غوى النكت: الآمال معلقة على COP31 لتعويض إخفاق مؤتمر بيليم
انتهى COP30 دون اتفاق ملزم لإنهاء الوقود الأحفوري أو توفير تمويل عادل لدول الجنوب، ودون ضمان انتقال عادل للطاقة، رغم التشديد على هدف 1.5 درجة.. فماذا بعد؟
تصاعدت التوترات بين الأطراف خلال الساعات الأخيرة من "مؤتمر الأطراف المعني بالتغيرات المناخية في دورته الثلاثين" (COP30) في بيليم بالبرازيل، واضطرت رئاسة المؤتمر إلى مد اختتام المؤتمر لمدة وصلت إلى 27 ساعة عن الموعد المحدد مسبقًا، وتجلت الخلافات بين الأطراف حتى الجلسة الختامية؛ إذ أبدت بعض الأطراف اعتراضات على قرارات المؤتمر، ما اضطر "أندريه كوريا دو لاغو" إلى إيقاف الجلسة لمدة تقترب من الساعة حتى يتناقش مع فريقه حولها.
وأخيرًا انتهت الجلسة الختامية، وخرجت نتائج المؤتمر التي لم تحظ بتأييد واسع؛ خاصة مع عدم حسم قضية الانتقال بعيدًا عن الوقود الأحفوري. كما لم يُحقق المؤتمر التوقعات المرجوة لتحقيق التكيف وسد الفجوة التمويلية.
تواصلت "العين الإخبارية" مع "غوى النكت"، المديرة التنفيذية في غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في حوار خاص، حول نتائج المؤتمر النهائية، ورأيها في انعقاد مؤتمري المناخ القادمين في تركيا ومن بعدها أثيوبيا، والتطورات المأمولة في العمل المناخي.
إليكم نص الحوار..
1- ماذا يعني تأجيل النقاشات حول الوقود الأحفوري؟
غياب أي إشارة صريحة إلى التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري في النص النهائي يشكّل تهديدًا مباشرًا لمستقبل كوكبنا وقدرتنا على البقاء، ويزيد من هشاشة المجتمعات الواقعة في الخطوط الأمامية لتداعيات تغير المناخ. ويعكس هذا التأجيل تأخرًا مكلفًا وهدرًا للوقت في مرحلة مصيرية، حيث تتطلب الأزمة تحركًا عاجلًا وحاسمًا قبل أن تتفاقم آثار هذه الأزمة بشكل لا رجعة فيه.
ويضع هذا الواقع جهود تحقيق المساهمات المحددة وطنيًا، ووضع مساهمات محددة وطنية محينة متماشية مع هدف 1.5 موضع شك، مما يجعل الالتزام بهدف إبقاء ارتفاع متوسط حرارة الأرض ضمن 1.5 درجة مئوية أكثر صعوبة، وهو الهدف الذي يحدد مدى قدرة المجتمع الدولي على الحد من التداعيات الكارثية لتغير المناخ. مع العلم أنّ هذه المسألة ترتبط في جوهرها بالعدالة المناخية إذ أن شعوب الجنوب العالمي التي لم تسبب هذه الأزمة هي الأكثر تأثرا بأثارها والأقل قدرة على مجابهتها.
في الوقت نفسه، يؤكّد غياب أي إشارة صريحة إلى التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري أيضًا استمرار هيمنة الملوثين التاريخيين، سواء من الدول، أو من الشركات العالمية الكبرى للوقود الأحفوري التي تضع تحقيق الأرباح فوق حياة الملايين في الخطوط الأمامية لأزمة المناخ.
العواقب المباشرة لهذا الواقع تشمل زيادة التهديدات على الأمن المائي والزراعي، ارتفاع المخاطر الصحية، وتصاعد حدة ظواهر الطقس المتطرّف، ما يبعد العالم عن الالتزام بالهدف العالمي المتمثل في إبقاء ارتفاع متوسط حرارة الأرض ضمن 1.5 درجة مئوية.
2- هل حقّق المؤتمر خارطة الطريق التي كانت مأمولة بشأن التمويل والتكيف؟
بالنظر إلى النتائج النهائية للمؤتمر، يمكن القول بوضوح إنّه فشل في تقديم خارطة الطريق المنتظرة بشأن التمويل بما في ذلك التمويل المخصص التكيف؛ فإلى جانب غياب التقدّم الملموس في إجراءات التخفيف، لم يتم توفير التمويل المناخي العاجل لدول الجنوب العالمي، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تُعد من أكثر المناطق حاجة إلى الدعم للتكيّف والتخفيف والتعافي من الخسائر والأضرار، وضمان انتقال عادل للطاقة.
وفي هذا الإطار، جاء القرار المتعلق بتمويل التكيّف مخيّبًا للآمال، إذ تُركت المنطقة مرة أخرى من دون تمويل كافٍ أو إجراءات تنفيذية واضحة. ورغم الدعوة إلى مضاعفة تمويل التكيف ثلاث مرات بحلول عام 2035 وحثّ الدول المتقدمة على زيادة دعمها المالي، فإنّ غياب خط أساس محدد أو نقطة مرجعية لقياس التقدم يجعل هذا الهدف غير قابل للتتبع، ويُضعف الشفافية والمساءلة بشأن الوفاء بالالتزامات. نتيجة ذلك، تبقى المجتمعات الأكثر ضعفًا في المنطقة، والتي ساهمت بأقل قدر في أزمة المناخ، بلا الموارد الضرورية للتكيّف والتعافي من تفاقم الظواهر المتطرّفة وفقدان سبل العيش. ومع استمرار فجوة التمويل من دون معالجة جدّية، تُدفع دولنا نحو مزيد من الديون، ما يفاقم هشاشتها ويُضاعف تحدياتها.
