شروط الجنسية الإماراتية.. بنود ترسم خارطة الاستثمار بالمستقبل
فتحت الإمارات الباب لتجنيس العلماء والموهوبين والمستثمرين، في خطوة حكيمة للنهوض بالحاضر والاستثمار بالمستقبل، في عام اليوبيل الذهبي.
وتعد الشروط التي وضعتها الإمارات لمنح جنسيتها، بمثابة خارطة طريق تكشف طموح الدولة وعزمها الواضح على الاستثمار في المستقبل.
ومن شأن تلك الخطوة فتح باب التنافس أمام المبدعين والمتميزين من كافة أنحاء العالم، في مشاركة أبناء الإمارات في تعزيز مسيرة التنمية وبناء قدرات الدولة، واستثمار مقدراتها ومواردها، والنهوض بها في مختلف المجالات.
تأتي تلك الخطوة بالتزامن مع عام اليوبيل الذهبي للإمارات (مرور 50 عاما على قيام الاتحاد على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان باني ومؤسس دولة الإمارات)، وفي وقت تستعد فيه الإمارات لمئوية التأسيس التي تستهدف أن تكون دولة الإمارات أفضل دولة في العالم بحلول العام 2071.
فوائد لا تحصى
وقد وضعت الإمارات عددا من الشروط والضوابط، لضمان تحقيق الأهداف المرجوة من تلك الخطوة، وهي تقدير الكفاءات وتمكين استقرارها لتصبح جزءاً من النسيج الاجتماعي ومكوناً حيوياً ومساهماً إلى جانب أبناء الوطن في مواصلة مسيرة بناء قدرات الدولة وصياغة آفاقها الطموحة تجاه مئوية التأسيس ونهجها الخلاق في تبني العقول وصقل المواهب ودعم الأعمال ورفدها بالتخصصات الحيوية.
اقرأ المزيد:
كما تعبر تلك الخطوة الهامة عن تقدير الكفاءات الموجودة في الإمارات وتستهدف أيضا استقطاب أصحاب الإنجازات والعقول وتمكينهم ضمن نسيج دولة الإمارات الاجتماعي، وتعزيز تلاحم المجتمع وتعايشه بما يرسخ مسيرة التنمية في دولة الإمارات ويعزز حضورها في كافة المجالات.
كذلك فإن من شأن تلك الخطوة التي سيتم بموجبها تجنيس المبدعين من مختلف أنحاء العالم، تعزيز خطوات الانفتاح الاجتماعي والثقافي، بما يبرز الوجه الحضاري وروح التسامح والإبداع التي تتحلى بها الإمارات، التي تحتضن أكثر من 200 جنسية يعيشون فيها بانسجام وتناغم.
شروط التجنيس
وبتوجيهات من الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الإمارات، اعتمد مجلس الوزراء برئاسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، اليوم السبت، تعديل بعض الأحكام المرتبطة باللائحة التنفيذية للقانون الاتحادي في شأن الجنسية وجوازات السفر، يجيز من خلالها منح الجنسية الإماراتية للمستثمرين وأصحاب المهن التخصصية وأصحاب المواهب وعائلاتهم وذلك استناداً لعدد من الضوابط والشروط.
وتشمل الفئات المستهدفة من القرار المستثمرين، وأصحاب المهن التخصصية كالأطباء والمتخصصين والعلماء، وأصحاب المواهب مثل المخترعين، والمثقفين والفنانين والموهوبين.
كما يجيز القانون منح الجنسية أيضاً لأفراد أسر هذه الفئات وفقاً لنصوص المواد المنظمة لكل من الزوج والأبناء، فيما يسمح التعديل الجديد بالاحتفاظ بالجنسية الحالية لحاملها.
وحددت التعديلات عددا من الاشتراطات والضوابط لمنح كل فئة للجنسية، ففي فئة المستثمر يشترط امتلاكه لعقار في دولة الإمارات.
كما يشترط لمنح الجنسية للأطباء والمتخصصين توافر عدد من الشروط منها أن يكون متخصصاً في مجال علمي فريد أو مجالات علمية مطلوبة وذات أهمية للدولة، وأن تكون له إسهامات في إجراء دراسات وأبحاث ذات قيمة علمية في مجال تخصصه، ولا تقل خبرته العملية عن 10 عشرة سنوات، إلى جانب حصوله على عضوية في منظمة مرموقة في مجال تخصصه.
وفي فئة العلماء يشترط للحصول على الجنسية توافر عدد من الشروط منها أن يكون باحثاً ناشطاً في مجال خبرته في جامعة أو مركز بحثي أو في القطاع الخاص، وأن لا تقل خبرته العملية عن 10 سنوات في ذات المجال، وأن تكون لديه إسهامات في المجال العلمي كالفوز بجائزة علمية مرموقة، أو تأمين تمويل كبير لبحثه خلال 10 سنوات سابقة، وحصوله على رسالة توصية من مؤسسات علمية معترف بها في الإمارات.
وفي فئة أصحاب المواهب، يشترط للحصول على الجنسية للمخترعين الحصول على براءة اختراع أو أكثر معتمدة من وزارة الاقتصاد أو من أية جهة عالمية معترف بها تمثل قيمة مضافة لاقتصاد الدولة، ورسالة توصية من وزارة الاقتصاد.
