كورونا يفرض الصمت على معرض فرانكفورت للكتاب.. والفعاليات أونلاين
ولّى زمن طوابير الانتظار الطويلة للحصول على إهداء من كاتب شهير والنقاشات الشيّقة بين ناشرين من العالم أجمع ينشدون الكتاب الأكثر مبيعا
مع واجهات زجاجية تفصل بين الكتّاب والقرّاء ومؤتمرات عبر الإنترنت، أقام معرض الكتاب في فرانكفورت نسخته السنوية بالرغم من كلّ القيود التي فرضتها الجائحة، لكن الصمت يخيّم على أجنحته التي كانت تضجّ بالحركة فيما مضى.
وقبل يومين من الافتتاح الرسمي للمعرض الشهير الأربعاء، قرّرت الإدارة تخفيض الحضور تخفيضا جذريا خلال جلسات القراءة واللقاءات التي تعقد حتّى الأحد.
وتقرّر بداية السماح لـ450 شخصا بحضور المعرض، لكن هذا الرقم لم يعد واردا بعد تصنيف فرانكفورت، المدينة الكبيرة الواقعة في غرب ألمانيا، ضمن "المنطقة الحمراء".
ويقول يورغن بوس، مدير معرض الكتاب الذي يعرف باسم "بوخميسيه": "كان علينا التفاعل سريعا مع آخر المستجدّات".
وفي قطاع تعرّض لضربة قاصمة إثر انتشار الوباء، نجا أكبر معرض للكتاب في العالم بروحه، لكنّه اضطر إلى تغيير كلّ تفصيل فيه، فولّى زمن طوابير الانتظار الطويلة للحصول على إهداء من كاتب شهير والنقاشات الشيّقة بين ناشرين من العالم أجمع ينشدون الكتاب المقبل الأكثر مبيعا.
وكانت دورة العام الماضي قد استقطبت نحو 300 ألف زائر.
في وسط قاعة "فيستهاله" الكبيرة التي باتت خالية من الزوّار على غير عادتها، أقيمت منصّة لإجراء مقابلات مع الكتّاب المدعوين لهذه النسخة، لكنّ هذه اللقاءات تبثّ على الإنترنت، تماما مثل جلسات القراءة والمؤتمرات.
وفي حين تعذّر على كثيرين من اختصاصيي الكتب حضور المعرض أو أنهم لم يرغبوا في التنقّل بسبب انتشار الفيروس، استحدث القيّمون على المعرض هذه الفعاليات منصّات رقمية لمناقشة أحدث التوجّهات في المجال والتفاوض على حقوق الترجمة، لكن الفعاليات لا تقام كلّها عبر الإنترنت.
وفنادق فرانكفورت ومتاحفها ومكتباتها وحاناتها تقيم عشرات النقاشات وجلسات القراءة التي في وسعها استضافة 50 شخصا على أقصى تقدير. ويجري التقيّد بوضع الكمامات ومراعاة المسافة الآمنة وتتبّع تنقّلات الجمهور من خلال جمع معطيات بهذا الصدد.
ومن المفترض أن تتاحً إقامة لقاءات شخصية مع التقيّد بالتدابير الصحية، وفق ما يقول بوس الذي يعتبر أن ما من حدث افتراضي في وسعه أن يحلّ محلّ "الحسّ الإبداعي وعفوية اللقاءات وجرعة الفوضى" التي يتميّز بها معرض كبير مزدحم بالزوّار.
انتظرت كريستيان ديكر-آيزل (67 عاما) بفارغ الصبر كي توقّع لها الروائية الألمانية بوف بييرغ الجالسة خلف واجهة زجاجية في مقهى فالدن كتابها مساء الأربعاء.
وقالت هذه المدرّسة المتقاعدة لوكالة فرانس برس "أنا مهتمّة بعملها وكنت أرغب فعلا في أن أكون هنا".
ويوفّر اللجوء إلى المنصّات الإلكترونية فرصا عدّة، مع استقطاب جمهور أوسع ومتحدّثين ما كان في وسعهم المجيء إلى فرانكفورت، على قول مدير المعرض.
وقد تسجّل أكثر من 4400 وكيل عرض من أكثر من مئة بلد للمشاركة في الفعاليات الافتراضية.
وتتخلل دورة العام 2020 من معرض فرانكفورت للكتاب، لقاءات مع جوشوا وونغ ، أحد قادة الحركة المطالبة بالديموقراطية في هونغ كونغ، وإدوارد سنودن، المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأميركية الذي سرّب معلومات حسّاسة جدّاً، والكاتبة الكندية مارغريت آتوود صاحبة الرواية الشهيرة "ذي هاندمايدز تايل". وكان من المفترض أن تكون كندا ضيفة شرف هذه النسخة، لكن هذا الحدث أرجئ إلى العام المقبل.
وكان فولكر بوفييه، رئيس الحكومة الإقليمية في ولاية هيسّن قد أشاد هذا الأسبوع بـ "جرأة" القيّمين على المعرض، لا سيّما أنه كان من "الأسهل بكثير" إلغاء فعاليات هذا العام.
لكن إلغاء المعرض الذي يعود أصله إلى القرون الوسطى لم يكن يوما احتمالا واردا، وفق ما يقول مديره.
وفي وقت ألغيت معارض كبيرة أخرى من هذا النوع في باريس أو لندن مثلا، بات اختصاصيو الكتب بأمسّ الحاجة إلى الاجتماع لمناقشة شؤون القطاع الذي ضربته الجائحة كغيره من المجالات.
وإذا كان قطاع النشر يرزح تحت وطأة الأزمة، فإن المطالعة كانت متنفسّا لكثيرين في أوقات العزل، لا سيّما الشباب، بحسب ما أظهرت دراسات عدّة.
وشهدت مبيعات الكتب ارتفاعا في بلدان كثيرة وزاد الإقبال على المكتبات.
ويقول يورغن بوس "عندما أغلقت المكتبات، أدركنا مدى أهمية الكتب".