3- ما الخطوات المنتظرة بعد COP30؟ (بشأن التمويل والانتقال التدريجي عن الوقود الأحفوري)
مع اختتام مؤتمر الأطراف الثلاثين، أعلن رئيس المؤتمر أندريه كوريا دو لاغو أنّ الرئاسة البرازيلية ستعمل على إعداد "خارطتي طريق" علميتين شاملتين: الأولى للتخلّص التدريجي والمنظّم من الوقود الأحفوري، والثانية لوقف إزالة الغابات، على أن تشكّلا أساس التقدّم نحو مؤتمر COP31 في تركيا. غير أنّ هذه الخطط تبقى غير ملزمة قانونيًا، ما يضع مسؤولية التنفيذ الفعلي على إرادة الدول ومدى التزامها.
المرحلة المقبلة تتطلّب استعادة الزخم العالمي وضمان أن يشكّل COP31 نقطة تحوّل حقيقية نحو انتقال عادل وفعّال بعيدًا عن الوقود الأحفوري، بالتوازي مع تأمين التمويل الكافي للتكيّف والتخفيف وحماية المجتمعات الأكثر هشاشة من آثار المناخ المتفاقمة. ويقع على عاتق الملوثين التاريخيين أن يكونوا المبادرين الأوائل والأسرع في التخلّص التدريجي من الوقود الأحفوري، بينما تتحمّل الدول الغنية بالنفط والغاز في منطقتنا مسؤولياتها؛ إذ يجب عليها التسريع في تنويع اقتصاداتها وأنظمة الطاقة، ودعم انتقال واضح ومستدام يتماشى مع الإجماع التاريخي الذي تحقق في COP28 الإمارات للإنتقال من الوقود الأحفوري. إن دورهم القيادي الإقليمي سيكون حاسمًا لضمان التوصل إلى اتفاق عالمي موثوق يحافظ على هدف إبقاء ارتفاع حرارة الكوكب ضمن 1.5 درجة مئوية.
وإلى أن تتحقق آلية تمويل عادلة وشفافة وخالية من الديون، تتحمّل فيها دول الشمال وشركات الوقود الأحفوري العالمي مسؤولياتها عن الأزمة المناخية، ستستمر غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في رفع أصوات شعوب المنطقة بلا كلل.
4- ما تعليقكم على تعاون تركيا وأستراليا لانعقاد COP31؟
بغضّ النظر عن مكان انعقاد مؤتمر الأطراف أو الجهة التي تتولى رئاسته، يبقى هدفنا ثابتًا: نريد أن يحقق COP31 ما لم يتمكّن مؤتمر بيليم من تحقيقه، وهو وضع مسار واضح وملزم للتخلّص التدريجي من الوقود الأحفوري، وتأمين تمويل مناخي للتكيف والتخفيف عادل قائم على المنح لدول الجنوب الأكثر حاجة، وضمان انتقال عادل للطاقة، مع بذل كل الجهود للحفاظ على هدف 1.5 درجة مئوية. لا مجال بعد الآن للتأجيل أو المماطلة، فالوقت ينفد؛ وعلى الملوّثين التاريخيين أن يتحمّلوا نصيبهم العادل من المسؤولية عن الأضرار التي تدفع ثمنها المجتمعات يوميًا.
تركيا وأستراليا تتحمّلان مسؤولية كبيرة في هذه المرحلة لضمان أن يكون مؤتمر COP31 مؤتمر التنفيذ وتصحيح المسار. ويضع هذا مسؤولية قيادية كبيرة على كلا البلدين لتلبية توقعات مجتمعات الخطوط الأمامية وحجم أزمة المناخ.
5- وما تعليقكم على استضافة إثيوبيا COP32 باعتبارها أول دولة من البلدان الأقل نموًا (LDC) تستضيف المؤتمر؟
تمثّل استضافة إثيوبيا لمؤتمر COP32، بصفتها أول دولة من بين البلدان الأقل نموًا، خطوة بالغة الأهمية، إذ تؤكد أن أفريقيا لم تعد مجرد متلقٍ للقرارات الدولية، بل أصبحت شريكًا فاعلًا في صياغة مستقبل السياسات المناخية العالمية. فالقارة الأفريقية، رغم مساهمتها المحدودة في الانبعاثات الكربونية، تعد الأكثر عرضة لتداعيات تغيّر المناخ، التي تهدد اقتصاداتها وبنيتها التحتية وموارد المياه والغذاء، فضلاً عن نظم الصحة والزراعة، ما يؤدي إلى تفاقم الفقر وزيادة الهجرة، ويعزز احتمالية النزاعات على الموارد.
وتتيح استضافة المؤتمر لأفريقيا منصةً لعرض أولوياتها بوضوح، بما في ذلك التكيف مع تغيّر المناخ، والتعويض عن الخسائر والأضرار، والتحول نحو الطاقة النظيفة، مع التأكيد على ضرورة تمويل مناخي عادل قائم على المنح وليس الديون.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTA5IA== جزيرة ام اند امز