COP 27.. هل تعوض الدول الغنية البلدان الفقيرة عن كوارث تغير المناخ؟
يناقش مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ "كوب27"، في شرم الشيخ، تعويض الدول الغنية للبلدان الفقيرة الأكثر تضررا من التغير المناخي.
وافق المشاركون في "كوب 27"، الذي انطلق الأحد 6 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 في شرم الشيخ المصرية، على مناقشة ما إذا كان يتعين على الدول الغنية تعويض الدول الفقيرة الأكثر عرضة للتضرر من تغير المناخ.
يأتي مؤتمر "كوب 27" بعد عام شهد العديد من الكوارث، شملت فيضانات أودت بحياة الكثيرين في باكستان وجفاف تسبب في تدمير المحاصيل بالصين وأفريقيا وغرب الولايات المتحدة.
وأدى ذلك إلى تزايد مطالب الدول النامية بتكوين صندوق خاص للخسائر والأضرار، لكن القضية لم تراوح مكانها منذ سنوات في ظل مقاومة الدول الغنية لمثل هذه الدعوات.
خسائر وأضرار التغير المناخي
الخسائر والأضرار في محادثات المناخ التي تجريها الأمم المتحدة، تشير إلى تكاليف الخسائر التي تسببت فيها الظواهر المناخية المتطرفة أو تداعياتها، مثل ارتفاع مستويات سطح البحر.
ويركز تمويل المناخ حتى الآن على خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في مسعى للحد من تغير المناخ، وذهب ما يقرب من ثلث هذا التمويل إلى مشاريع تهدف لمساعدة المجتمعات على التكيف مع آثار التغير المناخي مستقبلا.
وسيكون تمويل الخسائر والأضرار مختلفا، إذ سيكون بمثابة تعويض عن التكاليف التي لا تستطيع الدول تجنبها أو "التكيف" معها، إلا أنه لا يوجد اتفاق حتى الآن بشأن ما الذي يجب تصنيفه كخسائر أو أضرار في الكوارث المناخية، التي يمكن أن تشمل البنية التحتية والممتلكات المتضررة، فضلا عن أشياء لا تقدر بثمن مثل النظم البيئية الطبيعية أو الأصول الثقافية والمقابر.
تمويل أضرار التغير المناخي
الدول المعرضة للخطر والناشطون يقولون إن الدول الغنية التي تسببت في الجزء الأكبر من تغير المناخ بانبعاثاتها على مدار التاريخ يجب أن تدفع الآن.
وهذا الأمر ترفضه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، خشية الدخول في دوامة من الالتزامات المالية الضخمة.
وإذا ما وافقت الدول على تدشين صندوق، فإنها ستحتاج إلى الإفصاح عن تفاصيل على غرار المصدر الذي يتعين أن تأتي منه هذه الأموال، وحجم الأموال التي سيتعين على الدول الغنية دفعها، وما هي الدول أو الكوارث التي تؤهل للحصول على تعويضات.
وعرقل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مقترحا في مباحثات المناخ التابعة للأمم المتحدة العام الماضي "كوب 26"، لتدشين صندوق، واكتفيا بالاتفاق على "حوار" من دون هدف نهائي واضح.
وعلى مدار الشهر الماضي، أبدت هذه الدول المزيد من الانفتاح على مناقشة التعويضات في كوب27، إلا أنهما لا يزالان متحفظين بشأن تدشين الصندوق.
وكشف عدد قليل من الحكومات عن التزامات تمويل محدودة ورمزية من أجل الخسائر والأضرار، وهي الدنمارك واسكتلندا، بالإضافة إلى منطقة والونيا البلجيكية، وفقا لموقع cnbcarabia.
وساعد بعض التمويل القائم من الأمم المتحدة وبنك التنمية الدول على مواجهة الخسائر والأضرار، رغم أنه غير مخصص رسميا لهذا الهدف.
هل يقدم "كوب 27" الحل؟
اقترحت الدول النامية وضع الخسائر والأضرار على جدول أعمال قمة المناخ "كوب 27"، والذي يتعين تبنيه بالإجماع قبل انطلاق المحادثات.
وفي ظل الإحباط بسبب الصعوبات والتأخيرات في تأمين تمويل المناخ، تتحد الاقتصادات النامية والناشئة الآن في المطالبة بإنشاء صندوق للخسائر والأضرار خلال "كوب 27" في شرم الشيخ المصرية.
ومن أبرز الدول المطالبة بإنشاء الصندوق، جزر المالديف وجامايكا والصين.
وتقدمت دول بمقترحات متنوعة بشأن الشكل الذي يتعين أن يكون عليه الصندوق، وحتى إذا ما تم الاتفاق خلال كوب27 على إنشاء الصندوق فإن الأمر قد يستغرق نحو عامين قبل أن يصبح جاهزا لتوزيع الأموال. واقترح دبلوماسيون ترتيب مصادر تمويل متعددة متناهية الصغر، بدلا من صندوق مركزي واحد.
وتضمن مقترح آخر من منظمة "تحالف الدول الجزرية الصغيرة" أن يتم الاتفاق خلال "كوب 27" على "صندوق استجابة" تستضيفه الأمم المتحدة لجمع الأموال من مصادر مختلفة للبلدان التي تتعرض للكوارث.
أما الاتحاد الأوروبي فاقترح تسخير أموال دولية موجودة حاليا لمعالجة الخسائر والأضرار، بدلا من تدشين صندوق جديد، إلا أن بعض الخبراء يقولون إن مشكلات مثل التأخير الطويل تجعل هذه الأموال لا تفي بالغرض لمعالجة الخسائر والأضرار.
أضرار التغير المناخي
كشفت النسخ السابقة من مؤتمر المناخ عن انعدام الثقة في التكفل بتمويل صندوق للمناخ، بعد فشل الدول الغنية في تقديم 100 مليار دولار لتمويل المناخ سنويا بحلول 2020 الماضي، ولذلك تحاول بعض الدول استكشاف طرق أخرى للتمويل.
وتخطط كل من مجموعة (في20) التي تضم دولا من بين تلك المعرضة للخطر والبالغ عددها 58 دولة، ومجموعة الدول السبع الغنية لإطلاق مسعى يسمى "الدرع العالمية" في كوب27 بهدف تعزيز تمويل التأمين والحماية من الكوارث.
وفي الوقت نفسه، تسعى الدول المعرضة لخطر تغير المناخ للحصول على مساهمات لمنشأة تمويل تجريبية للخسائر والأضرار، كما أن هناك أفكارًا أخرى تتضمن دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لفرض ضريبة أرباح استثنائية على شركات الوقود الأحفوري لجمع التمويل.
كما طلبت "فانواتو" وهي دولة جزيرة في المحيط الهادي، من أعلى محكمة في العالم (محكمة العدل الدولية) إبداء الرأي بشأن الحق في الحماية من تداعيات المناخ الضارة. ويمكن لرأي المحكمة أن يمثل دعمًا معنويًا وثقلاً قانونيًا من شأنه أن يعزز المطالبات بتعويض الدول الفقيرة.
فهل تنجح النسخة الحالية من مؤتمر اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي "كوب 27"، التي تستضيفها شرم الشيخ في مصر في إيجاد حل لتمويل الدول الأكثر تضررا من التغير المناخي، وإقناع الدول الغنية بإقامة صندوق لدعم الدول الفقيرة.