تقنية ثورية في العلاج.. "رنا مرسال" في خدمة مرضى السرطان
قد تكون لقاحات (كوفيد – 19) أول علاجات معتمدة يستخدم فيها تقنية مرسال الحمض النووي الريبوزي، أو ما يعرف بـ"الرنا مرسال"، لكنها لن تكون الأخيرة.
فقد سلط الوباء الضوء على تقنية كانت قيد التحقيق منذ عقد من الزمان، وأصبح الآن بالإمكان تطبيقها على حالات تتراوح من العدوى الفيروسية إلى السرطان وأمراض المناعة الذاتية النادرة.
وتستفيد مراكز الأبحاث الإيطالية، على وجه الخصوص، من زيادة الاهتمام والاستثمار في هذه التكنولوجيا لتسريع البحث عن اضطرابات التمثيل الغذائي الموروثة.
واضطرابات التمثيل الغذائي الموروثة تحدث بسبب الجينات المعيبة التي تضعف التعبير عن البروتينات ذات الأدوار الرئيسية في مسارات التمثيل الغذائي، مما يؤدي إلى نقص البروتين الحيوي، أو في تراكم المنتجات الثانوية السامة، وغالبًا ما تكون مهددة للحياة، ولكن يمكن علاجها عن طريق استبدال البروتين المفقود أو المعيب، وهذا ما يتوقعه العلماء من الرنا المرسال.
وفي الكائن الحي، تتمثل وظيفة الرنا مرسال في نسخ المعلومات الموجودة في الجينات مما يساعد على إنتاج بروتين معين لآلية الخلية، ويمكن تحويل تسلسل "الرنا مرسال" الاصطناعي إلى دواء يساعد الكائن الحي على إنتاج البروتين المطلوب.
والبحث عن هذه الاضطرابات نشط بشكل خاص في إيطاليا، حيث يخضع كل مولود جديد لاختبارات لأكثر من 40 حالة من هذه الحالات، لضمان التشخيص المبكر والحصول على نظام غذائي مناسب أو مكملات عند الضرورة.
ويقول ألبرتو بورلينا، رئيس قسم الأمراض الأيضية الوراثية بالمستشفى الجامعي في بادوفا، في تقرير نشره موقع دورية "نيتشر" في 9 مايو/آيار الماضي: "يمنح برنامج الفحص الوطني العلماء فرصة فريدة لدراسة الأنماط الظاهرية المختلفة لأمراض التمثيل الغذائي وتاريخها الطبيعي منذ البداية".
ويعمل بورلينا وفريقه حاليًا على علاج حمض الميثيل مالونيك، وهو اضطراب نادر يمنع الجسم من معالجة بعض الأحماض الأمينية وينتج عنه تراكم حمض الميثيل مالونيك في الكلى والجهاز العصبي المركزي، ويمكن أن يسبب الفشل الكلوي، وتلف الدماغ، والنوبات، والغيبوبة، ويؤثر على ما بين واحد لكل 50 ألفا إلى 1 لكل 100 ألف مولود حي، مع متوسط العمر المتوقع الذي يمتد من أيام إلى سنوات، اعتمادًا على شدته.
وكان فريق بورلينا يتعاون بالفعل مع شركة التكنولوجيا الحيوية الأمريكية "موديرنا" على العلاجات القائمة على (الرنا مرسال) لحمض الميثيل مالونيك قبل أن تبدأ الشركة في تطوير لقاح (كوفيد -19).
ويقول بورلينا: "ابتكرت موديرنا مرسالا محددًا لتوجيه الخلايا لتحل محل إنزيم (ميثيل مالونيل-كوا) المعيب، وهو مصدر المرض".
والحمض النووي الريبي ليس علاجًا نهائيًا، حيث سيحتاج المرضى إلى حقن دورية، لكن هذا النهج له ميزة تجاوز المخاطر المحتملة للعلاج الجيني.
ويقول باولو مارتيني، كبير المسؤولين العلميين عن الأمراض النادرة في شركة موديرنا: "يمكن إيقاف علاج (الرنا مرسال) في أي وقت إذا لزم الأمر لأسباب تتعلق بالسلامة، ويتم التخلص من (الرنا مرسال) بسرعة، وإلى جانب ذلك يمكن تعديل الجرعات من أجل التحكم في الفاعلية".
وكانت تجارب أجريت على الحيوانات أظهرت نتائج إيجابية، وفي وقت لاحق سيتم اختبار الرنا المرسال لحمض الميثيل مالونيك على المرضى، كما أكد مارتيني.
وإذا كانت هذه التقنية في انتظار التجارب السريرية لاعتمادها في علاج هذه الاضطراب الوراثي النادر، فإنها دخلت بالفعل في تجارب سريرية لعلاج فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) وداء الكلب، والإنفلونزا، ويسعى العلماء حاليا لاستخدامها في علاج السرطان.
ويقول باحثون في مركز إم دي أندرسون للسرطان بجامعة تكساس، في تقرير نشره موقع "رابطة الكليات الطبية الأمريكية" في 29 مارس/ آذار الماضي، إن الرنا المرسال يوجه خلايا المريض لإنتاج شظايا بروتينية بناءً على الطفرات الجينية للورم، مما يدفع الجهاز المناعي إلى إيجاد خلايا أخرى بها البروتينات الطافرة وأيضا مهاجمة الخلايا السرطانية المتبقية.
من جانبه يقول جون كوك، المدير الطبي لبرنامج "الرنا مرسال" في معهد هيوستن ميثوديست للأبحاث خلال التقرير: "يمكن استخدام الرنا المرسال لاستهداف أي مُمْرِض تقريبًا، حيث تقوم بوضع رمزا لبروتين معين يحفز الاستجابة المناعية، فهي تقنية ثورية في العلاج".
aXA6IDMuMTQ1LjM0LjUxIA== جزيرة ام اند امز