من ألمانيا إلى الإمارات.. كيف كانت مسيرة مؤتمرات المناخ COP في 27 عاما؟
تستضيف دولة الإمارات خلال الفترة من 30 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 12 ديسمبر/كانون الأول من العام الجاري مؤتمر "COP28" في مدينة إكسبو دبي.
وتبرز استضافة الإمارات لـ"COP28" بعد استضافة شقيقتها مصر للدورة الماضية "COP27" في مدينة شرم الشيخ 2022، أهمية المنطقة كلاعب رئيسي في دعم الجهود العالمية لمواجهة التحديات المناخية.
بدأت المسيرة الدولية لمفاوضات مكافحة التغير المناخي خلال قمة الأرض التي عقدت بريو دي جانيرو عام 1992، وتشكلت عقب هذه القمة الهيئة الرسمية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ بهدف السماح للنظام البيئي بتحقيق التنمية المستدامة وتثبيت غازات الاحتباس الحراري في إطار زمني مع تقديم دعم الاستجابة العالمية للمخاطر التي يمثلها تغير المناخ، ودخلت الاتفاقية حيز النفاذ عام 1994، وصادقت عليها 196 دولة والاتحاد الأوروبي.
الانطلاقة في برلين 1995
انطلقت الدورة الأولى لقمة المناخ "COP1" في برلين بألمانيا عام 1995، وحددت أهدافاً لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وتقرر عقد اجتماع سنوي كل عام في إحدى الدول، ولم تتأجل هذه الاجتماعات السنوية إلا مرة واحدة عام 2020 بسبب جائحة كوفيد-19، حيث تم إرجاء "COP26" إلى عام 2021 بدلاً من 2020.
وانعقدت الدورة الثانية لاجتماعات الأمم المتحدة للتغير المناخي "COP2" في مدينة جنيف السويسرية عام 1996.
195 دولة تعتمد بروتوكول كيوتو
استضافت مدينة كيوتو اليابانية عام 1997 اجتماعات “COP3”، إذ جرى اعتماد بروتوكول كيوتو من قبل 195 دولة ودخل حيز التنفيذ عام 2005، وفرض بروتوكول كيوتو على 37 دولة متقدمة تخفيض الانبعاثات بمعدل عام يبلغ 5% مقارنة بالعام 1990، وتخفيض نسبة 8% من الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي وذلك في الفترة من 2008-2012.
في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس عقدت اجتماعات "COP4" عام 1998، واعتمدت هذه الدورة "خطة عمل السنتين" لتعزيز الجهود واستنباط آليات لتنفيذ اتفاقية كيوتو على أن تكتمل بحلول عام 2000.
واستضافت ألمانيا للمرة الثانية اجتماعات مؤتمر الأطراف "COP5"، وذلك في مدينة بون عام 1999، فيما شهدت مدينة لاهاي في هولندا عدم اتفاق المشاركين في اجتماعات "COP6" نوفمبر/تشرين الثاني عام 2000 على خطة عمل مشتركة، وتم الإعلان لاحقاً أن اجتماعات الدورة السادسة لمؤتمر الأطراف سيتم استئنافها في مدينة بون الألمانية يوليو 2001.
بداية سياسة "الآليات المرنة"
خلال القمة السادسة التي تم استئنافها في بون، تم الاتفاق على ما تمت تسميته "الآليات المرنة" بما في ذلك الاتجار بالانبعاثات والتنمية النظيفة التي تسمح للبلدان الصناعية بتمويل أنشطة الحد من الانبعاثات في البلدان النامية كبديل للتخفيضات المحلية للانبعاثات، كما تم الاتفاق على منح الائتمان للأنشطة الواسعة التي تمتص الكربون من الغلاف الجوي أو تخزنه، بما في ذلك إدارة الغابات والأراضي الزراعية.
كما تم الاتفاق على إنشاء ثلاثة صناديق جديدة لتقديم المساعدة للاحتياجات المرتبطة بالتغير المناخي هي صندوق التغير المناخي الذي يدعم سلسلة من التدابير المناخية، وصندوق لأقل البلدان نماءً لدعم برامج العمل الوطنية للتكيف، وصندوق للتكيف وفق اتفاقية كيوتو مدعوم بضريبة من آلية التنمية النظيفة ومساهمات طوعية.
اتفاقيات مراكش وبروتوكول كيوتو
استضافت مدينة مراكش المغربية خلال الفترة من 29 أكتوبر/ تشرين الأول و10 نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2001 الدورة السابعة لمؤتمر التغير المناخي "COP7" وتم فيها إصدار حزمة قرارات مكتملة تمهد الطريق للتصديق على بروتوكول كيوتو عرفت باسم "اتفاقيات مراكش".
في عام 2002، استضافت نيودلهي اجتماعات مؤتمر الأطراف "COP8"، وصدر إعلان دلهي الذي دعا إلى نقل التكنولوجيا وتقليل تأثير تغير المناخ على الدول النامية.
