الدواء يتحول إلى داء.. تحذير أوروبي خطير من حزم مساعدات كورونا
المساعدات الحكومية التي منحتها الدول الأعضاء الأكثر نفوذا لشركاتها الخاصة يوازي إجمالي الناتج الداخلي لنحو 16 بلدا عضوا معا في الاتحاد
الدواء لمواجهة تداعيات كورونا قد يتحول إلى داء جديد، هذا أحدث تحذير أوروبي من أثار حزم المساعدات والإجراءات المتخذة لمواجهة الفيروس.. مؤكدا أنها قد تضر بشكل أكبر تماسك الاتحاد.
حذرت مفوضة الاتحاد الأوروبي للتماسك والإصلاحات إليسا فيريرا من أن القرارات التي اتخذت على عجل للحد من أزمة الناجمة عن فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) تهدد تماسك الاتحاد، بحيث باتت المؤسسات التي استفادت من مساعدات حكومية هي المهيمنة.
وأوضحت المفوضة البرتغالية في حديث مع مجموعة صحافيين "أجازت الدولة تخصيص مساعدات بنحو 2.5 تريليون يورو هذه المبالغ صرفتها الحكومة الألمانية وحدها لمساعدة شركاتها الوطنية، وعندما تتنافس هذه الشركات في السوق الداخلية تتميز بتفوق تام على الشركات الأخرى".
وأوضحت "إذا أردتم القياس فإن المبلغ الإجمالي للمساعدات الحكومية التي منحتها الدول الأعضاء الأكثر نفوذا لشركاتها الخاصة يوازي إجمالي الناتج الداخلي لنحو 16 بلدا عضوا معا".
وأضافت "بالتالي من الأهمية بمكان أن تتوفر شروط منافسة عادلة في إطار برنامج النهوض الاقتصادي".
وحذرت بالقول "علينا معالجة حالة من عدم التوازن التام تسمح لبعض الشركات بالسيطرة وشراء كافة الشركات الأخرى لأنها أصبحت ضعيفة جدا وحتى مفلسة. نواجه وضعا خطيرا جدا".
ولا تشكك المفوضة في القرارات التي اتخذت لتسهيل تقديم هذه المساعدات "لأنها كانت ضرورية". لكنها دعت إلى إعادة التوازن، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
وأضافت "أن كانت نصف دول الاتحاد تشهد ركودا هذا أمر خطير للغاية. لا يمكن للسوق الداخلية أن تعمل بشكل سليم. وكذلك الأمر بالنسبة لليورو".
وتابعت "نصف صادرات مجموعة -الدول المقتصدة- التي تضم هولندا والنمسا والسويد والدنمارك المتحفظة على الدعم الواجب تقديمه لدول الجنوب مخصصة للسوق الأوروبية الكبرى. علينا التنبه".
وذكرت أن "أوروبا ستكون في وضع ضعيف جدا حيال الدول العظمى كالصين والولايات المتحدة لأنها أصلا تنفق الكثير من الأموال لتحفيز نهوض اقتصاداتها".
سياسة التماسك
وستعرض المفوضية الأوروبية في 27 مايو/أيار خطة نهوض اقتصادي تستند إلى موازنة للفترة بين 2021-2027 مع إمكانية منح قروض.
ولابد للدول الأعضاء الـ27 التفاوض بشأن مبلغ الموازنة على سنوات عدة والقدرة على الإقراض والجهات الحاصلة على الأموال وإعادة تسديدها وكذلك التوصل إلى إجماع.
واقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل يوم الإثنين خطة نهوض بقيمة 500 مليار يورو على 3 سنوات بهدف مساعدة الاتحاد الأوروبي في تجاوز الأزمة التاريخية الناجمة عن فيروس كورونا المستجدّ، عبر آلية غير مسبوقة لتشارك الدين الأوروبي.
وستخصص الأموال على شكل تمويل برامج للموازنة الأوروبية ومساعدات للقطاعات والدول الأكثر تضررا بالأزمة.
وأضافت أن "موازنة على عدة سنوات محدودة بـ1% من الدخل القومي الإجمالي الأوروبي كما تطالب به -الدول المقتصدة- لن تكون كافية".
وفي الاقتراح الذي وضعه رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال على الطاولة مطلع السنة، بلغ التمويل المخصص للتماسك أكثر من 237 مليار يورو. ورفضت الدول الأعضاء هذا المشروع في شباط/فبراير الماضي.
ولم تتمكن فيريرا من تأكيد تأمين هذه المبالغ في مشروع الموازنة الجديد المرتقب نهاية أيار/مايو. وقالت "لا يمكنني أن أقطع أي وعود لكننا سنسعى لانتزاعها".
وتابعت "لا يمكننا إنجاز أي شيء مع سياسة تماسك ضعيفة. لا بد من تعزيزها".
وأوضحت أن هذه السياسة الرامية إلى تقليص عدم المساواة بين مستويات تنمية المناطق داخل الاتحاد الأوروبي "جزء لا يتجزأ من السوق الداخلية".