معادن الطاقة.. حرب باردة تحكم سلاسل الإمداد العالمية
أدى الاضطراب الاقتصادي الناجم عن جائحة كورونا وأزمة سلاسل التوريد العالمية إلى تحديات خطيرة في إمدادات المعادن على المدى القصير.
وقال تقرير نشره لـ"اينرجي مونيتور" إن تأمين إمدادات معادن تحول الطاقة كان محط تركيز رئيسي للحكومات ومراكز الفكر والأكاديميين وذلك منذ أن أصدرت الوكالة الدولية للطاقة تقريرها الأساسي عن المعادن اللازمة في تحولات الطاقة النظيفة في عام 2021.
وتشير وكالة الطاقة الدولية إلى أن تأمين معادن انتقال الطاقة من أجل توسيع نطاق التكنولوجيا منخفضة الكربون يمثل بلا شك تحديًا عميقًا حيث تتطلب السيارة الكهربائية القياسية على سبيل المثال ، توفير ٦ أضعاف كمية المعادن التي يتم استخدامها في تصنيع السيارة تقليدية، بينما تحتاج محطة الرياح البرية إلى ٦ أضعاف الموارد المعدنية اللازمة لتشغيل أكثر من محطة تعمل بالغاز الطبيعي.
وأدى الاضطراب الاقتصادي الناجم عن جائحة كوفيد وأزمة سلسلة التوريد العالمية إلى تحديات خطيرة في إمدادات المعادن على المدى القصير، والتي بدورها كان لها تأثير حقيقي على انتشار التقنيات النظيفة.
وتتمثل إحدى طرق فهم التحدي الحالي للمعادن في العالم في النظر في كيفية زيادة أسعار معادن تحول الطاقة خلال تلك الفترة، مما يعكس كيف كافحت سلاسل التوريد العالمية لمواكبة الطلب.
وعرض تقرير انيرجي مونيتور بيانات أسعار المعادن اعتمادا علي بيانات من صندوق النقد الدولي والمسح الجيولوجي الأمريكي لتتبع المعادن التي تعرفها وكالة الطاقة الدولية بأنها حاسمة في التقنيات منخفضة الكربون.
التكلفة الباهظة للمعادن الهامة
ويعد أكثر احتياجات المعادن المستخدمة في صناعة الرياح هو الفولاذ. ولكن مع وجود مواقع عديدة لتصنيع الصلب في كل مكان على مستوى العالم، وكذلك وجود مصانع كبيرة لإعادة تدوير خردة الفولاذ بالفعل، فلا يتم تعريف الفولاذ على أنه معدن بالغ الأهمية.
وبدلاً من ذلك، تحدد معادن "هامة" لازمة لبناء توربينات الرياح البحرية وهي الكروم والنحاس والمنجنيز والموليبدينوم والنيكل والزنك، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.
وتتطلب توربينات الرياح البحرية حجمًا وتنوعًا أكبر من المعادن مقارنة بالتوربينات البرية ولذلك يجب مراجعة هذا النماذج بما يضمن تحليل أكثر انعكاسًا للمتطلبات المعدنية الواسعة للصناعة.
وارتفع سعر كل من هذه المعادن بشكل كبير بين يناير/ كانون الثاني 2020 ومارس/أذار 2023 ، حيث تراوحت من زيادة أسعار الزنك بنسبة 23٪ وزيادة سعر الموليبدينوم بنسبة 285٪ والتي تشهد حاليًا اضطرابات في العرض والطلب.
ويشير المجلس العالمي لطاقة الرياح إلى أن صناعة الرياح واجهت في العام الماضي بيئة اقتصادية صعبة، مما أدي إلي إضافة 78 جيجا إلي سعة الطاقة على مستوى العالم وهي الأدنى في السنوات الثلاث الماضية. كما أظهر تحليل "اينرجي مونيتور " أن سعر قدرة الرياح سعه 1 ميغاوات قد ارتفع بنسبة 38٪ في عامين نتيجة لزيادة تكاليف العمالة والشحن، وكذلك ارتفاع أسعار المواد الخام مثل المعادن.
