لقاح كورونا يفتح طاقة أمل للعراقيين: الوباء فتك بالفقراء
يعقد خضر حامد الأمل على لقاح كورونا لتوديع "عام الكمامات" والعودة إلى الحياة بوجوه مكشوفة دون محاذير أو خوف من العدوى.
يستبشر خضر (30 عاماً) كبقية العراقيين باللقاح، الخلاص من الوباء العالمي ومغادرة إحصائيات الإصابة ومعدلات الشفاء ونسب الموتى.
وعلى الرغم من أن فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19) ضرب غالبية دول العالم، لكنه فاقم الأوضاع الإنسانية والاقتصادية المتردية في الأصل بالعراق.
وقبيل الإعلان الرسمي عن تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا في فبراير/شباط، شهدت معدلات الفقر في العراق ارتفاعاً متصاعداً منذ 6 سنوات بلغت ذروتها في عام 2019، بنسبة تصل إلى نحو 20%، بحسب إحصائيات رسمية.
يستذكر حامد، الذي يعمل سائق أجرة، الظروف المعيشية الصعبة التي رافقت تفشي الجائحة بالعراق وضيق الحال.
ويشير إلى أيام عاد فيها إلى منزله بـ"خفي حنين"، بعد أن تعذَّر عليه تحصيل أجرة يسد بها رمق عائلته المكونة من خمسة أفراد.
يقول السائق الثلاثيني: "مع أن الجائحة أغرقت العالم بالبطالة وهددت بالجوع، إلا أن وطأتها كانت شديدة على العراقيين الذين هم في غالبيتهم من ذوي الدخل المحدود والطبقات المعدمة بسبب الحروب وتفشي الفساد".
لكنه يعود ويبدي تفاؤلاً بانتهاء هذه الأحوال قائلاً: "نحن الآن على أعتاب مغادرة الفيروس.. وقريباً سيكون ذكرى وتاريخا".
وكانت السلطات العراقية فرضت إجراءات احترازية للحد من تفشي فيروس كورونا، من بينها فرض حظر تجوال كلي خُفِّف فيما بعد إلى جزئي استمر نحو 6 أشهر، قبل أن يتم رفعه بشكل نهائي في سبتمبر/أيلول الماضي.
وعلى الرغم من أهميتها، لم يلق تشديد القيود قبولاً لدى قطاع كبير من العراقيين خصوصاً ذوي الدخل اليومي، الذين وجدوا في الحظر الصحي إقصاء لأرزاقهم وتعريض عوائلهم للجوع.
يقول سلام حسن، الذي يعمل في محل لبيع اللوازم المدرسية: "لقد كانت حقبة قاسية وما زلنا نعيش تداعياتها على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والنفسي، وسط أمل بانفراجة قريبة مع بداية تلقي اللقاح".
يقول حسن إن مكتبته بقيت مغلقة لعدة أشهر، منذ فرض إجراءات الإغلاق التي تضمنت إغلاق المدارس وإنهاء العام الدراسي، ما اضطره للاقتراض من بعض المعارف لتسيير أموره المعيشية.
يعود حسن اليوم لمزاولة عمله في المكتبة بعد أن تحسنت الأوضاع بعض الشيء مع استئناف الدوام في المدارس والجامعات العراقية، معرباً عن أمله أن تكون اللقاحات قادرة على إنهاء الوباء العالمي وتحصين البشر من خطورته.
وكانت خلية الأزمة المعنية بمواجهة الجائحة أصدرت قراراً باستئناف العام الدراسي في العراق بدءاً من 29 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وسط إجراءات صحية مشددة.
وعجزت السلطات الصحية العراقية عن توفير المستلزمات الوقائية الرئيسية من مواد تعقيم وقفازات وأقنعة مع وصول الجائحة إلى ذروتها، ما أدى إلى ارتفاع أثمانها بصورة مبالغ فيها.
"أم أحمد"، سيدة خمسينية تقطن شرقي بغداد، تعيل أسرة من 3 فتيات، تستذكر كيف أنها لم تستطع توفير الكمامات لعائلتها بعد أن شحت في الصيدليات وبات الحصول عليها أمراً ليس بالسهل.
تقول إنها ذات مرة اضطرت لاقتراض كمامة من جارتها لغرض مراجعة مؤسسة حكومية فرضت على المراجعين التقييد بالإجراءات الصحية.
وتأمل السيدة البغدادية في أن تسهم اللقاحات في إنهاء هذا الفيروس اللعين، وأن يعود الناس إلى مزاولة أعمالهم وأن تستأنف الطقوس الاجتماعية التي غابت طيلة تلك الفترة.
ويبدي غالب العزاوي، الذي يزاول مهنة التصوير، مخاوفه من عدم تيسر وصول اللقاح إلى المرضى في العراق وأن تدخل العلاقات الشخصية والحسابات المادية طرفاً في ذلك الأمر.
ورغم التفاؤل الذي يبديه بشأن اللقاحات المختلفة إلا أنه "يخشى من أن يكون سعره باهظ الثمن، وبالتالي سيتعذر على الكثير من الفقراء وأصحاب الدخل البسيط الحصول عليه".
وقالت وزارة الصحة والبيئة العراقية، الجمعة، إنها وصلت إلى مراحل متقدمة من التفاوض مع شركة "فايزر" الأمريكية، للحصول على لقاحها المضاد لفيروس كورونا.
وأشارت إلى أن الوزارة "متواصلة مع بقية الشركات، لكن شرط التوقيع معها يتوقف على اعتمادها دولياً"، لافتة إلى أن لقاح فايزر تمَّ اعتماده من وكالة الأدوية البريطانية ووكالة الأدوية والغذاء الأمريكية.
وسجل العراق حتى الجمعة 18 ديسمبر/كانون الأول 580 ألف إصابة من بينها 12,650 ألف حالة وفاة في أعلى حصيلة بالمنطقة العربية.