هل يجب تأجيل الحمل في زمن كورونا؟ أطباء يجيبون
منذ تفشي كورونا تراود فكرة تأجيل الحمل كثيرا من الأزواج، خوفا على الجنين من مخاطر الفيروس الذي لم ينجح العلماء في فك كل شفراته بعد.
ورغم اعتماد لقاحات عديدة فعالة للفيروس التاجي، فإن الحوامل ومن يخططن للحمل خلال الفترة من 3 إلى 6 أشهر خارج حسابات حملات التطعيم القومية، لعدم إجراء أبحاث كافية بشأن أمان الأمصال على الحوامل والأجنة.
ومع ذلك، يقول بعض الخبراء إن الحصول على لقاح "كوفيد-19" ليس آمنًا فحسب، بل هم مهم إذا كانت المرأة حاملاً أو مرضعة أو قد تصبح حاملًا، خاصة إذا كانت ضمن الفريق الطبي.
مناعة الحوامل
الدكتور إسلام العربي، إخصائي النساء والتوليد بمستشفى عزل قها في مصر، قال إن تأجيل الحمل يعد الخيار الأفضل حاليا، نظرا للمخاطر التي قد تطال الحوامل وأجنتهن.
وأضاف العربي لـ"العين الإخبارية"، أن الحمل خلال تفشي كورونا ليس أمرا ضروريا طالما يشكل خطرا على الام وعلى الجنين، لأن حال إصابتها قد تتدهور حالتها سريعا، أيضا قد ينتقل للجنين ويؤثر عليه أو يصيبه بتشوهات خلال الفترة الأولى من الحمل".
وتابع: "حتى الآن لا توجد أبحاث كافية عن تأثيرات كورونا على الجنين، وطبيعي أن أي أمراض لم تجر عليها الأبحاث أو تتوفر معلومات كافية عنها يفضل ألا نخاطر بالحمل وقتها".
الطبيب المختص تحدث عن سبب مخاوف الأطباء من إصابة الحامل بفيروس كورونا، قائلا: "المعتاد أن المناعة تكون ضعيفة خلال فترة الحمل، وبالتالي تتضاعف درجة خطورة أي مرض إذا أصيبت به، فمثلا إذا أصابها البرد قد تتحول إلى نزلة شعبية حادة وهكذا".
وأضاف: "حال إصابة الحامل بفيروس كورونا قد تتراوح حالتها بين البسيطة والمتوسطة وشديدة الخطورة، وبالتأكيد إذا كانت مناعتها منخفضة قد تدخل في منحى شديدة الخطورة، لذا يفضل حجز أي حامل بالمستشفى حتى لو لم تكن بصحة سيئة خوفا من تدهور حالتها".
وتابع: "أيضا من ضمن المخاوف أن إصابة الحامل بكورونا تزيد من فرصة انتقال الفيروس إلى الجنين، وهذا وارد جدا وإن لم تثبته الدراسات المعتمدة حتى الآن".
إصابة الأجنة
ديفيد شوارتز، إخصائي علم الأمراض في جامعة أوجوستا في جورجيا، الذي يدرس الحمل والأمراض المعدية أيضا، أجرى بحثا عن مخاطر "كوفيد-19" على الحامل والجنين.
ويُظهر بحث شوارتز، الذي نُشر في أواخر ديسمبر/ كانون الأول 2020، أنه في بعض الحالات يمكن أن ينتقل الفيروس من الحامل إلى جنينها عبر المشيمة، مع القدرة على إحداث ضرر كبير للمشيمة في هذه العملية.
ونقل موقع "Popular Science" عن إخصائي علم الأمراض قوله إن معظم الأمراض لا يمكن أن تنتشر بهذه الطريقة، مضيفا: "حقيقة أن فيروس SARS-CoV-2 المسبب لكورونا يمكن أن يمر عبر المشيمة هو مصدر قلق كبير".
وتابع: "على الرغم من عدم معرفة مدى شيوع هذا الأمر فإنه يزيد من أهمية حصول أي حامل على اللقاح".
شوارتز الذي أمضى عدة سنوات في الصفوف الأمامية لدراسة زيكا، الفيروس الذي قد يسبب تشوهات خلقية، قال إنه "في المناطق التي ينتشر فيها زيكا بشكل كبير ربما أوصي بتأجيل الحمل، لكن (كوفيد-19) ذو سيناريو سريري مختلف"، حسب تعبيره.
جهات صحية تحذر
تحذيرات متعددة أصدرتها جهات صحية رسمية للنساء من الحمل خلال الجائحة، ونصحتهن بتأجيل قرار الإنجاب حتى فك شفرات "كوفيد-19".
وزارة الصحة المصرية، ممثلة في قطاع تنظيم الأسرة والسكان، أصدرت منشورا توعويا للمتزوجين أواخر يونيو/ حزيران 2020، ونصحتهم بتأجيل قرار الحمل خلال فترة تفشي فيروس كورونا.
