الصين تتجاوز الأزمة وإذا تم ذلك وبشكل سريع، فسوف تغير كثيرا من المعادلات، وهذا ما يجعل العالم ينظر إلى كورونا الحقيقة السياسية
حتى لحظة كتابة هذا المقال، تجاوز عدد مصابي كورونا في العالم ثمانين ألف مصاب، مات منهم ما يقارب ثلاثة آلاف شخص، ونحو سبع وعشرين ألفا تم شفاؤهم، وهذه الأعداد قابلة للزيادة، كما أن هذا الفيروس معرض للانحسار مع حلول الربيع وانحسار فصل الشتاء، وبداية ارتفاع درجات الحرارة.
انطلق هذا المرض في "الصين" وهي الدولة التي ينتشر فيها المرض ومنها لبقية دول العالم، وكل هذه الحقائق هي في الواقع أرقام تعبر عن حقيقة صحية تجتاح العالم، حيث دعت منظمة الصحة العالمية إلى التدخل من خلال اعتبار "كورونا" وباء عالميا يتطلب مساهمة دولية للحد من انتشارة ومحاصرته لحين القضاء عليه.
إلى هنا والقضية مقلقة، ولكن في حقيقتها الصحية خوفا من أن يتأثر العالم بهذا الفيروس عندما تصل الإصابات إلى أرقام مقلقه ومخيفة، على الجانب الآخر هناك حقيقة سياسية تدور بشغف حول كورونا، وتحاول أن تستثمر الفرص التي يمكنها أن تولد نتيجة هذه الأزمة الدولية، خصوصا أن الأزمة تنتشر في الصين الدولة الأكثر صعودا وسيطرة دوليا في المجال الاقتصادي.
تجاوز الصين للأزمة إذا تم وبشكل سريع فسوف يغير كثيرا من المعادلات، وهذا ما يجعل العالم ينظر إلى كورونا الحقيقة السياسية أكثر من كورونا الحقيقة الصحية، ليبقى السؤال: هل الصين قادرة على إثبات تفوقها أم يتعثر تطورها فوق عتبات فيروس كورونا؟
الصين اليوم تحارب كورونا صحيا وسياسيا ولا يمكن إنكار هذه الحقيقة وسباقها مع الزمن كبير، لأنه إذا بقي الفيروس منتشرا بهذه الطريقة حتى منتصف عام 2020م، فسوف تبدأ الصين بدفع الثمن الفعلي لانتشار هذا الفيروس، من المؤكد أن الغرب الذي يتحارب تجاريا مع الصين وتحديدا أمريكا يراقب يوميا الأرقام التي تنشر حول انتشار هذا المرض، كما أن جهود الغرب في البحث عن لقاح سريع وفعال لهذا الفيروس لا تسير بسرعة طبيعية متوقعة.
من الواضح أن أمريكا تدرك تأثيرات "كورونا" السياسية، وهو ما يتم انتظاره فعليا، وتطويل الأزمة سوف يخلق بدائل اقتصادية وتجارية كبرى، خصوصا في دولة مثل الهند، وربما يؤثر هذا المرض إن استمر طويلا في تراجع النمو الاقتصادي في الصين.
الصين تحارب الفيروس صحيا وسياسيا، وإذا نجحت وقضت عليه، سيكون هذا مؤشرا دوليا على أن التنين الصيني يرجع وبقوه ليتربع على منظومة الاقتصاد الدولي، وقد تكون نهاية هذا العقد منصة تتويج الصين قائدا اقتصاديا، ولكن ذلك مشروط باجتياز الاختبار المدعو "كورونا".
أما على المستوى السياسي، فإن أمريكا سوف تستغرق كثيرا من الوقت خلال هذا القرن في السيطرة على العالم سياسيا، حيث إنها تريد أن تكسب اقتصاديا وسياسيا أمام الصين، لكن تجاوز الصين للأزمة إذا تم وبشكل سريع فسوف يغير كثيرا من المعادلات، وهذا ما يجعل العالم ينظر إلى كورونا الحقيقة السياسية أكثر من كورونا الحقيقة الصحية، ليبقى السؤال: هل الصين قادرة على إثبات تفوقها أم يتعثر تطورها فوق عتبات فيروس كورونا؟
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة