اكتسب اتهام هيئة المحلفين بولاية ديلاوير "هانتر"، نجل الرئيس الأمريكي بايدن، بـ"التهرب الضريبي وغسل الأموال وانتهاكات قانون تسجيل الوكلاء الأجانب"، زخماً في الولايات المتحدة.
حيث يجمع المدّعون معلومات من العديد من شركاء "هانتر" حول مصادر دخله الأجنبي، بما في ذلك من أوكرانيا.
وتتزايد الضغوط على الرئيس الأمريكي "بايدن" ليشرح دوره في اتهام "استغلال النفوذ الدولي"، المتهم نجله بإدارته عندما كان "بايدن" نائبا للرئيس الأمريكي باراك أوباما.
في أكتوبر لعام 2020، حصلت صحيفة "نيويورك بوست" على وثائق من كمبيوتر محمول قيل إنه لنجل "بايدن"، وقد نقله إلى متجر بولاية ديلاوير بغرض إصلاحه خلال شهر أبريل 2019، ولم يستعده أحد، وقام صاحب المتجر بتشغيله فصُدم بشدة من محتوياته لدرجة أنه أبلغ مكتب التحقيقات الفيدرالي "FBI" ونسخ قرص البيانات بداخله.
وعندما ذكرت الصحيفة ذاتها في أكتوبر لعام 2020، أن "نجل بايدن كان يستخدم منصب والده، وهو في إدارة أوباما، في العلاقات الأمريكية الأوكرانية لإثراء كليهما"، رفضت بقية وسائل الإعلام الأمريكية متابعة القصة أو حتى ذكرها.
واتبعت وسائل التواصل الاجتماعي أسلوب التعتيم كذلك، واتخذ كل من موقعي "فيسبوك" و"تويتر" إجراءات لمنع مستخدميهما من الحصول على ما نشرته "نيويورك بوست" بشأن "فساد هانتر بايدن".
وفي مطلع فبراير الماضي، قدَّمت صحيفة "نيويورك تايمز" دعوى قضائية ضد وزارة الخارجية الأمريكية في محاولة للحصول على رسائل بريد إلكتروني بين نجل الرئيس الأمريكي "بايدن" ومسؤولين في السفارة الرومانية، وألقت باللوم على الوزارة لـ"فشلها في تسليم الوثائق التي طلبتها عبر قانون حرية المعلومات المعروف باسم FOIA في الوقت المناسب".
وبعد أن أكدت صحيفة "نيويورك تايمز" أن رسائل نجل "بايدن" الإلكترونية "حقيقية"، اتجهت وسائل الإعلام الأمريكية نحو إعادة النظر في القصة، ما يعني أن الأمر ربما كان عبارة عن "تورط في رشوة دولية".
وفي الوقت الحالي، بعد ما يقرب من عامين من انتخاب "بايدن"، أمكن لوسائل الإعلام أن تؤكد أن قصة صحيفة "نيويورك بوست" كانت صحيحة تماماً بعد تجاهل "بايدن" ومساعديه ما نشرته تلك الصحيفة قبل ثلاثة أسابيع من انتخابات 2020.. لقد أنكروا ما تم الكشف عنه بشأن "فساد" نجل الرئيس، ورفضوا الرد على التساؤلات المتعلقة بالاتهامات، واعتمدوا على وسائل الإعلام وحلفائهم في شركات التكنولوجيا الكبرى لفرض الرقابة على ما يُنشر حول "اتهامات فساد" تخص الرئيس "بايدن" وعائلته.
من ناحية أخرى، تُواجه إدارة "بايدن" عدداً من الأزمات، منها ارتفاع معدلات التضخم وزيادة أسعار الغذاء والطاقة، مما أدى إلى تراجع شعبية الرئيس، المنتمي للحزب الديمقراطي، بشكل كبير خلال الأشهر الأخيرة لتصل إلى 42%.
ومن المتوقّع استمرار تراجع شعبية "بايدن" بعدما أظهرت رسائل البريد الإلكتروني أنها تتناقض مع نفي "البيت الأبيض" أن "بايدن" التقى شركاء ابنه "هانتر" التجاريين الأجانب، حين كان نائبا لأوباما خلال عشاء نظمه ابنه لتقديم "عملاء محتملين" إلى والده.