ويشترط في فئة المثقفين والفنانين والموهوبين أن يكون من الرواد في مجالات ذات أولوية للدولة كالثقافة والفن والمواهب، وأن يكون حاصلاً على جائزة عالمية أو أكثر في مجال تخصصه ورسالة توصية من الجهات الحكومية المختصة في هذه المجالات في الدولة.
وتضمن قرار منح الجنسية آلية الحصول على الجنسية وذلك من خلال ترشيح الشخصيات المؤهلة للجنسية عبر دواوين الحكام وأولياء العهود والمجالس التنفيذية للإمارات الأعضاء في الاتحاد، ومجلس الوزراء بناءً على ترشيحات الجهات الاتحادية المعنية.
عام اليوبيل الذهبي
وتعزز تلك التعديلات نجاح رؤية 2021، والتي تهدف لأن تكون دولة الإمارات ضمن أفضل دول العالم من حيث التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بحلول اليوبيل الذهبي للاتحاد 2 ديسمبر القادم.
كما تسهم تلك الخطوة في استثمار الإنجازات الواعدة التي شهدتها الإمارات وتشهدها خلال العام الجاري.
وفي 12 من الشهر الجاري رحبت "جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي"، أول جامعة للدراسات العليا المتخصصة ببحوث الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، رسميا بأول دفعة من طلابها.
جاء ذلك خلال فعالية افتراضية افتتاحية شارك فيها الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة رئيس مجلس أمناء جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي حيث ألقى كلمة رحب خلالها بالدفعة الأولى من الطلاب الذين سيبدأون عامهم الدراسي في أبوظبي ، مؤكدا أهمية دور الذكاء الاصطناعي خاصة أثناء جائحة كورونا وكذلك في تطوير مختلف الصناعات لتحقيق نتائج أفضل.
واحتفت الفعالية بانضمام 78 طالباً إلى الجامعة من 29 دولة حيث تم اختيارهم بعد تلقي الجامعة آلاف طلبات الالتحاق من 100 دولة ، وتضم الدفعة 14 طالبا إماراتيا.
الأخوة الإنسانية
كذلك فإن من شأن تلك الخطوة التي سيتم بموجبها تجنيس المبدعين من مختلف أنحاء العالم، إبراز روح التسامح والإبداع التي تتحلى بها الإمارات، في وقت يستعد فيه المجتمع الدولي الاحتفال لأول مرة يوم 4 فبراير/شباط القادم "باليوم العالمي للأخوة الإنسانية"، بعد أن اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بالإجماع بهذا الصدد.
ويعد ذلك انتصارا هاما للإمارات واعترافا دوليا بوثيقة الأخوة الإنسانية التاريخية التي وقعها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف وقداسة البابا فرانسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، في أبوظبي 4 فبراير/شباط 2019.
وفي الشهر نفسه، سيكون العالم على موعد مع وصول "مسبار الأمل"، الذي انطلق في 20 يوليو/تموز الماضي لاستكشاف المريخ، إلى مداره حول كوكب المريخ في تمام الساعة 7:42 دقيقة من مساء يوم التاسع من فبراير/شباط 2021 ليباشر مهامه.
وبهذا الإنجاز، أصبحت الإمارات أول دولة عربية تنجح في استكشاف الكواكب الأخرى، كما أصبحت عضوا في نادي مستكشفي المريخ الذي يضم 7 دول فقط على مستوى العالم.
أيضا خلال عام 2021، سيترقب العالم انطلاق معرض "إكسبو 2020 دبي" المُزمع افتتاحه في شهر أكتوبر/تشرين الأول القادم، لتصبح الإمارات أول دولة في الشرق الأوسط وأفريقيا والعالم العربي تحتضن هذا الحدث العالمي.
الإمارات ستحتفل أيضا خلال العام الخمسين لاتحادها بالتشغيل التجاري لمحطة براكة النووية، أول مفاعل سلمي للطاقة النووية في العالم العربي، بعد أن نجحت في نهاية 2020 بوصول مفاعل المحطة الأولى في براكة إلى 100% من طاقته الإنتاجية.
الاستثمار في الثروة البشرية
أيضا ترسخ الإمارات بتلك الخطوة ثقافة التميز في أن تكون بمقدمة دول العالم في التنافسية وعلى مختلف الأصعدة.
ويعد تجنيس المبدعين في مختلف المجالات فرصة لنقل معرفتهم وخبراتهم للإماراتيين، من خلال العمل معهم، الأمر الذي سيحول الإمارات إلى مجموعة ورش كبيرة يتنافس فيها الجميع للنهوض بالوطن، ويسهم في تطوير الإماراتي ذاته باعتباره هدف التنمية وغايتها.
وكانت دولة الإمارات قد تصدرت المركز الأول عربيا في تقرير التنمية البشرية 2020 والصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي منتصف الشهر الماضي، متقدمة في الترتيب العالمي بأربعة مراكز عن تصنيف العام الماضي لتأتي في المرتبة 31 عالميا من بين 189 دولة شملها التقرير.