«المنجم» على وشك السقوط.. قمة كونغولية رواندية تسابق «نُذر الحرب»
أعلنت كينيا أن قمة بين رئيس الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسيكيدي، ونظيره الرواندي بول كاغامي، ستعقد يوم الأربعاء المقبل.
وتعقد تلك القمة فيما نذر الحرب بين البلدين تتصاعد، في أعقاب هجوم، شنته حركة 23 مارس (إم 23) المتمردة في الكونغو الديمقراطية على غوما، أكبر مدينة في شرق البلاد، وذلك بدعم من رواندا.
وقُتل 17 شخصا على الأقل وأصيب 367 آخرون في اشتباكات في غوما، التي تضم أكبر مناجم المعادن في الكونغو الديمقراطية، وفق "فرانس برس".
واندلعت معارك عنيفة في غوما بين القوات العسكرية الكونغولية من جهة ومقاتلي حركة "ام 23" وجنود روانديين دخلوا المدينة من جهة أخرى، في وقت أفادت كيغالي بمقتل خمسة مدنيين على الأقل على الأراضي الرواندية.
قصف مدفعي
وقالت ميريام فافييه رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في شمال كيفو التي تقدّم مساعدة لعدّة مستشفيات في المدينة: "تعمل فرقنا الجراحية على مدى الساعة للتعامل مع التدفّق الهائل للجرحى، في حين يستمرّ القتال".
وأفادت "فرانس برس" الإثنين بقصف بالمدفعية الثقيلة في وسط المدينة الواقعة على ضفاف نهر كيفو.
ومن الصعب تحديد أجزاء المدينة التي سقطت في أيدي حركة "إم 23" والجنود الروانديين، وأيها لا تزال تحت سيطرة كينشاسا.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو، الإثنين: "غوما على وشك السقوط"، مندّدا بشدّة بالهجوم العسكري الذي تتعرّض له المدينة.
ودخل مقاتلون من حركة "ام 23" بمؤازرة أكثر من 3500 جندي رواندي بحسب الأمم المتحدة غوما الأحد، بعد حصار استمر عدّة أيام، وفق مصادر أممية وأمنية.
وفي أول رد فعل رسمي كونغولي منذ دخول حركة "إم 23" وحلفائها إلى المدينة، قال المتحدث باسم الحكومة باتريك مويايا على منصة إكس الإثنين، إنّ "الحكومة تواصل العمل لتجنّب مجزرة وخسائر بشرية".
ومساء الأحد، تحدثت الحركة في بيان عن "هذا اليوم المجيد في إطار تحرير مدينة غوما"، موجّهة إنذارا إلى الجنود الكونغوليين لتسليم أسلحتهم.
مواجهات على الحدود
والأحد، اتّهمت كينشاسا رواندا بـ"إعلان الحرب" بعد إرسالها قوّات إضافية إلى البلد يتراوح عددها بين 500 وألف عنصر، وفق ما أفادت مصادر أممية، في حين دعت الأمم المتحدة كيغالي إلى سحب وحداتها من المنطقة.
وردّت وزارة الخارجية الرواندية ليلا بالقول إنها تحافظ على "وضعية دفاعية دائمة" في ظلّ المعارك التي تشكّل "تهديدا خطرا على أمن رواندا".
وقال المتحدث باسم قوات الدفاع الرواندية رونالد ريفانغا، إنّ "خمسة مدنيين قتلوا وأصيب 25 آخرون بجروح خطيرة في بلدة رواندية حدودية مع غوما"، مشيرا في الوقت ذاته إلى إصابات أخرى "طفيفة"، من دون أن يحدّد الظروف التي أدت إلى ذلك.
وأفادت تقارير باندلاع مواجهات على طول الحدود الإثنين، وسمعت أصوات "عدّة انفجارات".
وأكد مصدر دبلوماسي، حصول تبادل لإطلاق النار خلال الصباح بين القوات الكونغولية والرواندية على جانبي موقع حدودي في غوما.