وكشفت أدلة قدَّمها شريك "هانتر" التجاري السابق "توني بوبولينسكي"، ووثائق الخزانة المقدمة إلى تحقيق مجلس الشيوخ، عن تدفق ملايين الدولارات إلى عائلة "بايدن" وشركائه من مصادر أجنبية مشكوك فيها.
ومنذ فوز المرشح الديمقراطي، جو بايدن، بالانتخابات، شكَّك الرئيس السابق "ترامب" في إجراءات تلك الانتخابات -وانضم إليه ملايين من مؤيديه- وقدم العديد من الدعاوى لإثبات تزوير تلك الانتخابات، ولكن جميعها باء بالفشل.
ومع كشف "اتهامات فساد نجل الرئيس"، ذكر السيناتور الجمهوري "ريك سكوت"، أن "التستر ساعد بايدن على الفوز في الانتخابات".. وكتب على "تويتر": "أكدت نيويورك تايمز ما يعرفه الكثير منا بالفعل.. تآمر الديمقراطيون وحلفاؤهم في وسائل الإعلام وكبار شركات التكنولوجيا للتغطية على قصة بايدن الأصغر لمساعدة والده على الفوز بالانتخابات الرئاسية"، ما سيُؤثر بشكل أو بآخر على فرص الديمقراطيين في الانتخابات النصفية المقبلة، المقرر إجراؤها في نوفمبر المقبل.
وقبل انتخابات 2020 مباشرة، قدَّم "رودي جولياني"، محامي "ترامب"، هذه الملفات إلى "نيويورك بوست"، والتي تثبت "فساد بايدن الأصغر"، وتم تعميمها على المنافذ الإعلامية المحافظة الأخرى أيضاً، ممَّا أدى إلى انتشار قصص سلبية حول أعمال "هانتر" وحياته الشخصية.. ولكن رفض الديمقراطيون تلك الانتقادات بشدة، بحجة أن المواد "ربما تكون مزيفة أو مسروقة أو مسربة كجزء من حملة تدخل أجنبي شبيهة بما قيل عن قرصنة الحكومة الروسية وتسريبات رسائل البريد الإلكتروني للديمقراطيين في عام 2016".
وانضم "ترامب" إلى الجمهوريين في غضبهم من وسائل الإعلام لتجاهلها القصة في التحضير لفوز بايدن.. إذ قام موقعا فيسبوك وتوتير بمنع المستخدمين من مشاركة تقارير "تثبت صحة فساد نجل الرئيس"، وزعم الديمقراطيون والبيت الأبيض أن الكمبيوتر المحمول "يمكن أن يكون جزءاً من حملة تضليل روسية".
كما اتهم "ترامب" وعدد من الجمهوريين وسائل الإعلام الأمريكية بـ"عدم المهنية" نتيجة "التكتم على تقارير فساد تطال عائلة بايدن".
ومن المرجح أن تدفع هذه الضغوط وسائل الإعلام إلى الكشف عن أي معلومات حول ما يتردد عن "فساد نجل الرئيس الأمريكي"، ومدى ارتباط "بايدن" نفسه بها، خصوصاً أنها ستكون قضية انتخابية بامتياز خلال انتخابات التجديد النصفي للكونجرس.
في الخلاصة، ستؤثر قضية نجل "بايدن" على عمل المؤسسات الأمريكية، ودورها في مكافحة الفساد داخل الولايات المتحدة، والجهود الأمريكية الدولية لمكافحة الفساد عالميّاً، وكذلك على مدى ثقة الناخبين في النخبة الأمريكية ورجال الاستخبارات السابقين إذا ما ثبت تخليهم عن مهنيتهم ودورهم في تحقيق المصلحة القومية الأمريكية والحفاظ عليها، لصالح دعم مرشحٍ في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، نجلُه متهم بـ"استغلال منصب والده السياسي في قضايا فساد مع دول أجنبية".
ختاماً، يمكن القول إن "قضية فساد" نجل بايدن ستؤثر سلباً في تراجع شعبية الرئيس الأمريكي خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة لعام 2024، كما أنها ستؤثر على حظوظ الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي، وهو ما يعزز قوة القاعدة الانتخابية لـ"دونالد ترامب"، التي تتحدث عن "فساد المؤسسات والنخبة السياسة الأمريكية".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة