تركيبة الحكم في لبنان.. محاصصة بميزان "الطائف" تنظم تقلبات الساسة
الدستور اللبناني ينص على أن البلاد دولة جمهورية ديمقراطية برلمانية، لكن البنية الطائفية للنظام السياسي في لبنان تجعل ذلك مستحيلا
لم تخرج حكومة في لبنان إلى النور على مدار السنوات الأخيرة إلا بولادة متعسرة وأزمات طاحنة، كانت آخرها حكومة رئيس الوزراء سعد الحريري التي لم تفلح حتى الآن في تحقيق مطالب الشعب اللبناني؛ لأنها خرجت من رحم توازنات طائفية لم يكن للرئيس ميشال عون في منصبه الحالي بدونها.
اتفاق الطائف
على مدار 15 عاما وتحديدا من 1975 إلى 1990 شهد لبنان حربا أهلية كادت تقضي على الأخضر واليابس بعد سقوط الآلاف ما بين قتيل وجريح، حتى انتهت بتوقيع اتفاق الطائف الذي رعاه المجتمع الدولي والموقع في مدينة الطائف السعودية 1990 .
الاتفاق الذي تم بموجبه تعديل الدستور اللبناني الذي كان من نتائجه تقليص سلطات رئيس الجمهورية وتوزيع المناصب، الأمر الذي وضع البلاد في زمرة المحاصصة الطائفية، لكنه نظم التقلبات السياسية وإن كان شكلا وليس مضمونا.
ورغم أن الدستور اللبناني ينص على أن البلاد دولة جمهورية ديمقراطية برلمانية، فإن البنية الطائفية للنظام السياسي في لبنان جعلت من شبه المستحيل اتخاذ أي قرارات كبرى دون توافق جميع الفرقاء السياسيين الموزعين على أساس طائفي في المقام الأول.
النواب اللبناني
يقوم مجلس النواب اللبناني بانتخاب رئيس الجمهورية الذي يجب أن يكون من الطائفة المسيحية المارونية وبالتوافق بين قوى بالبرلمان ولمدة 6 سنوات قابلة للتجديد.
خلال فترة تجاوزت عاما ونصف العام مؤخرا ما بين عامي 2014 و2016، فشلت 45 جلسة لمجلس النواب اللبناني في انتخاب رئيس للجمهورية خلفا للرئيس ميشال سليمان بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني نتيجة عدم توافق القوى السياسية اللبنانية على تسمية الرئيس الجديد.
وفي 31 أكتوبر/تشرين الأول 2016 تم التوصل إلى توافق على انتخاب الجنرال ميشال عون رئيسا للجمهورية، وجرى تكليف زعيم تيار المستقبل سعد الحريري بتشكيل الحكومة، التي استمرت مشاوراتها لأكثر من 40 يوما وخرجت إلى النور فاقدة للوعي.
وبحسب اتفاق الطائف، توزعت مقاعد مجلس النواب البالغة 128 مقعدا مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، بينما يترأسه أحد أبناء الطائفة الشيعية، ويتولاه حاليا ومنذ عدة سنوات زعيم حركة "أمل" نبيه بري.
رئاسة الوزراء
أما منصب رئيس الوزراء فهو من نصيب السُنة، وجرى التوافق على ذلك بين الأطراف اللبنانية عام 1943، أي قبل استقلال لبنان، رغم أن الدستور اللبناني لا يتحدث عن دين أو طائفة رئيس الوزراء.
ويبدو أن لعنة التقاسم الطائفي للمناصب في لبنان لا تقتصر على الرئاسات الثلاث، بل تمتد لتشمل المناصب المهمة في البلاد كقائد الجيش ووزير الداخلية ومدير قوى الأمن الداخلي وغيرها.
ومؤخرا، منذ أن كُلف الحريري برئاسة الحكومة واستمر في مشاوراته وإعلان تشكيلها على أساس التوازنات والإرضاءات السياسية، تعرض لبنان لأزمات كثيرة سياسية واقتصادية كان لها الأثر على وضعه المالي والسياسي، ما عجّز الحكومة عن القيام بمهامها، بالإضافة إلى تدخلات حزب الله في أعمال الوزارات حتى التي لا تكون في جعبته.
مظاهرات الضرائب
وإثر هذه الأزمات، اندلعت المظاهرات مساء الخميس عقب فرض رسوم مالية على الاتصالات عبر تطبيقات الهاتف الخلوي، وأشعل القرار الذي سحبته الحكومة شرارة لتحركات واسعة وصلت إلى حد المطالبة بإسقاط الحكومة التي تسعى لفرض ضرائب أخرى، بهدف توفير إيرادات جديدة لخزينة الدولة في ظل أزمة اقتصادية خانقة.
وتوجه الحريري إلى اللبنانيين مساء الجمعة في كلمة معلنا إعطاءه لنفسه وشركائه وقتا للتسوية السياسية التي أدت إلى انتخاب ميشال عون رئيسا، 72 ساعة للسير بالخطة الإصلاحية التي تم الاتفاق عليها.
وقال: "مَن لديه الحل فلننظم انتقالا هادئا وليستلم زمام الأمور"، في إشارة منه إلى أنه مستعد للاستقالة إذا دعت الظروف إلى ذلك.
aXA6IDMuMTM5LjIzNC4xMjQg جزيرة ام اند امز