استمرار المظاهرات في لبنان وحلفاء الحريري يدعونه للاستقالة
رغم المهلة التي أعطاها رئيس الحكومة سعد الحريري لنفسه وشركائه لحل الأزمة يواصل المحتجون مظاهراتهم وسط جهود رسمية لتهدئة الشارع
واصل المتظاهرون اللبنانيون، اليوم السبت، مواكبهم الاحتجاجية على الأوضاع المعيشية المتردية على الرغم من المهلة التي منحها رئيس الحكومة سعد الحريري لنفسه وشركائه بالحكومة في خطاب مساء أمس الجمعة.
وطالب المحتجون الذين بدأوا التوافد صباح السبت، إلى ساحات وميادين الاحتجاج في العاصمة بيروت وغيرها من أنحاء البلاد الحكومة بقرارات عملية وسريعة.
وفي ذات الوقت خرجت دعوات من حلفاء الحريري تدعوه إلى الاستقالة بعدما بات الفريق الآخر وتحديدا "حزب الله" ووزير الخارجية رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يتحكّم بالسلطة، وهو ما أشار إليه الحريري نفسه في كلمته.
وفيما رأى البعض أن رئيس الحكومة مهّد في المهلة التي حددها بـ72 ساعة لاستقالته من الحكومة انطلاقا من صعوبة تجاوب الأطراف الأخرى معه، أعلن بشكل واضح كل من "حزب القوات اللبنانية" و"الحزب الاشتراكي" أنهما ينتظران قرار رئيس الوزراء ملمّحين إلى توجهها للاستقالة من الحكومة.
وإذا كان المتظاهرون وجدوا في كلام الحريري بعض التعاطف مع مطالبهم، فإن كلام باسيل "صهر رئيس الجمهورية" الذي عمد إلى استباق كلمة الحريري وتوجه بكلمة إلى الشعب اللبناني من القصر الرئاسي، لاقى رفضا مطلقا بدوره من المتظاهرين، خاصة أنه اعتبر أن التحركات غير موجهة ضد العهد، وبالتالي إحالة المسؤولية إلى رئيس الحكومة.
وتوقف عدد من السياسيين عند سلوك باسيل معتبرين أنه يقوم بدور رئيس الجمهورية الذي لم يصدر طيلة يوم أمس الجمعة، أي موقف باستثناء ما قاله مساء أمام وفد من المتظاهرين الذين كانوا يتوجهون للتظاهر والدخول إلى ما أسموه "قصر الشعب"، قائلا: "سأعمل جهدي للتخفيف من معاناتكم".
ويصر المتظاهرون الذين بدأوا احتجاجاتهم رفضا لفرض الضرائب، مساء الخميس في مختلف المناطق اللبنانية، على إسقاط الحكومة ورئيس الجمهورية ويطالب بعضهم بإجراء انتخابات نيابية مبكرة، وهو الأمر الذي يبدو حتى الآن شبه مستحيل.
وفيما تتجه الأنظار إلى مصير الحراك وعما إذا كان سيتواصل، إلى حين انتهاء مهلة الحريري، ينطلق المحتجون في رفضهم وعود المسؤولين وإصرارهم على الاستمرار بالتظاهر من تجربتهم مع الطبقة السياسية.
ويرى المحتجون أنه على الرغم من مرور ثلاث سنوات على العهد ومنحه العديد من الفرص لكنه لم يأخذ أي خطوات جدية وعملية تجاه الإصلاح، وهو ما كان لافتا في الشعارات التي أطلقوها في المظاهرات، حيث لم يتم استثناء أي من المسؤولين ورفعت شعارات ضدهم جميعا على خلاف معظم الاحتجاجات السابقة، فيما كان واضحا الغضب الأكبر ضد باسيل.
دور حزب الله
قالت مصادر وزارية لـ"العين الإخبارية" إن الحريري كان واضحا في كلامه وأن رسالته وصلت إلى جميع الأطراف لا سيما من يفترض أنهم شركاء في التسوية التي أوصلت ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية.
وأشارت في الوقت ذاته إلى "لمسات" لحزب الله فيما حصل، مذكرة باللقاء الذي عقده أمين عام حزب الله حسن نصرالله مع باسيل قبل أن يعود الأخير ويعلن مواقف تصعيدية مهددا بـ"قلب الطاولة على الجميع".
وأكدت المصادر أنه إذا لم تحصل خلال هذه المهلة أي خطوات فعلية باتجاه تنفيذ الخطة الإصلاحية التي كان قد اتفق عليها، فهو سيسمي الأمور بأسمائها والجهات التي كانت تعطّل وبشكل واضح وصريح.
ومع إصرار الحريري الذي أبدى تفهمه لمطالب المتظاهرين بالعمل على إيجاد الحل سيسعى في اليومين المقبلين، بحسب المصادر، إلى تهدئة الشارع وإيجاد مخرج سياسي لما حدث على الأرض منعا لتدهور الأمور.
كما أن ما يسعى له الحريري هو التوصل إلى حل سياسي مختلف عن كل ما حدث في السابق يسير به الجميع ويؤدي إلى نتيجة حتمية وفاعلة بشكل سريع، رافضا أي حل يقتصر على الكلام بل يريد خطوات عملية.