وقالت الوزارة، في المنشور، إن "مناعة المرأة تقل أثناء فترة الحمل ما يجعلها أكثر عرضة للإصابة بالفيروس، إضافة إلى أن تأثير كوفيد-19 على الجنين غير معروف حتى الآن، لذا فقرار تأجيل الحمل صحيح ومعقول حتى يختفي فيروس كورونا وتزول".
وحذر المنشور من خطورة كورونا على الجنين، موضحا: "قد تؤدى الحمي وهي من أعراض الفيروس إلى تشوهات خلقية على الجنين وقد يصل الأمر للوفاة".
ووفقا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الأمريكية، تشير الإحصائيات إلى أن النساء الحوامل أكثر عرضة للإصابة بأعراض "كوفيد-19" الحادة، ولديهن مخاطر وفاة متزايدة، وأيضا لديهن مخاطر متزايدة للولادة المبكرة أو الإجهاض.
وأوضح أن التقديرات تشير إلى أن مريضات كورونا الحوامل أكثر عرضة بخمسة أضعاف للحاجة إلى العناية المركزة أو جهاز التنفس الصناعي مقارنة بغير الحوامل.
وأضاف: "الحوامل أكثر عرضة للوفاة من الفيروس مقارنة بالنساء غير الحوامل المصابات بالمرض في نفس العمر.. بالنسبة لأولئك الذين يعانون من أمراض مصاحبة فإن الخطر أكبر".
أيضا يؤدي مرض "كوفيد-19" الشديد بدوره إلى زيادة مخاطر الحمل الأخرى، مثل الولادة المبكرة والولادة القيصرية واضطرابات ارتفاع ضغط الدم ونزيف ما بعد الولادة، وفقًا لبيانات المعاهد الوطنية الأمريكية للصحة الأخيرة.
في إحدى الدراسات التي نُشرت في JAMA Internal Medicine خلال يناير/ كانون الثاني 2021، قيم الباحثون حالة أكثر من 406000 امرأة أنجبت في الفترة بين أبريل/ نيسان ونوفمبر/ تشرين الثاني 2020 ووجدت أن المصابات بكورونا كان لديهن معدل أعلى بكثير من المضاعفات الرئيسية، بما في ذلك الولادة المبكرة وتسمم الحمل وأحداث الجلطة والموت.
تطعيم الحوامل
ونصح عدد من الخبراء بضرورة حصول الحوامل على لقاح "كوفيد-19"، كون الفيروس التاجي ينطوي على مخاطر إضافية عند مزجه بالحمل.
وتواجه الحوامل المصابات بكورونا خطرًا متزايدًا للإصابة بالمشاكل المتعلقة بالحمل مقارنة بالنساء الحوامل اللاتي لم يصبن بالفيروس.
ورغم أن تجارب اللقاح تهدف إلى استبعاد الحوامل، كما هو معتاد خلال جميع التجارب السريرية للأدوية الجديدة، فإن بعض الأشخاص الذين لم يعرفوا بعد أنهم كانوا حوامل أو حملوا أثناء التجارب لم تظهر عليهم أعراض غير مرغوب فيها، وفقا للدكتور شوارتز.
وقال: "أيضا هناك جزء من السكان الحوامل جرى تطعيمهم ويتم دراسة حالاتهم حاليا، ويبدو أن الحوامل الذين تلقوا اللقاح ليس لديهم نتائج غير مرغوب فيها حتى الآن".
سونيا راسموسن، طبيبة الأطفال وإخصائية الأوبئة بجامعة فلوريدا، التي تدرس الروابط بين العيوب الخلقية والأمراض، قالت إن الآلاف من العاملين في مجال الرعاية الصحية وغيرهم تلقوا بالفعل لقاحات كورونا أثناء الحمل".
وأوضحت أن الدراسات تُجرى الآن لفهم المزيد حول استخدام لقاحات كورونا أثناء الحمل، مضيفة: "بحلول الوقت الذي تتوفر فيه اللقاحات لعامة الناس سيُعرف المزيد، لكن المهم الآن هو التعرف على أن اللقاح آمن ويمكن أن يساعد في منع الأضرار التي قد تلحق بأي حالة".
وبالنسبة للأشخاص الذين قد يصبحن حوامل في المستقبل، رأت الطبيبة أنه "ليس هناك أي سبب على الإطلاق لعدم تلقي التطعيم".
وقالت راسموسن، لموقع Popular Science عبر البريد الإلكتروني، إن "فعل ذلك لن يؤذيك أو يضر بفرص إنجاب أطفال على الطريق".
وتشير معلومات خاطئة منتشرة على نطاق واسع حول اللقاح إلى أن هذا التطعيم يمكن أن يؤدي إلى العقم، تؤكد راسموسن: "لا يوجد دليل على ذلك".
وهناك بعض الأشياء المجهولة عندما يتعلق الأمر بالحمل وفيروس "كوفيد-19" أو لقاحاته، ورغم ذلك فإن أغلب الجهات الطبية اتفقت على أن الحصول على التطعيم، سواء للحامل أو من تخطط للحمل أو أثناء الرضاعة الطبيعي، هو أكثر أمانًا من الإصابة بكورونا.
واختتمت: "بناءً على ما نعرفه عن كيفية تطور اللقاحات يمكن للحوامل الحصول عليه".