نهاية العالم وزلازل ومجاعات.. أساطير أثارت الرعب عن «اصطفاف الكواكب»
قبل نحو 62 عاما، وبينما كان حشد ضخم مجتمعا في مرصد جريفيث بلوس أنجلوس بأمريكا لرصد اصطفاف نادر للكواكب، دخلت امرأة باكية، وكأنها تنضم إلى مجلس عزاء..
قالت هذه المرأة إنها لن تستطيع الاستمرار في منزلها بمفردها، وإنها جاءت لتكون وسط الجمع لمواجهة ما سيحدث على كوكب الأرض بسبب هذا الاصطفاف.
وكانت هذه السيدة التي ذكرت مجلة "التايم" الأمريكية قصتها من أشد المؤمنين بأسطورة تروج إلى أن محاذاة الكواكب يأتي بأشياء فظيعة، مثل الزلازل والفيضانات والتمزق المدمر للأرض بسبب جاذبية الكواكب في وضع المحاذاة.
وفي ذلك اليوم الذي قصدت فيه تلك المرأة التي لم يستدل على هويتها المرصد، كانت الشمس والقمر وجميع الكواكب غير الأرضية الخمسة من عطارد إلى زحل مرتبة في خط ضمن رقعة صغيرة تبلغ 17 درجة من السماء.
ومر اليوم بسلام دون حدوث ما كانت تخشاة تلك السيدة، غير أن تلك الأسطورة لا تزال تعيش في الأذهان، ليتم استدعاؤها أمس الإثنين مع اصطفاف كواكب "الزهرة والمريخ والمشتري وعطارد وأورانوس" بالقرب من القمر، في ظاهرة يقول الفلكيون إنها لا تتكرر سوى مرة واحدة في العمر.
والمحاذاة هي، بطبيعة الحال، وهم بصري، حيث تظل الكواكب متباعدة بعشرات ومئات الملايين من الأميال، على سبيل المثال، فإن عطارد وأورانوس، اللذين حافظا على رفقة وثيقة بالأمس، يفصل بينهما في الواقع 1.75 مليار ميل، ولكن الإحساس بقرب الكواكب يأتي من تجمعها على جانب واحد من الشمس، لتأخذ شكل عقد من اللؤلؤ يمنحها مظهرا وكأنها سقطت في صفوف متقاربة.
وتعود إحدى المرات النادرة التي اصطفت فيها كواكب متعددة إلى سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، عندما شكلت عمالقة الغاز الأربعة (المشتري وزحل وأورانوس ونبتون) صفوفًا مرتبة ومؤقتة في الفضاء السحيق، وقد سمح ذلك للمركبة الفضائية "Voyager 2"، بالمشاركة فيما يسمى بالجولة الكبرى للنظام الشمسي الخارجي.
وعلى الرغم من علم الفلك الحديث، فإنه ليس عليك العودة إلى القدماء للعثور على الأشخاص الذين كان لاصطفاف الكواكب عليهم نفس التأثير المؤلم الذي كان على المرأة في مرصد جريفيث، قبل 62 عاما.
سلوك متهور وخلافات نارية
ورددت بعض المواقع الإلكترونية بالأمس حديث المنجمين عن أن اصطفاف الكواكب سيؤدي إلى سلوك متهور و"خلافات نارية" مع الأحباء هذا الأسبوع.
وكانت هناك تنبؤات أكثر خطورة بكثير في عام 1919، عندما أدى ترتيب مماثل لما حدث بالأمس، إلى انتشار شائعات مفادها أن هذه الظاهرة ستؤدي إلى سلسلة من البقع الشمسية التي من شأنها أن تسبب دمارا عالميا في توقيت محدد حددته الشائعات، وهو ( 17 ديسمبر الساعة 8:31 )، وتشير الشائعات أيضا إلى أن البقع الشمسية، إلى جانب التأثير الخبيث لكوكب المشتري، كانت مسؤولة عن جائحة الأنفلونزا عام 1918.
ويضم سجل شائعات اصطفاف الكواكب ما حدث في 5 مايو/ أيار 2000، عندما اجتمع القمر وعطارد والزهرة والمريخ والمشتري وزحل في رقعة من السماء يقل عرضها عن 25 درجة، مما أدى إلى المزيد من الحكايات التي تقول إن تأثير الجاذبية للأجسام المتجمعة، من المحتمل أن يمزق الأرض إلى اثنين، كما رأت التنبؤات الفلكية أن المحاذاة هي علامة على قدوم نهاية الزمان.
ولعل المحاذاة الأكثر شهرة حدثت في 24 ديسمبر/ كانون الأول 2022، عندما اصطفت الكواكب الثمانية، وأدى هذا مرة أخرى إلى ظهور حكايات عن تدمير الجاذبية لكوكب الأرض.
أساطير عبر التاريخ
والمنبع الأساسي لهذه الشائعات، أساطير عبر التاريخ اعتبرت اصطفاف الكواكب نذيرا للخراب والدمار، ففي حضارة "المايا" كان اصطفاف الكواكب مؤشرا على تغييرات كبيرة ستحدث في العالم، وفي الحضارة البابلية، كان اصطفاف الكواكب يشير إلى أحداث كبرى مثل الحروب والمجاعات والزلازل، واعتبرت أساطير الأغريق والرومان هذا الحدث دليلا على تدخل الآلهه في شؤون البشر، حيث يشير في اعتقادهم إلى ولادة بطل عظيم أو بداية عصر ذهبي جديد.
ووضعت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" حدا لهذه الشائعات والأساطير عبر توضيح علمي مبسط على موقعها يشير إلى أن الكواكب الأكبر حجما لديها جاذبية كبيرة، على سبيل المثال، تبلغ جاذبية كوكب المشتري أكثر من 2.5 مرة من جاذبية الأرض، لكن الجاذبية ليست الجزء الوحيد من المعادلة، عند الحديث عن تأثيرات تلك الكواكب على الأرض.
وأوضحت الوكالة أن "المسافة تلعب دورا أيضا، وكلما كان الجسم بعيدا، قل شعورنا بتأثير جاذبيته، ولو كان هناك تأثير للجاذبية، لكان الأولى بهذا التأثير ثقب أسود فائق الكتلة يقع في مركز مجرتنا، ومع ذلك فإن جاذبية هذه الأجسام لا تسبب لنا أي ضرر"..
وأوضحت ناسا، أن التأثير الوحيد لجاذبية الأجسام في الكون يكون للقمر، فرغم صغر حجمه، مقارنة بكواكب أخرى، إلا أن قربه من الأرض يعطيه هذا التأثير الذي يسبب الظاهرة التي تعرف بالمد والجزر، التي تؤدي لارتفاع مستوى سطح البحر، وهو تأثير لن تستطيع الكواكب مجتمعة أن تحدثه بنفس تأثير القمر، بسبب بعدها الكبير عن الأرض.
واختتمت الوكالة الأمريكية: "إذا كان يجب أن نقلق، فيجب أن يكون قلقنا بشأن تأثير تغير المناخ على مستوى سطح البحر، أكثر من تأثير الجاذبية خارج كوكب الأرض".
aXA6IDMuMTQ0LjEwNi4yMDcg جزيرة ام اند امز