ارتباك أثرياء أمريكا.. فما السبب؟

سحابة من الفوضى والارتباك أصبحت تغطي العام الضريبي الحالي في الولايات المتحدة الأمريكية.

وجاءت تلك الفوضى إثر اندفاع مجنون من الأثرياء الأمريكيين. سببه تحرك الكثير منهم منذ عدة أشهر كي يستكملوا إجراءات تجنبهم أكبر زيادة ضريبية في جيل كامل.

الحظ أسعفهم

وكان من المنتظر أن يدخل الكثير من أولئك الأثرياء تحت طائلة قانون للزيادة الضريبية من المقرر تطبيقه بداية العام الجديد، إلا أن أولئك الأثرياء أسعفهم الحظ كثيرا.

فمع استمرار المناقشات داخل الكونجرس الأمريكي، وعدم وجود ضمانة تُحدد المدى الزمني الذي تستغرقه حتى تمرير المشروع نهائياً – أو عدم تمريره من الأساس – فمن شبه المستحيل أن يتم التنبؤ بما سيؤول إليه المشروع حتى يتم تفعيله بداية من أول يناير/كانون الثاني 2022.

• بايدن ينسف خطط ترامب.. الشركات العملاقة في مأزق "الضرائب"
  

وتشير التوقعات إلى غرق مشروع قانون الضريبة والإنفاق، والموقَّع من الرئيس جو بايدن، في الجدل بين أعضاء الكونجرس من الحزب الديمقراطي، حتى العام المقبل، مما أدى إلى تخبط مستشاري الضرائب بشأن كيفية توجيه عملائهم من الأثرياء.

وأحدثت تلك الوقائع حالة من الشكوك بشأن قانون الإصلاح الضريبي وتاريخ تفعيله، مما جعل مستشاري أثرياء أمريكا في حالة من التخبط بشأن ما يجب توجيهه من نصائح لعملائهم الأثرياء، وذلك بعد أن وجهوا نصائح لهم في وقت سابق بسرعة تقديم إفصاحات عن نسبة كبيرة من دخولهم في عام 2021.

بل سارع الكثير منهم إلى بيع حصص في ممتلكاتهم من أسهم ومنازل رغبة في تقليص ما سوف يدفعونه من ضرائب إزاء القانون الجديد الذي كان مقررا فرضه مع بداية 2022.

ولعل إيلون ماسك الملياردير الأمريكي وأغني أغنياء العالم واحدا من أبرز من قام بالعديد من عمليات البيع لممتلكاته خلال الأشهر القليلة الماضية.

قواعد اللعبة

وعن هذا يقول مايك جرينوالد، الشريك في شركة المحاسبة "فريدمان" (Friedman): "لا أحد يعرف ماهي قواعد اللعبة، ولذلك؛ جرى تعليق عملية التخطيط. فلا أحد يفهم كيف تسير اللعبة، ولا توجد قرارات عمل حقيقية يجب على الناس اتخاذها".

• ضرائب المليارديرات.. معركة "تاريخية" في "الشيوخ" الأمريكي
  

وتدعو خطة بايدن "إعادة البناء بشكل أفضل"، التي مرّرها مجلس النواب، لكنَّها مازالت عالقة في مجلس الشيوخ، إلى العديد من التعديلات، منها: ضريبة إضافية على الأفراد الذين يكسبون 10 ملايين دولار على الأقل، وتوسيع ضريبة بنسبة 3.8% على دخل الاستثمار من الكيانات الوسيطة، وسلسلة من زيادة الضرائب على أنشطة الشركات.

ولا يعرف المشرّعون أنفسهم ما إذا كانوا سيطبقون القانون بأثر رجعي مع بداية 2022، أو سيغيرون تواريخ تفعيله حتى يجري تطبيقه فقط بداية من تاريخ تمريره.

وفي هذا الإطار يقول رون وايدن، رئيس اللجنة المالية بمجلس الشيوخ، إنَّه يتحدث مع المهنيين المتخصصين في مجال الضرائب الذين يساورهم القلق بشأن توقيت صدور مشروع القانون. وأضاف: "سنقول شيئاً عندما يكون لدينا ما نقول..مازال أمامنا عمل كي ننجزه، وأنا واعٍ تماماً بذلك".

وبعد أن كان المستشارون ينصحون عملاءهم في وقت سابق من العام، بإمكانية بيع أصول قبل تطبيق الضرائب المرتفعة، ينصح الكثير منهم الآن بعدم اتخاذ هذه الإجراءات إلا إذا كانت جزءاً من استراتيجية طويلة الأجل، وعدم اتخاذ قرارات استناداً إلى ما قد يفعله الكونجرس أو لا يفعله.

ويرى تيم سبيس، شريك ضرائب لدى شركة "أيزنر أمبرز بيرسونال ويلث أدفايزرز" (EisnerAmper’s Personal Wealth Advisors): " أنَّ تطبيق القانون بأثر رجعي "لا يحدث في أغلب الأحوال" من الناحية التاريخية. وتابع يقول: "الآن معظم النصائح تقول لننتظر حتى عام 2022".

يناقش الديمقراطيون في مجلس الشيوخ كيفية جعل الخصم الضريبي أكثر سخاءً، والذي يبلغ حده الأقصى حالياً 10 آلاف دولار لكل مموِّل. غير أنَّ المشرّعين يختلفون فيما بينهم حول مستوى الارتفاع في سلم الدخل الذي ينبغي عنده إتاحة الخصم.

وتدعو نسخة مشروع القانون التي يناقشها مجلس النواب إلى رفع الحد الأقصى إلى 80 ألف دولار، بغضِّ النظر عن حجم الإيرادات السنوية بداية من 2021، مما يعني أنَّ دافعي الضرائب يحق لهم طلب الخصم على الإيرادات السنوية التي يفصحون عنها في الربيع القادم.

وبرغم ذلك؛ يجب على مجلس الشيوخ، حتى يتحقق ذلك، أن يتحرك بسرعة حتى يجعل هذا الخصم متاحاً في موسم تقديم الإفصاح الضريبي، الذي يبدأ عادة من أواخر شهر يناير/كانون الثاني، وينتهي في 15 أبريل/نيسان.

وتأتي خطة "ضريبة دخل المليارديرات" لتضع نظاما ضريبيًا جديدًا يستهدف فقط المليارديرات وأولئك الذين يكسبون أكثر من 100 مليون دولار من الدخل لمدة 3 سنوات متتالية على الأقل.

سيُطلب من المليارديرات دفع ضرائب سنوية على القيم المتزايدة للأسهم والسندات بموجب الخطة، حتى في حال عدم بيع الأصول، ومن الممكن أيضًا أن يدفعوا المزيد من الضرائب على عقاراتهم وغيرها من الأصول المملوكة لفترة طويلة التي لا يمكن تداولها بسهولة.

ويصل عدد المليارديرات في الولايات المتحدة إلى 724 شخصا، وفقا لقائمة فوربس للمليارديرات في العالم لعام 2021.