كومبوسكورو.. أهلا بكم في قرية إيطالية لا تتحدث الإيطالية

تعرف إيطاليا بتاريخها وثقافاتها العريقة، البلد المليئة بالقرى الفريدة، منها كومبوسكورو، القرية الإيطالية التي لا تتحدث الإيطالية.
تقع كومبوسكورو بالقرب من الحدود بين إقليم بيدمونتى بين إيطاليا وفرنسا، قرية ساحرة مغمورة في الوادي البعيد لجبال الألب الجنوبية الغربية، حيث يأتي تفردها من عدم تحدث سكانها للإيطالية ومحاربتهم لترسيخ ثقافتهم بما في ذلك لغتهم الفريدة من نوعها، لغة البروفنسال Provençal.
وفقاً لتقرير لشبكة "سي إن إن" الأمريكية، فإن اللغة الرسمية لكومبوسكورو هي اللغة البروفنسالية، وهي لهجة لاتينية قديمة تعود للقرون الوسطى، وهي اللغة المستخدمة في إقليم أوكسيتانيا في فرنسا والتي تعد مزيجاً بين الفرنسية والإيطالية.
مرت منطقة إقليم بيدمونتى حيث يقع كومبوسكورو، بين الحكم الإيطالي والفرنسي عدة مرات في التاريخ، وهو ما يفسر بطريقة ما عدم شعور السكان المحليين بأنهم إيطاليين أو فرنسيين، ببساطة هم Provençal.
الصمت والطبيعة والتقاليد، هذه هي الكلمات الثلاث التي تلخص بمثالية تاريخ كومبوسكورو، القرية المعزولة بكل معنى الكلمة، الواقعة على أكثر أو أقل من 1000 متر فوق مستوى سطح البحر، حيث تهيمن الغابات الخضراء على كل شيء ويعيش سكانها على الاستمتاع بإطلالة جبال الألب، وفن الطهي والمحافظة على محادثاتهم اليومية، بلغة Provençal القديمة.
ويبدو أن اللغة الإيطالية لم تتفوق أبداً على لغة Provençal التي تصر كومبوسكورو، التي لا يسكنها حوالي 30 شخصاً، نتيجة هجرة العديد من سكانها بحثاً عن مستقبل أفضل، على التحدث بها.
الحياة في كومبوسكورو بعيدة كل البعد عن السهولة بالنسبة للسكان المحليين، حيث تتكون إلى حد كبير من عائلات رعاة، تجد قطعانها في كثير من الأحيان تتعرض لهجوم من الذئاب التي تتجول بها.
وللوصول إلى كومبوسكورو، يحتاج زوارها إما إلى الذهاب إلى مدينة تورينو بشمالي إيطاليا، وركوب القطار ثم الحافلة، أو القيادة جنوباً من إقليم بروفنس (في جنوب شرق فرنسا على الحدود مع إيطاليا والبحر الأبيض المتوسط) للوصول إليها.
وعلى الرغم من انقطاع الكهرباء بها لأسابيع خلال فصل الشتاء والاتجاه إلى الاعتماد على مصابيح الزيت القديمة، وبينما يكون اتصال الإنترنت ضعيفاً، فإن كومبوسكورو تعد وجهة مثالية للزوار الباحثين عن ملاذ معزول وهادئ.
في كومبوسكورو يمكن نسيان ضجيج الحانات والمتاجر والمطاعم، فقط الاستمتاع بالأحداث الفولكلورية التي تحدث في القرية.
وللمبيت في القرية الفريدة من نوعها، يمكن لزوارها النوم في أكواخ خشبية تقليدية ويتذوقون المنتجات الطازجة من البستان وشراء الصوف الممتاز من الأغنام الإيطالية الأصلية التي تسمى Sambucana، والمعروفة أيضاً باسم Demontina.
وهناك العديد من الأنشطة والفعاليات المختلفة التي تحتفل بالتقاليد البروفنسية، مثل المسرحيات التي يرتدي ممثليها أزياء تقليدية، أو العروض الفنية، أو الحفلات الموسيقية، أو المهرجانات، أو الرقصات الفولكلورية، أو مسابقات اللهجات، أو حتى متاجر الحرفيين.
كما يمكن للمهتمين بمعرفة المزيد عن تاريخ القرية الفريدة من نوعها، زيارة متحف كومبوسكورو الإثنوجرافي.
كما يقدم مركز الدراسات البروفنسية دورات في اللغة البروفنسية ودورات الكتابة للمبتدئين وكذلك الأطفال.
وفي شهر يوليو من كل عام، ينطلق الآلاف من المتحدثين باللغة البروفنسية الذين يرتدون الملابس التقليدية في رحلة رومياج، وهي رحلة حج روحية تنطلق من إقليم بروفنس في جنوب فرنسا على طول جبال الألب إلى كومبوسكورو عبر قمم ثلجية وأودية شديدة الانحدار وغابات الكستناء، وهو الطريق نفسه الذي سلكه أسلافهم قديماً.
وبمجرد وصولهم إلى كومبوسكورو، يتم الترحيب بالحجاج في مهرجان ضخم، حيث تقام الخيام والحظائر كسكن مؤقت.
وبعد حملات التوعية التي قام بها المجتمع المحلي، اعترفت إيطاليا رسمياً بوجود أقلية الأوكيتان في عام 1999، ولغة Provençal الآن محمية بموجب القانون الوطني، كما أنها أدخلت في أطلس اللغات العالمية المهددة بالخطر من قبل اليونسكو في عام 2010.