وأدى تقدّم حركة "إم 23" باتجاه غوما، بالتزامن مع التصعيد الدبلوماسي بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، إلى دعوة نيروبي إلى عقد قمة بين رئيسي البلدين.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، ألغيت قمّة بين الرئيسين، في إطار مفاوضات السلام التي ترعاها أنغولا، بسبب الإخفاق في التوصل إلى تفاهم على شروط الاتفاق.
وقالت كينيا الإثنين، إن القمة ستُعقد الأربعاء.
وتتوالى النزاعات منذ أكثر من 30 عاما في شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية الغنيّة بالموارد الطبيعية.
وسبق أن أُعلن التوصل إلى ستة اتفاقات لوقف إطلاق النار وهدنة في المنطقة، لكنها سرعان من انتهكت. ووقع آخر اتفاق لوقف النار في نهاية يوليو/تموز الماضي.
وحركة "إم 23" تأسست عام 2012 واحتلّت غوما لمدة وجيزة قبل أن تُهزم عسكريا في السنة التالية.
وعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا طارئا بشأن الوضع في الكونغو الديمقراطية مساء الأحد، ندّد إثره بـ "ازدراء سافر" بسيادة الدولة ووحدة أراضيها، مطالبا بانسحاب "القوّات الخارجية" من دون تسميتها صراحة، لكن مع الإحالة إلى تقرير لخبراء أمميين كشف عن وجود قوّات رواندية.
وفي ظلّ توالي الاتهامات الموجّهة إلى رواندا، طالبت وزيرة الخارجية الكونغولية تيريز كاييكوامبا واغنر، بفرض "عقوبات" على قادة عسكريين وسياسيين روانديين، فضلا عن "حظر كامل لصادرات كلّ خامات المواد الرواندية المصدر".
وقُتل في الأيّام الأخيرة 13 جنديا من جنوب أفريقيا ومالاوي وأوروغواي من البعثة التابعة للجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي في الكونغو وبعثة "مونوسكو" على السواء، في المعارك الدائرة هناك.
وفاقمت أعمال العنف الأخيرة أزمة إنسانية مزمنة في المنطقة. وقد تسبّبت المعارك بنزوح 400 ألف شخص منذ مطلع يناير/كانون الثاني الجاري، وفق الأمم المتحدة.
خطر الحرب الإقليمية
كان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أعرب، الخميس الماضي، عن قلقه إزاء الهجوم المتجدد الذي شنته حركة "إم 23" في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، والخسائر الفادحة في صفوف المدنيين.
وقال غوتيريش، في بيان، إن استيلاء الحركة على مدينة ساكي في جنوب كيفو يزيد من التهديد لمدينة غوما، موضحا أن "كل هذا يزيد من خطر اندلاع حرب إقليمية".
ودعا أمين عام الأمم المتحدة الحركة إلى وقف هجومها على الفور والانسحاب من جميع المناطق المحتلة والالتزام باتفاقية وقف إطلاق النار المبرمة في 31 يوليو/تموز 2024، معربا عن قلقه العميق إزاء تقرير صادر عن فريق خبراء، أمس، بشأن وجود قوات رواندية على أراضي جمهورية الكونغو الديمقراطية واستمرار دعم حركة "إم 23".
خلفيات الصراع
وترتبط الأزمة الحالية بما جرى قبل أكثر من 30 عامًا، حينما شنّت أقلية الهوتو حرب إبادة ضد التوتسي في رواندا.
بعد مشاركتهم في حملة إبادة جماعية عام 1994، التي راح ضحيتها أكثر من 800 ألف من التوتسي والهوتو المعتدلين، فرّت مليشيات الهوتو العرقية، مثل القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، إلى الكونغو الديمقراطية.
والآن تدعم رواندا حركة إم 23، التي تقاتل الهوتو في شرق الكونغو الديمقراطية.
وحثّ مجلس الأمن رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية على العودة إلى التفاوض لإرساء السلام ومعالجة القضايا المتعلقة بوجود قوات الدفاع الرواندية في شرق الكونغو، والدعم الكونغولي للقوات الديمقراطية لتحرير رواندا، وهي جماعة مسلحة رواندية معارضة.
aXA6IDMuMjIuNzcuMjMzIA==
جزيرة ام اند امز