"الرخاء المشترك" تزعج مليارديرات الصين.. بكين على خطى واشنطن
فيما تنافست الصين وأمريكا على السيطرة تجاريا على العالم، وحدتها تضخم ثروات الأثرياء، وعلى غرار توجه واشنطن لحصار المليارديرات.
سلكت بكين نفس الطريق، فمع تزايد أعداد المليارديرات في الصين على نحو لافت في 2021 إلا أن خطط الحكومة الصينية جعلت الكثير منهم في حالة من القلق.
ففي ظل حملة الرئيس الصيني شي جين بينج لإعادة توزيع مكاسب الدخل أو ما يعرف بحملة "الرخاء المشترك"، أصبح الكثير من أثرياء الصين لا ينعمون بالنوم جيدا في هذه الأيام، بحسب تقرير نشرته وكالة بلومبرج الأمريكية.
وتعهد الرئيس الصيني بإحراز تقدم كبير في تحقيق الرخاء المشترك بحلول عام 2035، ورفع الشعار في خطاباته الأخيرة.
وعلى الرغم من تأكيد العديد من مؤيدي تلك الحملة بأنها لا تهدف لـ"سرقة الأثرياء"، إلا أنَّ مديري الثروات يؤكِّدون أنَّ الضغوط من أجل تضييق فجوة الثروة في الصين، تزعج طبقة الأغنياء في البلاد.
وأشاروا إلى أن طبقة الأثرياء تحوَّلت إلى التركيز على حماية ثرواتها، بعدما استفادت لسنوات من النمو الاقتصادي القوي، والموقف الرسمي المتساهل تجاه الثروات الشخصية.
خطوات المواجهة
وحول الخطوات التي يتخذها الأثرياء لمواجهة هذا الأمر قال أحد مستشاري الثروة في هونغ كونغ، إنَّ العملاء الصينيين متوترون، ويبتعدون بشكل متزايد عن وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك منصة "ويبو" التي تشبه "تويتر". كما يرفضون المقابلات الإعلامية، ويخفون المساهمات الخيرية لشركاتهم كي يبقوا بعيدين عن الأنظار.
وشهدت الصين خلال عام 2021 ظهور ملياردير جديد كل أسبوع، ليصل العدد الإجمالي إلى أكثر من 750 مليارديرا، متفوقة في ذلك على الهند، وروسيا، وألمانيا مجتمعة، وهي أقل بقليل من 830 مليارديرا في الولايات المتحدة، وفقاً لبيانات "مؤشر بلومبرج للمليارديرات".
ومن بين الأمور العديدة التي أقلقت أثرياء الصين وجود حالة من عدم اليقين بشأن آلية تنفيذ الرسائل الحكومية الخاصة بإعادة توزيع الدخول والثروات، وكيفية التعامل مع الأموال التي سيتم تحصيلها، فحتى الآن فرضت بكين قيوداً على مجموعة من القطاعات والأعمال، ودفعت عدداً كبيراً نحو الأعمال الخيرية (التي تعتبرها شكلاً آخر من أشكال إعادة توزيع الثروة).
كما أعلنت الحكومة عن دراستها فرض ضريبة جديدة على الممتلكات.
ويقول أدريان زويرشر، رئيس قسم توزيع الأصول العالمية في مكتب الاستثمار الرئيسي لإدارة الثروات، إنَّ حملة "الرخاء المشترك" تسبَّبت بحالة من عدم اليقين لدى المستثمرين المحليين.
أضاف رويرشر: "نتوخى الحذر في المجالات الأقل استراتيجية، وننصح العملاء بالتركيز على الطاقة المتجددة، والسيارات الكهربائية كمجالات تستفيد من تركيز السياسة على الابتكار والتكنولوجيا الخضراء".
كما يقول إيكو تشاو، الذي يعمل بشركة استشارات للأثرياء: "قبل بضع سنوات، كان الناس مهتمين فقط بكيفية الاستثمار أما الآن ففقدوا شهية المخاطرة".
ونتيجة لهذا فإن المستشارين يدفعون العملاء الصينيين نحو زيادة استثماراتهم الدولية، إذ يركِّز العديد من الصينيين استثماراتهم بشكل مفرط في الشركات المحلية، شأنهم كغيرهم في أي مكان آخر.
فعلى سبيل المثال تمثِّل البورصات الصينية نحو 10% من القيمة السوقية لأسواق الأسهم العالمية، ويقدِّر أحد البنوك الخاصة العالمية أنَّ عملاءه الصينيين "يمتلكون ما بين 30-50% من أصولهم في أسواقهم المحلية".
وخسر وانغ شينغ مؤسس شركة "ميتوان Meituan" لخدمات توصيل الطعام 2.5 مليار دولار بعد تداول منشور له على وسائل التواصل الاجتماعي، وتفسيره على أنَّه يتضمن نقداً للحكومة.
وحول المسارات التي يمكن للحكومة الصينية اتباعها من أجل دعم حملتها للرخاء المشترك هو فرض ضرائب على الميراث، وعن هذا يقول أحد كبار المصرفيين في مؤسسات القطاع الخاص، إنَّ الصين لا تفرض في الوقت الحالي ضرائب على الميراث، لكنَّ الأثرياء يخشون أنَّ الأمر لا يعدو كونه مسألة وقت.
ويثير ذلك القلق اهتمام الأسر الثرية التي تسعى إلى الصناديق العائلية، وبناء الوسائل التي تسهل تصنيف الثروة ونقلها، وفصل الأصول وحمايتها.
ومنذ تأسيس ذلك النوع من الصناديق منذ ما يقرب من عقد من الزمان؛ بلغت أصول الصناديق الائتمانية أكثر من 10 تريليونات يوان (1.6 تريليون دولار) بحلول نهاية العام الجاري، وفقاً لتقديرات بنك التجار الصيني.
ويقول بيتر تشانغ الذي يقود شركة "كونيرز Conyers" للمحاماة، والمتخصصة في توفير أنشطة الصناديق الائتمانية للعملاء الآسيويين، نظراً إلى حالة عدم اليقين بشأن الاتجاهات المستقبلية للتعامل الحكومي الصيني تجاتح تلك الصناديق، كان هناك "اهتمام كبير إلى حدٍّ ما" بالصناديق الاتئمانية في الخارج.
وتحظى جزر الكايمان، وبرمودا، وجزر العذراء البريطانية، وغيرها من الأماكن التي تحمي الأصول المالية من المشكلات القانونية الأجنبية، بشعبية في هذا المجال.
aXA6IDMuMTQ4LjEwOC4xOTIg جزيرة ام اند امز