لقاح كورونا "مهجور" في العراق.. وتحذيرات من سيناريو مخيف
ينتظر محمد (40 عاماً) موعداً أول لتلقي جرعة من لقاح أسترازينيكا المضاد لفيروس كورونا المستجد في مركز وسط العاصمة العراقية، بغداد.
محمد، الذي ظل رافضاً حتى وقت قريب تلقي اللقاح، عاد عن قراره بعد إصابة زوجته بالفيروس ذي السلالة المتحورة.
يقول: "عندما عايشت مع زوجتي المرض اللعين وكم ما قاسته من أوجاع وآلام تنفسية حادة قبل أن يُكتب لها الشفاء، أدركت قيمة اللقاح وأهمية التعامل بجدية مع ذلك الفيروس بما متوفر من معالجات وحلول".
لكن محمد لا يمثل الرأي الغالب في المجتمع العراقي، فرغم أن السلطات الصحية قد بدأت بتوفير اللقاحات منذ مارس/آذار الماضي، إلا أن نسبة التلقيح ما تزال عد حدود متدنية.
يشاع في الأوساط العامة شائعات عن خطر تلك اللقاحات والأعراض الجانبية التي تنجم عن أخذها، ما يتسبب في إحجام كثير من المواطنين عن تلقي اللقاح.
يشكك سليم حسن، الذي يعمل في تجارة إكسسوارات التجميل النسائية، في صلاحية تلك اللقاحات التي أعلنت عنها وزارة الصحة في العراق، مؤكداً أن هناك حالات شاهدها لأشخاص تلقوا الجرعة الأولى لكنهم أصيبوا بعدها بوباء كورونا.
ويرى حسن أن اللقاحات الخاصة بجائحة كورونا "بدعة كبيرة"، يُراد من خلالها التجارة بأرواح الناس، ويمسك على رأيه "لن أكون ضحية لتلك الأمصال".
وتوفِّر السلطات الصحية في العراق ثلاثة أنواع من اللقاحات وهي: سينوفارم صيني المنشأ، وأسترازينيكا البريطاني السويدي، وفايزر الأمريكي.
وظهرت أولى حالات الإصابة بفيروس كورونا في العراق في فبراير/كانون الثاني 2020، لطالب إيراني يدرس في مدينة النجف، ومن ثم تصاعدت أعداد المصابين والوفيات لكنها انخفضت بشكل تدريجي بعد نحو 9 أشهر .
في مطلع العام الحالي ومع ظهور السلالة المتحورة لكورونا في بريطانيا وبعض الدول الأوروبية، عادت معدلات الإصابة إلى الارتفاع في العراق مجدداً لتصل في أبريل/نيسان الماضي إلى أكثر من 8 آلاف إصابة يومياً في حصيلة هي الأعلى منذ تفشي الوباء في البلاد.
وفي 15 فبراير/شباط الماضي، أعلن وزير الصحة المستقيل حسن التميمي، تسجيل أول حالة إصابة بالسلالة المتحورة، لتبلغ ذورتها بعد 3 أشهر مسجلة نحو 119 حالة بذلك النوع وسط إجراءات حظر وقيود وبائية.
دعوات ومقاطعات
بحسب آخر الإحصائيات المسجلة رسمياً في دوائر الصحة، بلغ عدد المتلقين للقاح نحو 700 ألف شخص بين 40 مليون مواطن عراقي أي بنسبة لا تتجاوز 5%.
في تلك الأثناء تبرز تحذيرات من قبل لجنة خلية السلامة والصحة العراقية من الذهاب إلى كارثة وبائية في حال بقاء الإقبال على اللقاح ضعيفاً.
وتشير بيانات موقع "كوفيد فاكس" المتخصص في إحصاء وتسجيل عمليات التلقيح في العالم ضد فيروس كورونا المسبب لكوفيد-١٩، إلى أن العراق يحتل مرتبة متأخرة جداً بسبب بطء توزيع اللقاحات.
وتتوقع أرقام الموقع وبياناته، استناداً إلى الوتيرة الحالية للتلقيح في البلاد، أن يصل العراق إلى نسبة 70%، من تلقيح سكانه في العام 2075، إذا استمرت نسب التلقيح اليومية على ماهي عليه الآن.
واثق الجابري، المتحدث الإعلامي باسم دائرة مدينة بغداد الطبية، يعزو أسباب عدم إقبال المواطنين على مراكز اللقاح إلى جملة من الأمور بينها الثقافة الصحية.
ويوضح الجابري، خلال حديثه مع "العين الإخبارية"، إن "التعامل مع هكذا ظروف ومستجدات على مستوى الأمراض والأوبئة يتطلب أن يكون هناك وعي جمعي حتى نستطيع المرور بأقل خسائر من هكذا أزمات".
ويحتل العراق الصدارة من حيث الإصابات بين الدول العربية، حيث سجل حتى الخميس، 1,274,629 إصابة بالفيروس، منها 16,811 حالة وفاة.
وحول ما يُشاع عن عدم صلاحية تلك اللقاحات للاستخدام، يلفت الجابري، إلى أن "اللقاحات الثلاثة التي اعتمدها العراق أثبتت فعاليتها وما يجري من حديث عن أضرارها غير دقيق ويجافي الحقيقة".
وهو ما يؤكده طبيب اختصاص الأمراض الوبائية، فادي لطيف، إذ ينوه إلى أن تفضيل المواطنين لقاح دون آخر يعود إلى "مضاربات دعائية وإعلامية لأغراض ربحية ليس أكثر.. جميعها فعال وبنسب متقاربة جداً".
وبشأن إمكانية الإصابة بفيروس كورونا بعد أخذ اللقاح، يوضح لطيف لـ"العين الإخبارية"، أن "الجرعة الأولى لا تقي من الإصابة ولكن قد تخفف الأعراض إن حصلت ولكن بعد أخذ الجرعة الثانية يكتسب الجسم مناعة تامة ضد الوباء".
وحول تسجيل حالات تجلط دموية ووفيات نتيجة أخذ اللقاح لبعض المطعمين، ينفي لطيف أن يكون ذلك بسبب اللقاح، ويوضح: "ادعاءات غير منطقية وبعيدة عن الدليل العلمي".
وإذا ما بقي الإقبال ضعيفاً على اللقاح، يطلق لطيف تحذيراً كبيراً من مغبة ذلك الأمر، ويقول: "اللقاح ليس محصوراً في تحصين الأجسام من وباء كورونا ولكن عمله يدخل في منع حدوث طفرات وتحولات لنسخ جديدة للفيروس ربما تكون أشد فتكاً وأسرع انتشاراً".
ودفع عدم إقبال المواطنين في العراق على تلقي اللقاح، مجلس الوزراء إلى اتخاذ جملة من القرارات خلال جلسة عقدت في 8 يونيو/حزيران الجاري، تتضمن إجبار الموظفين والدوائر التعليمية ومراجعي الدوائر الرسمية إلى تقديم ما يثبت تلقي التطعيم أو السلامة من الإصابة.
aXA6IDE4LjExNi40OS4yNDMg جزيرة ام اند امز