ترحيب دولي بوثيقة مكة: دستور للسلام والتعايش
الوثيقة أقرتها 1200 شخصية إسلامية من 139 دولة، واعتبرها العالم بمثابة دستور تاريخي لإرساء قيم التعايش وتحقيق السلم للمجتمع الإنساني.
لاقت وثيقة مكة المكرمة التي أقرتها، الأربعاء، 1200 شخصية إسلامية من 139 دولة، ترحيباً كبيراً؛ حيث اعتبرها العالم بمثابة دستور تاريخي لإرساء قيم التعايش وتحقيق السلم والوئام بين كل مكونات المجتمع الإنساني.
- "وثيقة مكة" حول الوسطية والاعتدال تدعو لنبذ التطرف والعنصرية
- أبرز بنود وثيقة مكة الصادرة عن مؤتمر "الوسطية والاعتدال"
الوثيقة الصادرة عن مؤتمر "قيم الوسطية والاعتدال في نصوص الكتاب والسنة"، تحت اسم "وثيقة مكة" جاءت في 29 بنداً، وتسعى إلى تحقيق صالح البشرية، وتعزيز قيمها النبيلة، وبناء جسور المحبة، والتصدي لممارسات الظلم والصدام الحضاري وسلبيات الكراهية، ونبذ التطرف والعنصرية، وتحصين الشباب من هذه الآفة عبر تعزيز الحوار.
تواصل إنساني وتفاعل حضاري
وأعربت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء عن ترحيبها بمضامين "وثيقة مكة المكرمة" الصادرة عن المؤتمر الذي رعاه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ونظمته رابطة العالم الإسلامي.
الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء أكدت أن مضامين الوثيقة استهدت بوثيقة المدينة المنورة التي عقدها الرسول محمد عليه أفضل الصلاة وأتم السلام؛ حيث حفظت وثيقته -صلى الله عليه وسلم- الحقوق وراعت العهود وبينت الواجبات، وكانت أساساً لمجتمع متعاون في الشدة والرخاء.
وأكدت، في بيان، أهمية ما بينته وثيقة مكة المكرمة من ألا يتحدث باسم الأمة الإسلامية في أمرها الديني إلا علماؤها الراسخون، ومن ثم فعلى العالم أجمع ألا يتلقى الخطاب الإسلامي إلا من الهيئات العلمية الشرعية المعتبرة، دون جماعات التطرف والإرهاب والتكفير والفتنة.
وأكدت الهيئة أهمية التواصل الإنساني والتفاعل الحضاري، الذي دعت إليه الشريعة الإسلامية في إطار التعارف والتعاون لعمارة الأرض، وتعزيز القيم الأخلاقية المشتركة.
آفاق العمل الإسلامي المشترك
وفي سياق متصل أشادت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة- إيسيسكو- بمضامين وتوجهات "وثيقة مكة المكرمة".
وقال الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام للإيسيسكو، إن "وثيقة مكة المكرمة حددت بشمولية وعمق وبعد نظر استراتيجي مجالات وآفاق العمل الإسلامي المشترك".
ودعا الدول الأعضاء والمسلمين خارج العالم الإسلامي إلى الاسترشاد بتوجهات الوثيقة والعمل على تطبيق مضامينها.
خارطة طريق لتجاوز مآزق الأمة
وفي ذات السياق، ثمنت مؤسسة رسالة السلام العالمية وثيقة مكة المكرمة وخطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، واعتبرت أنه بمثابة خارطة طريق تعين المسلمين على تجاوز المآزق التي تعيشها الأمة.
ووجّه حي حسن، الأمين العام لمؤسسة رسالة السلام العالمية بموريتانيا، تأييد لمؤتمر وثيقة مكة المكرمة، أكد فيها أن الأمة الإسلامية في أمس الحاجة إلى العودة إلى تعاليم الإسلام السمح؛ المبسوطة في كتاب الله سبحانه وتعالى؛ فهو وصفة النجاح وانتصار أمتنا في اجتياز التحديات الكبيرة التي تواجهها حالياً.
أبرز بنود الوثيقة
دعت وثيقة مكة المكرمة إلى التصدي لممارسات الظلم والصدام الحضاري وسلبيات الكراهية، والتنديد بدعاوى الاستعلاء البغيضة. وشددت الوثيقة على أن التنوع الديني والثقافي في المجتمعات الإنسانية لا يبرر الصراع والصدام، بل يستدعي إقامة شراكة حضارية إيجابية، كما دعت إلى الحوار الحضاري بصفته أفضل السبل إلى التفاهم السوي مع الآخر، والتعرف على المشتركات معه، وتجاوز معوقات التعايش، والتغلب على المشكلات ذات الصلة.
وطالبت وثيقة مكة المكرمة، بسن التشريعات الرادعة لمروجي الكراهية، والمحرضين على العنف والإرهاب والصدام الحضاري، كما دعت إلى مكافحة الإرهاب والظلم والقهر، ورفض استغلال مقدرات الشعوب وانتهاك حقوق الإنسان. واعتبرت الوثيقة أطروحة الصراع الحضاري والدعوة للصدام والتخويف من الآخر، مظهراً من مظاهر العزلة، والاستعلاء المتولد عن النزعة العنصرية، والهيمنة الثقافية السلبية والانغلاق على الذات.
وحذرت من أن ظاهرة «الإسلاموفوبيا» وليدة عدم المعرفة بحقيقة الإسلام وإبداعه الحضاري وغاياته السامية. كما أكدت ترسيخ القيم الأخلاقية النبيلة، ودعت إلى تحصين المجتمعات المسلمة، والأخذ بها نحو مفاهيم الوسطية والاعتدال، واحترام المواطنة الشاملة.
وأقرت «وثيقة مكة المكرمة» مبادئ التمكين المشروع للمرأة ورفض تهميش دورها، أو امتهان كرامتها، ودعت إلى العناية بالطفل صحياً وتربوياً وتعليمياً، وتعزيز هوية الشباب المسلم وحمايته من أفكار الصدام الحضاري والتعبئة السلبية ضد المخالف، والتطرف الفكري بتشدده أو عنفه أو إرهابه، وتسليحه بقيم التسامح والتعايش بسلام ووئام. وأوصت الوثيقة بأهمية إيجاد منتدى عالمي (بمبادرة إسلامية) يعني بشؤون الشباب بعامة، يعتمد ضمن برامجه التواصل بالحوار الشبابي البناء مع الجميع في الداخل الإسلامي وخارجه؛ تلافياً لغياب مضى أحدث فراغاً، وعاد بنتائج سالبة.
ودعت الوثيقة إلى تجاوز المقررات والمبادرات والبرامج كافة طَرْحها النظـري، وبخاصة ما يتعلق بإرساء السلم والأمن الدوليين، وإدانة أساليب الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، والتهجير القسري، والاتجار بالبشر، والإجهاض غير المشروع.
وأكدت أنه لا يُبْرم شــأن الأمة الإسلامية، ويتحدَّث باسمها في أمرها الديني، وكل ذي صلة به إلا علماؤها الراسخون في جمع كجمع مؤتمر هذه الوثيقة، وما امتازت به من بركة رحاب قبلتهم الجامعة.