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ أَحَدٌ إِلَّا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ).
وكان عثمان رضي الله عنه من أحسن الناس خُلقا وأشدهم حياءً، فروى الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي: أَبُو بَكْر، وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ: عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ...)، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
وروى الطبراني في "المعجم الأوسط" (8601) عَنْ عَائِشَةَ عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ عُثْمَانَ حَيِيٌّ سَتِيرٌ، تَسْتَحْييِ مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (2106).
وقد روى أحمد (543) عن سَالِم أَبي جُمَيْعٍ قال: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، وَذَكَرَ عُثْمَانَ وَشِدَّةَ حَيَائِهِ، فَقَالَ: "إِنْ كَانَ لَيَكُونُ فِي الْبَيْتِ وَالْبَابُ عَلَيْهِ مُغْلَقٌ، فَمَا يَضَعُ عَنْهُ الثَّوْبَ لِيُفِيضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ، يَمْنَعُهُ الْحَيَاءُ أَنْ يُقِيمَ صُلْبَهُ".
وقال المناوي رحمه الله: "كان يستحي حتى من حلائله، وفي خلوته، ولشدة حيائه كانت تستحي منه ملائكة الرحمن".