خلال اجتماعات "COP9" التي عقدت في ميلان الإيطالية عام 2003، اتفق المشاركون على استخدام صندوق التكيف الذي تم إنشاؤه في "COP6" لدعم البلدان النامية على التكيف بشكل أفضل.
للمرة الثانية، وبعد خمس سنوات تستضيف العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي "COP10" وذلك في عام 2004، وناقش المشاركون ما تم إحرازه خلال 10 سنوات تجاه التغيرات المناخية والتحديات المستقبلية وآليات ما بعد كيوتو حول كيفية تخصيص التزام خفض الانبعاثات بعد عام 2012.
عقدت اجتماعات مؤتمر الأطراف الحادي عشر "COP11" في مدينة مونتريال بكندا عام 2005، فيما استضافت العاصمة الكينية نيروبي فعاليات "COP12" عام 2006، حيث بحثت تلك الاجتماعات المرحلة الثانية من بروتوكول كيوتو، ومساعدة الدول النامية على التأقلم مع التغير المناخي.
خريطة بالي ترسم طريق الحياد المناخي
توجت مدينة بالي الإندونيسية استضافتها لاجتماعات "COP13" عام 2007 باعتماد "خريطة طريق بالي"، والتي رسمت مسار عملية تفاوض جديدة يتم التوصل بشأنها إلى اتفاقية في مؤتمر كوبنهاغن للتغير المناخي 2009 للوصول إلى اتفاقية دولية للتعامل مع التغير المناخي بعد العام.
في ختام أعمال مؤتمر الأطراف "COP14" الذي عقد بمدينة بوزنان في بولندا عام 2008، تم اعتماد جول زمني وبرنامج للمفاوضات تحت اسم "خريطة طريق لمدة عام".
قمة كوبنهاجن لإنقاذ الكوكب
اتفق المجتمع الدولي في قمة كوبنهاغن للتغير المناخي "COP15" عام 2009، على أن ارتفاع درجة حرارة الكوكب بدرجتين مئويتين يمكن أن يؤدي إلى اختلال النظام الإيكولوجي لكوكب الأرض، وتعهدت الدول المتقدمة بتخصيص 100 مليار دولار أمريكي سنوياً بدءاً من عام 2020 لمساعدة الدول النامية في بناء اقتصاد منخفض الكربون، وكذلك إخضاع إجراءات التمويل المقدمة للدول النامية إلى مراجعة دولية وإنشاء صندوق المناخ الأخضر لدعم مشاريع خفض الانبعاثات في الدول النامية.
في عام 2010، استضافت مدينة كانكون المكسيكية اجتماعات "COP16" والتي تبنت خطة جديدة لمكافحة التغير المناخي عبر إنشاء صندوق المناخ الأخضر والذي استهدف جمع مساعدات بقيمة 100 مليار دولار لصالح الدول الفقيرة.
في ديربان بجنوب أفريقيا عام 2011، وافقت جميع الدول خلال انعقاد مؤتمر الأطراف "COP17" على البدء في الحد من الانبعاثات الكربونية بما في ذلك أمريكا والبرازيل والصين والهند وجنوب أفريقيا وتقرر التفاوض على اتفاقية عالمية تدخل حيز التنفيذ بحلول عام 2020.
محادثات الدوحة تنسف كيوتو
توصلت قمة "COP18" التي عقدت في العاصمة القطرية الدوحة عام 2012، إلى بداية محادثات حول اتفاقية دولية عالمية جديدة تكون بديلاً عن كيوتو وملزمة قانونياً للدول كافة، ويفترض أن تقرها الأطراف في قمة باريس عام 2015 على أن تدخل حيز التنفيذ عام 2020، إضافة إلى اختيار كوريا مقراً لصندوق المناخ الأخضر، وتجديد الالتزام للوفاء بوعود مواصلة تقديم الدعم المالي الطويل الأجل لإجراءات المناخ إلى الدول النامية، وذلك بهدف حشد 100 مليار دولار أمريكي، من أجل إجراءات التكيف والتخفيف، كما أعلنت ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا والسويد والدنمارك ومفوضية الاتحاد الأوروبي عن تعهدات مالية محددة حتى عام 2015 بقيمة إجمالية تبلغ 6 مليارات دولار.
انتهى مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي "COP10" الذي عقد في مدينة وارسو البولندية عام 2013 إلى الاتفاق على أن تبدأ كل الدول في خفض الانبعاثات في أقرب وقت ممكن، كما تمت صياغة مصطلح "الانبعاثات المحددة".
استضافت مدينة ليما في بيرو عام 2014 مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي "COP20"، وأصدرت القمة في ختام اجتماعاتها "إعلان ليما" والذي تضمن تأطير دقيق للمساهمات الوطنية التي يتوجب على كل بلد التواصل بشأنها في إطار التحضير لاتفاق باريس.
