تبريد بعد احترار.. أدلة على انفجار مذنب منذ 12800 عام (خاص)
يواصل الباحثون دعم فرضية ما يسمى علميا بـ"درياس الأصغر"، وهي فترة تغير مناخي كبير ومفاجئ حدثت منذ حوالي 12800 إلى 11500 سنة مضت، وتتميز هذه الفترة بالعودة المفاجئة إلى الظروف الجليدية بعد فترة من الاحترار التدريجي في نهاية العصر الجليدي الأخير.
وتفترض النظريات العلمية أن مذنبا مجزئا ضرب الغلاف الجوي للأرض قبل 12800 عام، ما أدى إلى هذا التحول المناخي الكبير.
وفي دراسة جديدة نشرتها دورية "الانفجارات الهوائية والحفر"، أفاد البروفيسور الفخري جيمس كينيت وزملاؤه من جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا بالعثور على مؤشرات هذا التأثير الكوني في مواقع متعددة في شرق الولايات المتحدة (نيوجيرسي وماريلاند وكارولينا الجنوبية).
وتشير المواد التي تم العثور عليها، بما في ذلك البلاتين والكريات الدقيقة والزجاج المصهور والكوارتز المكسور بالصدمات، إلى درجات حرارة وضغوط عالية تتوافق مع حدث انفجار هوائي "هبوط" بدلاً من تأثير كبير يشكل حفرة.
وتواجه الأرض في كثير من الأحيان حطاما سماويا، بدءًا من جزيئات الغبار الصغيرة وحتى التأثيرات الكارثية مثل حدث تشيكشولوب قبل 65 مليون سنة، والذي تسبب في انقراض الديناصورات.
ويمكن للأحداث المتوسطة، مثل انفجار تونغوسكا الجوي عام 1908، أن تكون مدمرة دون أن تترك حفرا، وكان المذنب الذي يعتقد أنه سبب تبريد "درياس الأصغر"، أكبر بكثير من جسم تونغوسكا، ومجزأ إلى آلاف القطع، وترك هذا الحدث طبقة رسوبية غنية بعلامات التأثير الكوني، مثل الإيريديوم والبلاتين والكريات المجهرية المغناطيسية والزجاج الذائب والألماس النانوي، عبر جزء كبير من نصف الكرة الشمالي وخارجه.
ويسلط الباحثون الضوء على وجود الكوارتز المصدوم، الذي يتميز بأنماط الصفائح الناتجة عن الإجهاد، والسيليكا غير المتبلورة داخل هذه الكسور، مما يدل على ارتفاع درجات الحرارة والضغوط الناجمة عن الانفجارات الهوائية على ارتفاعات منخفضة، وقد لوحظت أنماط مماثلة في الانفجارات الحديثة، مثل اختبار القنبلة الذرية في ترينيتي.
وتدعم هذه النتائج النظرية القائلة بأن المذنب المجزأ تسبب في حرائق واسعة النطاق، وتغير المناخ، وانقراض 35 جنسا من الحيوانات الضخمة في أمريكا الشمالية، بما في ذلك الماموث وحيوانات الكسلان الأرضية العملاقة، بينما ساهم في انهيار ثقافة كلوفيس.
يشير كينيت إلى أنه "يجب علينا تقديم حالة موثقة جيدا مفادها بأن أشكال الكوارتز الصادمة المتنوعة هذه مهمة لتفسير التأثيرات الكونية".
وعن كيفية تسبب مثل هذه الأحداث في التبريد رغم أنها تولد درجات حرارة عالية، توضح جاكلين لين، أستاذ العلوم الفلكية بجامعة واشنطن لـ"العين الإخبارية"، أن هناك تأثيرات مباشرة لمثل هذه الأحداث، حيث يمكن أن تتسبب الحرارة العالية الناتجة عن اصطدام مذنب أو كويكب في حرائق هائلة وإطلاق كميات هائلة من السخام والهباء الجوي في الغلاف الجوي، ويمكن لهذه الجسيمات أن تحجب ضوء الشمس، مما يؤدي إلى تأثير تبريد مؤقت ُعرف باسم "تأثير الشتاء".
وأضاف أن "من شأن السخام والغبار والجسيمات الأخرى المنبعثة في الغلاف الجوي أن تقلل من كمية ضوء الشمس التي تصل إلى سطح الأرض، وكان من الممكن أن يؤدي هذا الانخفاض في الإشعاع الشمسي إلى تأثير التبريد، مما يطغى على الحرارة الأولية الناتجة عن الاصطدام".