وتعتبر المعادن الرئيسية المطلوبة في الطاقة الشمسية الكهروضوئية هي السيليكون والنحاس والنيكل والزنك ، وسجل سعر معدن السيليكون حتى نهاية مارس/آذار الماضي أعلى زيادة في الأسعار ، بنسبة 92٪ منذ يناير/ كانون الثاني 2020 بينما بلغ متوسط الزيادة في أسعار المعادن اللازمة للتحول 55٪ خلال نفس الفترة وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.
الخلايا الشمسية
ووفقًا لمجموعة سولار باور في أوروبا ، كانت للزيادة في أسعار المعادن تأثير حقيقي على سعر تركيب الخلايا الشمسية الكهروضوئية حيث أن هذا الاتجاه كان ملحوظًا بشكل خاص في أواخر عام 2021 وأوائل عام 2022 بعد زيادة الطلب على الطاقة الشمسية الكهروضوئية مقابل انخفاض أحجام إنتاج المعادن التي بدأت أثناء فترة كوفيد.
وأوضح متحدث باسم مجموعة سولار باور في أوروبا إلى إنرجي مونيتور: "كانت أسعار الوحدات الشمسية في العام الماضي أعلى من المعتاد بسبب الزيادات في أسعار البولي سيليكون ، ولكن بين أغسطس/آب 2022 ويناير/كانون الثاني 2023 ، ومع ظهور كميات ضخمة من الإمدادات الجديدة انخفضت الأسعار ولذلك يمكن تحقيق التوازن العرض والطلب."
الطاقة النووية
ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية ، تعد الطاقة النووية والطاقة الكهرومائية - واحدة من التقنيات منخفضة الكربون مع أقل كثافة معدنية. في حين أن أسعار اليورانيوم حاليًا تزيد عن ضعف ما كانت عليه في بداية عام 2020 ، لم يتم تضمين هذا المعدن في هذا التحليل لأنه وقود وليس معدنًا مطلوبًا لإنتاج المعدات.
وتعد المعادن الأساسية اللازمة للطاقة النووية تشمل الكروم والنيكل والمنجنيز والإيتريوم وارتفعت أسعار المعادن المهمة المطلوبة في الطاقة النووية بمعدل 106٪ منذ يناير 2020.
ويتوقع معظم المحللين أن الطلب على الهيدروجين الأخضر المنتج من تقنيات التحليل الكهربائي للمياه - سوف يرتفع في السنوات القادمة ومن المتوقع أن تنمو تركيبات المحلل الكهربائي بأكثر من 0.5 غيغاوات حاليا إلى أكثر من 1000 غيغاوات بحلول عام 2050 ، وفقًا لبيانات إس أند بي غلوبال.
وسيؤدي السعر المرتفع للغاز الطبيعي أن يكون الهيدروجين الأخضر سيكون بسعر أرخص من الهيدروجين الأزرق - الذي يتم إنتاجه من الغاز، إلى جانب احتجاز الكربون وتخزينه - في مناطق معينة ذات إمكانات عالية للطاقة المتجددة ، مثل الشرق الأوسط.
السيارات الكهربائية
وتتطلب المركبات الكهربائية عادةً معادن تشمل النحاس والنيوديميوم في محركاتها، والليثيوم والنيكل والكوبالت والمنجنيز في بطارياتها.
وارتفعت أسعار المعادن الهامة المطلوبة في المركبات الكهربائية بمتوسط 86٪ منذ يناير 2020 ، مع ارتفاع سعر الليثيوم على وجه الخصوص بأكثر من 400٪ بحلول بداية عام 2022 ، وبقي حوالي 200٪ فوق مستوى ما قبل الجائحة. .
ويشير أليستر بيدويل، مدير شركة ال ام سي أوتوموتيف ، إلى أن ليس هناك شك في أن أسعار الليثيوم ستعود إلى مستوى عام 2021 وأن سوق السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات سوف ينمو بشكل أسرع مما هو متوقع.
وتعتبر البطارية كحصة من تكاليف إنتاج السيارات الكهربائية أعلى من حصة تكلفة سيارة تعمل بمحرك الاحتراق الداخلي ، مما يضخم تأثير ارتفاع أسعار المواد الخام للبطارية على تكلفة السيارة ".
