كورونا يحيي ذكريات وباء وأده "تيتو" في المهد
الوباء كان مصدر إلهام للمخرج الصربي، غوران ماركوفيتش، لإنجاز فيلمه "فاريولا فيرا" الذي خرج سنة 1982 ولا يزال يثير اهتمام الكثير
أعادت أزمة وباء كورونا المستجد الراهنة إلى الأذهان ذكريات البلقان عن مرض آخر شديد العدوى، فقد نجحت يوغوسلافيا الشيوعية قبل حوالي نصف قرن في وأد آخر وباء جدري واسع النطاق في القارة الأوروبية.
وقد كان اللقاح متوفرا، كما أن ردة فعل السلطات كانت سريعة من خلال تلقيح السكان جميعهم، أي 18 مليون نسمة، في أسابيع قليلة ما أدى إلى حصيلة ضحايا خفيفة دون عتبة الأربعين وفاة.
وقد شكل هذا الوباء مصدر إلهام للمخرج الصربي، غوران ماركوفيتش، لإنجاز فيلمه "فاريولا فيرا" الذي خرج إلى الصالات سنة 1982 ولا يزال يثير اهتمام الكثير من سكان يوغوسلافيا السابقة القابعين حاليا في المنزل بسبب وباء كوفيد-19.
وتثير فعالية السلطات الصحية في عهد، جوزف بروز تيتو، بعضا من الحنين عشية الذكرى السنوية الأربعين لوفاة الزعيم اليوغوسلافي السابق.
في صربيا، يترحم البعض على زمن كانت الرعاية الطبية خلاله مجانية ومنظمة بشكل جيد كما كانت سلطاته محط ثقة لدى السكان ولم تكن نظريات المؤامرة المناوئة للتلقيح تسري على نطاق واسع كما يحصل راهنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ويستذكر زوران رادوفانوفيتش وهو عالم أوبئة متقاعد في بلغراد "انقسم الناس بين محب للاشتراكية ومناوئ لها لكنهم كانوا يؤمنون جميعا بالنظام والمنظومة الصحية. لم يكن أحدهم يشكك بقرارات الأطباء وكان الجميع يريد تلقي اللقاح".
وحسب "فرانس برس" تلقى الحملات المعارضة للتلقيح في بلدان عدة صدى قويا في البلقان، بدفع خصوصا من فنانين وكتاب وشخصيات بينهم لاعب التنس نوفاك ديوكوفيتش المصنف أول عالميا والذي أبدى معارضته "الشخصية" للتلقيح.
وقد تصدر اللاعب الصربي أخيرا عناوين الأخبار مع إعلان رفضه فرض التلقيح ضد فيروس كورونا المستجد للتمكن من استئناف المواجهات الرياضية، ما أثار غضبا لدى علماء الأوبئة في المنطقة.
وخلال عهد تيتو الذي حكم بلده بقبضة من حديد على مدى 35 عاما، لم يكن ممكنا تصور رفض التلقيح.
وكان الفيروس قد وصل إلى يوغوسلافيا سنة 1972 مع رجل من ألبان كوسوفو نقلت إليه العدوى من العراق خلال طريق العودة من الحج في مكة.
وقد كان المرض يتجلى عبر أعراض مختلفة بينها ارتفاع الحرارة وأوجاع الرأس والوهن الشديد ويعقبها طفح جلدي وبثور.
غير أن المنطقة لم تكن قد سجلت إصابات بالجدري منذ 1930 ولم ينجح الأطباء في يوغوسلافيا السابقة في تحديد المرض سريعا حينها، لكن فور الكشف عنه، جندت الدولة كل طاقاتها لمكافحة الداء.