انتخابات محلية في كوت ديفوار.. بالون اختبار يستبق الانفجار؟
نحو 8 ملايين ناخب إيفواري يتجهون السبت إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات محلية قد تكون بالون اختبار يستبق حالة انفجار.
فهناك، في البلد الواقع على خليج غينيا بغرب أفريقيا، لا تبدو الأمور بخير منذ سنوات طويلة، وفي ظل حالة الاحتقان والاستياء الراهنة، تحبس الطبقة الحاكمة أنفاسها خشية الانضمام لقائمة أنظمة أسقطتها جيوشها.
كما لا تزال المخاوف من تصاعد أعمال العنف ماثلة في الأذهان في هذا البلد بعد أكثر من عقد على أزمة 2010-2011 التي خلفت 3 آلاف قتيل و300 ألف لاجئ ومليون نازح، وفق أرقام أممية، حينما أعلن كل من الرئيس الحالي الحسن وتارا ومنافسه حينها لوران غباغبو الفوز في الانتخابات.
وترى المعارضة الإيفوارية أن انتخاب وتارا لولاية ثالثة غير دستوري، معتبرة أن الدستور يحد الولايات الرئاسية باثنتين وأن أي مسار تعديلي لا يمكن أخذه بعين الاعتبار.
وضمن المواجهات المتكررة مع النظام، أطلقت المعارضة العديد من الحملات الداعية لـ"العصيان المدني"، ودعت إلى إنشاء "مجلس وطني انتقالي" ليحل مكان وتارا.
بالون اختبار؟
هل يمكن لحزب "تجمع الهوفويتيين من أجل الديمقراطية والسلام"، الحاكم الحفاظ على معاقله السياسية في خضم تطورات إقليمية يبدو أنها منحت معارضة كوت ديفوار نفسا تفاؤليا أكبر؟
سؤال ستجيب عليه نتائج الانتخابات المحلية الجارية في 31 منطقة يتنافس عليها 93 مرشحا، و201 بلدية، يتنافس على مقاعدها 749 شخصا.
لكن المؤكد في الوقت الراهن أن الاقتراع سيكون فرصة للأحزاب السياسية لاختبار رصيدها في صناديق الاقتراع، وما إن كانت جاهزة بالفعل للانتخابات الرئاسية المقررة في 2025.
وفي الحزب الحاكم، يتنافس العديد من الوزراء لمحاولة الحفاظ على مجالسهم البلدية، ففي بلدية أبوبو، يسعى وزير الخارجية كانديا كامارا إلى الحصول على ولاية أخرى، تماما مثل أمادو كوني، وزير النقل وعمدة بواكي المنتهية ولايته.
وبالنسبة للحزب الديمقراطي لكوت ديفوار، أبرز خصوم حزب واتارا، فإن التحدي يتمثل في تحفيز الناخبين على الرغم من وفاة زعيمه التاريخي هنري كونان بيدييه والانقسامات داخل الحزب. ويتجلى ذلك في زيادة عدد المرشحين المستقلين، لا سيما في كوكودي وبورت بويت وبلاتو.
ومن جانبهم، سيحاول نشطاء الرئيس السابق لوران غباغبو استعادة معاقلهم المفقودة بعد عدة سنوات من الدعوات للمقاطعة.
وتُقدم الانتخابات على أنها الأكثر انفتاحا منذ انتهاء الأزمات السياسية التي هزت البلاد بين عامي 2002 و2011. وستكون جميع الحساسيات السياسية ممثلة في المشهد السياسي الإيفواري الذي شهد تحولات لكنه يظل مع ذلك مفتوحا على جميع السيناريوهات.
وبالنسبة للمرشحين المستقلين، ستمكنهم هذه الانتخابات أيضا من فهم وزن المرشحين المستقلين، الذين يرغبون في ترك شكل من أشكال الثلاثية التي ميزت التاريخ السياسي للعقود الثلاثة الماضية.
تحديات
من أبرز التحديات التي تواجه الانتخابات يكمن في تعبئة الناخبين للعودة إلى صناديق الاقتراع، ففي عام 2018 لم تتجاوز نسبة المشاركة في الانتخابات البلدية 35.78% وفي الانتخابات الجهوية 36.20%.
وتخللت تلك الانتخابات العديد من التوترات والاتهامات بالتزوير، في اضطرابات تخشى ياموسوكرو حاليا حدوثها مدعومة بمد تغيرات فرضتها انقلابات بالمنطقة.
ومساء الجمعة، دعا رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات المرشحين والناخبين إلى التحلي بالانضباط واللجوء إلى القنوات القانونية في حال حدوث خلاف.
لكن، مع ذلك لا تزال الشكوك تراود مراقبين بشأن نجاح الاقتراع في حفز الناخبين على الإدلاء بأصواتهم، حيث يرى المختص الإيفواري في علم الاجتماع سيفيرين كوامي، أن "الانتخابات تمثل تحديا للأحزاب السياسية، ولكن بالنسبة لشعب كوت ديفوار لم يعد هناك أي تحد".
واعتبر كواني، في حديث لإعلام فرنسي، أن الناخبين خاب أملهم بسبب تجاوزات النظام الذي بدأ يفقد زخمه، ويعتمد على الأجهزة السياسية أكثر من اعتماده على الأجهزة السياسية.
انفجار؟
في أواخر 2020، أعلنت اللجنة الانتخابية في كوت ديفوار فوز الرئيس المنتهية ولايته حينها الحسن واتارا بولاية رئاسية ثالثة، بعد أن حصل على 94.27 في المئة من الأصوات في انتخابات قاطعتها المعارضة وشابتها شبهات تزوير.
رفضت المعارضة النتائج وأكدت عدم اعترافها بها، قبل أن تعلن إنشاء مجلس وطني انتقالي " بهدف تشكيل "حكومة انتقالية"، وفق تصريحات لقياداتها، في خطوة وضعت البلاد على شفا المجهول.
محطة يخشى مراقبين أن تتكرر في تاريخ بلد تطوقه الاضطرابات منذ ذلك الحين، وفي وقت لا يزال فيه قسم واسع من الطبقة السياسية يرفض ترشح واتارا لولاية ثالثة.
انتخب وتارا رئيسا عام 2010 وأعيد انتخابه لولاية ثانية عام 2015، وسبق أن أعلن رفضه السعي لولاية ثالثة، قبل أن يغير رأيه بعد الوفاة المفاجئة لرئيس الوزراء أمادو غون كوليبالي الذي كان من المقرر أن يخلفه.
ويحدد دستور كوت ديفوار ولاية الرئيس بفترتين، لكن حكما للمجلس الدستوري قضى بأن الإصلاحات التي أقرت عام 2016 تسمح لواتارا بالترشح مجددا، وهو ما ترفضه المعارضة حتى الآن وتعتبره أمرا غير دستوري.
فهل يمر حزب واتارا هذه المرة من عنق الغضب والاستياء أم أن الاقتراع سيكتب فصله الأخير ليحيله على تقاعد اضطراري كما حدث في النيجر والغابون وغيرها من البلدان الأفريقية؟
aXA6IDE4LjExOS4yOC4yMTMg
جزيرة ام اند امز