COP21.. واتفاقية باريس
توصلت الأطراف المشاركة في اجتماعات "COP21" التي استضافتها العاصمة الفرنسية باريس عام 2015، إلى اتفاق تاريخي لمكافحة تغير المناخ وتسريع تكثيف الإجراءات والاستثمارات اللازمة لمستقبل مستدام ذات انبعاثات منخفضة من الكربون، وتعزيز الاستجابة العالمية بالحد من زيادة درجة حرارة الكوكب لأكثر من 1.5 درجة بحلول 2050، إضافة إلى المطالبة بضرورة مراجعة التعهدات ورفعها وتقديم المساعدات المالية لدول الجنوب.
في الدورة الثانية والعشرين لمؤتمر الأطراف "COP22" والتي عقدت في مدينة مراكش المغربية عام 2016، تم اعتماد "إعلان مراكش" والذي اعتبر مواجهة التغيرات المناخية أولوية عاجلة، وكذلك التوافق على القواعد المشتركة لتفعيل اتفاقية باريس وضمان تمويل السياسات المناخية في دول الجنوب.
في عام 2017، أحرزت اجتماعات مؤتمر الأطراف "COP23" التي عقدت في مدينة بون الألمانية، تقدماً في صياغة آليات تفعيل اتفاقية باريس، فيما استضافت مدينة كاتوفيتشي البولندية في ديسمبر/كانون الأول 2014 قمة "COP24"، وتحددت خلالها كيفية إبلاغ الدول عن تعهداتها بالحد من انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة ارتفاع درجة حرارة الأرض ومراقبتها وتحديد خطط خفض الانبعاثات.
ودعت اجتماعات "COP25" التي شهدتها العاصمة الإسبانية مدريد عام 2019، إلى رفع مستوى الطموحات المناخية في تخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة في عام 2020، ومطالبة الدول بتقديم التزاماتها الوطنية الجديدة لتحفيض انبعاثات الغازات الدفيئة خلال 2020.
2020.. عام التوافقات التاريخية
في عام 2020 تأجلت الاجتماعات السنوية لمؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي "COP26" بسبب جائحة كوفيد-19، لتعقد في غلاسكو ببريطانيا في نوفمبر 2021.
وشهدت هذه القمة من توافقات تاريخية وإنجازات في مفاوضات مواجهة التغير المناخي، منها مطالبة الدول بخفض الاعتماد على الفحم والتراجع عن دعم الوقود الأحفوري وذلك للمرة الأولى في تاريخ المؤتمر، وكذلك المطالبة بمضاعفة التمويل الجماعي للتمويل المناخي بحلول عام 2025 تحت بند يطلق عليه "الخسائر والأضرار"، وكذلك اتفاقية قواعد أسواق الكربون العالمية، وإعلان أمريكا والصين -أكبر دولتين من حيث الانبعاثات الكربونية- التعاون في تدابير تغير المناخ.
كما قادت أمريكا والاتحاد الأوروبي خلال قمة غلاسكو 2021، مبادرة عالمية لخفض غاز الميثان في 100 دولة بنسبة 30% بحلول 20230 مقارنة بمستويات 2020، كما وعدت أكثر من 100 دولة بوقف عملية قطع أشجار الغابات وتعويض ما تم قطعه بحلول 2030.
الخسائر والأضرار
مددت "COP27" التي استضافتها مدينة شرم الشيخ المصرية في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، اجتماعاتها يوماً إضافياً للتوصل إلى توافق في المسائل الشائكة، وانتهت القمة بالتعهد بتقديم تمويلات مناخية جديدة للمرة الأولى وإنشاء صندوق "الخسائر والأضرار" لمساعدة البلدان النامية على معالجة آثار التغيرات المناخية، كما أجمع المشاركون على ضرورة إنتاج غذاء صحي ومستدام، فضلاً عن إدخال المياه في القطاعات المستحقة للتمويل المناخي ضمن سياسات التخفيف والتكيف، وإطلاق مصطلح "الحلول المستندة إلى الطبيعة" ضمن جهود الحفاظ على الغابات.
وتشكل النسخة القادمة من مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي "COP28"، التي تستضيفها الإمارات نهاية العام الجاري نقطة فارقة في مسيرة الجهود العالمية لمواجهة تحديات التغير المناخي وزيادة التمويل ورفع سقف الطموحات والالتزامات للبلدان تجاه تحويل تحديات المناخ إلى فرص اقتصادية وتنموية مستدامة تعزز الإجراءات العالمية بتخفيف تداعيات التغيرات المناخية، وحصر مستويات ارتفاع درجة حرارة الأرض لأقل من درجتين مئويتين بحلول 2050.
aXA6IDMuMTQ0LjI0NC4yNDQg
جزيرة ام اند امز