السوداني بمواجهة "جائحة" الفساد في العراق.. معركة بلا خطوط حمراء
وصف رئيس الوزراء محمد السوداني، تفشي الفساد في بلاده بالجائحة، متعهدا بوضع الآليات الكفيلة لردع كل أشكاله.
وخلال خطاب السوداني الأول في مجلس النواب، أثناء عرض برنامجه الحكومي، وصف السوداني الفساد في البلاد بـ"الجائحة"، التي تفوق خطر كورونا وحمله أسباب التدهور وعدم الاستقرار التي تعصف بالبلاد.
ويعزو خبراء الأسباب التي تدعو السوداني لوضع الفساد على جدول أولويات مهام السلطة التنفيذية إلى تدارك انهيار العراق بعد ضياع واستنزاف الثروات الطائلة ومحاولة لإعادة ثقة الشارع العراقي بالأداء الحكومي.
وتصدت أغلب الحكومات السابقة في العراق خلال العقدين الماضيين إلى محاربة الفساد ووضع الآليات عبر تشكيل لجان ومجالس مختصة عليا لكن لم يتحقق نتائج إيجابية.
كان وزير المالية السابق في حكومة الكاظمي، علي عبد الأمير علاوي، قد كشف أن أكثر من 250 مليار دولار جرى نهبها من العراق بين عامي 2003 و2020.
وقبيل تقديم استقالته، في أغسطس/آب الماضي، كان علاوي أعلن عن وجود شبهات بقضية فساد كبيرة تصل الى نحو 3 مليارات دولار في وزارة المالية، ما أثارت ضجة بين الأوساط السياسية والنيابية والعامة منها.
وبعد نحو أسبوعين على حكومة السوداني، وجه الأخير، بتشكيل لجنة خاصة لمكافحة الفساد من أجل دعم هيئة النزاهة، تأتي على غرار اللجنة التي شكلها سلفه الكاظمي بالأمر الديواني المرقم (29)، والتي عنيت بالتحقيق في الجرائم الكبرى وملفات الفساد ذات الأوزان الثقيلة.
كانت المبعوثة الأممية جيني بلاسخارت، قد وصفت قبل أيام "الفساد" في العراق بأنه التحدي الأكبر الذي يعرقل فرص التنمية.
وتشكك الكثير من الأوساط المختصة بإمكانيات السوداني في مواجهة الفساد خصوصاً أن بعض أوجه ذلك تتعلق بمصالح قوى متنفذة وذات قدرات كبيرة على مستويات المال والسلاح والتأثير في القرار السياسي.
المستشار المالي لرئيس الوزراء السابق ، مظهر صالح، يقول قال لـ "العين الإخبارية"، إن "سياسة السوداني واضحة في أولوياتها القائمة على وفق البرنامج الحكومي الذي صادق عليه مجلس النواب ومن الأولويات محاربة الفساد"
ويضيف "تعد سياسة مكافحة الفساد أولوية لبناء الدولة العراقية التي تقوم اليوم على سياسة حكومية متجددة وبمرتكزات ومبادئ ترسم خرائط المستقبل بمسارات واضحة المعالم ولاسيما النهوض بالتنمية الاقتصادية الاجتماعية وهي تغادر أشرس قيودها التي ظلت للأسف تمثلها معادلات الفساد بمتغيراته وثوابته الموروثة من عقود طويلة مضت".
من جانبه يقول الخبير القانوني أحمد العبادي، إن الفساد في العراق له وجوه عديدة ومواجهته تتطلب إرادة وطنية "فولاذية".
ويوضح العبادي، لـ"العين الإخبارية"، أن أحد جوانب الفساد تتمثل في الدوائر الخدمية التي لها اتصال مباشر مع حياة المواطن العراقي مثل مؤسسات العقار والمرور وغيرها والتي غالباً ما تشهد تعثراً في إنجاز تعاملاتها.
ويضيف العبادي، أن "محاربة الفساد تتطلب مع القدرات المادية تشريعات ومرافق عمل مؤسساتية بما يسهل عمل الجهات الرقابية والقضائية".
من جانبه يقول المحلل السياسي إحسان عبدالله:"هناك بعض أوجه الفساد مشرعنة تدار من قبل قوى سياسية في قضايا كبيرة مثل المشاريع والمنافذ الحدودية وتهريب النفط وهو من الصعب مواجهته في ظل المعطيات الحالية".
ويبين عبدالله لـ"العين الإخبارية"، أن "المخرجات السياسية التي جاءت بحكومة السوداني تضعه أمام قيود ومحاذير كبيرة".