سلبية نتائج فيروس كورونا.. لماذا لا تعني شفاء المصاب تماما؟
تحليل الـ"بي سي آر" يكشف وجود الحمض النووي للفيروس داخل جسم الإنسان من عدمه، وهو المادة الفعالة للفيروس، التي من خلالها يتكاثر.
رغم أن نتائج تحاليلهم جاءت سلبية لفيروس كورونا الجديد (كوفيد- 19)، لكنهم لا يزالون بالمستشفى المخصص للعزل، الأمر الذي قد يبدو غريباً للوهلة الأولى، تكشفه معلومة أن مصاب كورونا يحتاج إلى إعادة تحليل مرة ثانية، بعد 48 ساعة، قبل التأكد من شفائه تماماً.
وأوضح مصدران طبيان، في حديثين متفرقين لـ"العين الإخبارية"، أن سلبية نتائج تحليل "بي سي آر" للمرة الأولى تعني بداية تعافي مصاب فيروس كورونا، وليس امتثاله التام للشفاء.
الأمر نفسه فسره مختص في الفيروسات الطبية والمناعة بالصين، بقوله إن هناك احتمالية بقاء للمادة الوراثية للفيروس في العينة، ولكن بتركيز ضعيف لا يظهره "بي سي آر" في الفحص الأولي، ما يستدعي إعادة التحليل بعد 48 ساعة، للتأكد ما إذا كان الفيروس نشطاً أم لا.
ويكشف تحليل الـ"بي سي آر"، وجود الحمض النووي للفيروس داخل جسم الإنسان من عدمه، وهو المادة الفعالة للفيروس، التي من خلالها يتكاثر ويسبب العدوى.
وأعلنت الصحة المصرية، الأربعاء، شفاء 7 حالات من مصابي فيروس كورونا المستجد وخروجهم من مستشفى العزل، من إجمالي 27 حالة تحولت نتائج تحاليلها من إيجابية إلى سلبية لفيروس كورونا (كوفيد-19)، بعد تلقيها الرعاية الطبية، بالإضافة إلى تعافي الحالة الأولى المكتشفة في مصر لشخص أجنبي كان حاملاً للفيروس، ليصبح إجمالي المتعافين 8 حالات حتى الآن.
هذه الإعلان أثار تساؤلات حول سبب بقاء الحالات التي تحولت نتائجها من إيجابية لسلبية داخل مستشفى العزل، وهل هذا يعني احتمالية وجود فيروس كورونا المستجد داخل أجسامهم ولم يظهر في التحليل الأول، أم أن الأمر لا يعدو سوى مزيد من الاطمئنان عليهم قبل مغادرتهم.
سلبية الفحص الأول.. بداية تعافي
نانسي الجندي رئيس الإدارة المركزية بمعامل وزارة الصحة المصرية، توضح لـ"العين الإخبارية" سبب الإبقاء على مصابي فيروس كورونا المستجد، رغم ظهور سلبية تحليل الـ"بي سي آر" بقولها: "نتعامل مع فيروس غير معروف وما زالت الأبحاث والدراسات تجرى بشأنه، وبالتالي لا أحد يعلم بعد ما إذا كان قادراً على الاختباء والظهور مجدداً أم لا".
وتضيف: "نجري تحليل (بي سي آر) مرة أخرى بعد 48 ساعة لأي مصاب بفيروس كورونا، وهو ما يتماشى مع توصية منظمة الصحة العالمية، حتى يكون الجميع في مآمن، خاصة أننا نعزل أي مصاب تظهر نتيجة سلبية لحين إعادة التحليل له بعد 48 ساعة".
محمد عبدالله المشرف على المعامل في العزل الصحي بمستشفى النجيلة (شمالي مصر)، يوضح بدوره لـ"العين الإخبارية" أن ظهور الحمض النووي في العينة يعني أن الشخص مصاب بفيروس كورونا، ولأن الفيروس شأنه شأن بقية الفيروسات التنفسية ويأخذ دورته داخل جسم الإنسان لحين تغلب المناعة عليه، نقوم بعزل الحالة لحين إجراء تحليل الـ"بي سي آر".
وأضاف "عبدالله": "إذا جاءت نتيجة التحليل سلبية فهذا يعني بداية تعافي المريض وليس اكتمال شفائه، لهذا نجريه مرتين، ونبقي على الحالات بما فيها من ثبتت سلبية نتائجهم لمدة 14 يوماً كإجراء احتياطي للمتابعة والتأكد من الشفاء تماماً".
وحول الإجراءات الطبية داخل العزل، يوضح الطبيب: "فيروس كورونا هو في الأصل عدوى تنفسية مثل بقية الفيروسات، وكل حالة تختلف عن غيرها، لهذا فإن الطبيب المعالج هو من يحدد هل المصاب يحتاج إلى مضاد حيوي أم أدوية لرفع كفاءة المناعة أو مسكنات لتخفيض الحرارة وتتم متابعة الحالة قبل إجراء تحليل الـ(بي سي آر)".
هل تحليل "بي سي آر" كافٍ؟
فايد عطية أستاذ الفيروسات الطبية بجامعة شاتنو بالصين، يقول لـ"العين الإخبارية": "لا يمكن الاعتماد على نتيجة تحليل (بي سي آر) لمرة واحدة، ففي بعض الحالات نجري التحليل 3 مرات متتالية بنفس الظروف التي أجرى فيها أول مرة، حتى نعتمد النتيجة التي تحدد لنا نسبة الفيروس ونشاطه مع سلبية وإيجابية الحالة".
ويفسر عطية، الذي يشارك حالياً في فحص عينات مصابة بفيروس كورونا في الصين، السبب في إعادة التحليل بقوله: "تحليل (بي سي آر) كتقنية قد تكون مصحوبة ببعض المشاكل؛ أبرزها ما هو متعارف بيننا كمتخصصين في مجال الفيروسات والمناحة، وهي حالة الموجب الضعيف وتعني أن العينة لا تزال بها المادة الوراثية للفيروس ولكن تركيزها ضعيف، وحينها لا يظهر رقم (بي سي آر) الدال على إيجابية الحالة، وعليه نعيد إجراء التحليل مرة أخرى بعد 48 ساعة، لنكون تركنا المجال للفيروس لينشط، في حال كان ما زال موجوداً، وبالتالي يمكن قراءته".
ويكشف المختص بقوله: "حالياً عندما ترسل لنا عينات من بؤر الإصابة لمستشفى الجامعة بالصين، نتعامل بتقنية ct scan، وهي الأشعة المقطعية على الرئة بحيث نرى بوضوح الفيروس، وهي تقنية تفصل في سلبية الحالة، من عدمها، لأننا نرى الفيروس بجميع تفاصيله سواء أهداب أو عناقيد أو كاسات".
عودة الإصابة بكورونا واردة لاحتمالين
وعن عودة فيروس كورونا لأشخاص تعافوا، يشرح "عطية" مختص الفيروسات الطبية والمناعة بالصين، هذا السلوك للفيروس بقوله: "عودة الإصابة وارد بنسب ضعيفة، حدث فقط مع نحو 10 حالات في العالم، منها 3 في الصين، نحن أمام فيروس غامض نجهل تكنيك العدوى به ودورة حياته داخل جسم الإنسان".
وعن سبب الإصابة بفيروس كورونا مجدداً، يوضح: "هناك احتمالان؛ الأول أن الجسم فشل في تكوين أجسام مضادة خلال الإصابة بالفيروس وبالتالي كان سهلاً على تلك الحالات أن تصاب مجدداً لعدم وجود حصانة تمنعها، وهو أمر ما زال قيد البحث لأنه غريب في علم المناعة والهندسة الوراثية والأمراض".
الاحتمال الآخر، بحسب "عطية"، أن الفيروس اختبأ داخل أحد أعضاء الجسم كالرئة أو غيره من الأعضاء التي قد نكتشفها يوماً، ويتسبب في عمل عدوى مجدداً لجسم الإنسان، رغم ظهور سلبية الحالة في الفحوصات.