في المقابل، وعلى خط المواقف السياسية، اكتفت مليشيا "حزب الله" و"حركة أمل" بتأييد المطالب الشعبية، دعا كل من رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" النائب السابق وليد جنبلاط ورئيس "حزب القوات اللبنانية" سمير جعجع مناصريهما إلى المشاركة في التظاهر، معلنين أنهما ينتظران قرار الحريري بشأن الاستقالة من عدمها ملمّحين إلى أنهما يتجّهان إلى الاستقالة من الحكومة مع تأكيدهما دعم الحريري رافضين تحميله المسؤولية، علما بأن دعوة جنبلاط كانت للتظاهر ضد "العهد"، أي رئاسة الجمهورية.
الاستفادة من الزخم الشعبي
واعتبر جعجع في بيان له بعد كلمة الحريري أن الظرف لا يسمح بأنصاف الحلول، وقال: "نتفق تماما مع التوصيف الذي أعطاه الرئيس سعد الحريري للواقع السياسي القائم، فالمشكلة في البداية ناجمة عن ممارسة سياسية خاطئة جدا وبعيدة كل البعد عن منطق الدولة ومصالح الشعب اللبناني".
وأضاف "يبقى أن الظرف الحالي لا يسمح بأي حال من الأحوال بأنصاف الحلول، فيجب هذه المرة الاستفادة من الزخم الشعبي للقيام بنقلة فعلية نوعية، وليس مجرد ترقيعات في ثوب بال، والنقلة النوعية تكون بتشكيل حكومة جديدة بعيدة كل البعد عن الطقم السياسي الحالي لتبدأ عملية النهوض الاقتصادي المرجو في البلد".
من جهته، اعتبر جنبلاط أن الحريري توجه خلال كلمته الجمعة إلى "حزب الله" وسائر الفرقاء وكلامه يعني هل لا تزال التسوية قائمة؟".
وفي حديث تلفزيوني، أكد جنبلاط "لا نستطيع الاستمرار بالحكم والحكم ليس بأيدينا"، مشيرا إلى أن "هناك معادلة إقليمية سورية إيرانية ولا تقبل بصوت معارض في لبنان حول ما جرى في الإقليم"، لافتا إلى أن باسيل ظهر كأنه رئيس من خلال تصريحه من القصر.
واعتبر أن "جبران باسيل خرّب العهد القوي، هو الحاكم الفعلي وهو خرق الأعراف والدستور وأنا لا أحسد سعد الحريري على وضعه وربما تفرض عليه الظروف للبقاء وقد يحصّن موقعه من خلال التموضع الجديد".
وأضاف "قلت للحريري إن 72 ساعة قد لا تغير أي شيء وقد تزيد الضغط الشعبي وأقول له "أكمل الطريق وأنا أخرج من الحكم" (أي أن وزراء الاشتراكي يستقيلون)، وأفضّل أن أبقى في المعارضة الهادئة والموضوعية".
وأكد كذلك أن المطالب الشعبية محقة جدا والمعادلة تتطلّب تعديلا حكوميا وضريبة تصاعدية موحدّة وإصلاحات ضريبية وضرائب عادلة.
وكان الحريري قد توجه إلى اللبنانيين مساء الجمعة في كلمة معلنا إعطاءه لنفسه وشركائه وقتا للتسوية السياسية التي أدت إلى انتخاب ميشال عون رئيسا 72 ساعة للسير بالخطة الإصلاحية التي تم الاتفاق عليها.
وقال "من لديه الحل فلننظم انتقالا هادئا وليستلم زمام الأمور".
وأوضح "اتفقت مع كل الفرقاء على الإصلاحات في جميع القطاعات خاصة في ملف الكهرباء تلبية للشروط الدولية لكنني بدأت أواجه الكثير من العراقيل في كل مجالات الإصلاحات التي اتفقنا عليها مسبقا بهدف تصفية الحسابات الداخلية والخارجية".
وأضاف "أي شعب يواجه أداء سياسيا كالذي نواجهه منذ أشهر وسنوات، ستكون النتيجة الغضب".
ولفت إلى أنه "قد تكون هناك جهات سياسية في الداخل مسرورة بما يحصل أو تدخلات خارجية، لكن هذا لا يلغي أن هناك وجعا حقيقيا والناس أعطتنا فرصا كثيرة وانتظرونا للإصلاحات وتأمين فرص العمل، في حين أن البعض همه تسجيل النقاط ضد الآخرين، ونحن لم نقدم لهم إلا العراضات السياسية".
وأضاف "البعض يريد أن يكون الرئيس سعد الحريري كبش محرقة تماما كما فعلوا مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وأنا ذهبت إلى التسوية السياسية لمصلحة البلد، وقلبت الطاولة على نفسي، لكن بالأمس الناس وجهت لنا رسالة".
وأضاف "منذ أشهر ننتظر شركاءنا في الوطن والحكومة للسير بالحل الذي اتفقنا عليه، لكن لم يعد باستطاعتنا الانتظار"، وختم الحرير كلامه بالقول "أعطي مهلة قصيرة 72 ساعة إلى شركائنا في الحكومة لإعطاء جوابهم حول موضوع الإصلاحات وإلا سيكون لي كلام آخر".
واندلعت المظاهرات مساء الخميس عقب فرض رسوم مالية على الاتصالات عبر تطبيقات الهاتف الخلوي، وأشعل القرار الذي سحبته الحكومة شرارة لتحركات واسعة وصلت إلى حد المطالبة بإسقاط الحكومة التي تسعى لفرض ضرائب أخرى، بهدف توفير إيرادات جديدة لخزينة الدولة في ظل أزمة اقتصادية خانقة.
aXA6IDE4LjExOC4yOC4yMTcg جزيرة ام اند امز